لاجئون يبحثون عن الدفء من خلال بيع منتجات يدويّة

لاجئون يبحثون عن الدفء من خلال بيع منتجات يدويّة
الرابط المختصر

تجلس اللاجئة الصوماليّة أسماء (22 عاماً) إلى جانب اللاجئة العراقيّة أمل (30 عاماً)، تعرضان منتجاتهما اليدويّة في بازار نظّمته المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين من 5 إلى 7 كانون الأوّل/ديسمبر في مكتب المفوّضيّة في عمّان، تحت اسم "بازار الشتاء مع اللاجئين".

 

يهدف البازار الذي تقيمه المفوّضيّة للمرّة الأولى لإبراز مواهب اللاجئين المقيمين في المخيّمات والمدن الأردنيّة، وتوفير دخل لهم لشراء مستلزمات شهر الشتاء، وتحديداً التدفئة.

 

تسرد أسماء التي هربت من جحيم الحرب الأهليّة في بلدها الصومال تفاصيل معاناتها ولجوئها إلى الأردن في عام 2015 بعدما هربت من الصومال إلى اليمن مع والدتها وإخوتها الصغار، على أمل أن يلتحق بها والدها الذي بقي مفقوداً في اليمن منذ ذلك الوقت.

 

تحاول من خلال تدوير المرطبانات الفارغة توفير القليل من المال لتؤمّن لعائلتها الدفء في فصل الشتاء. تقول أسماء التي تعيش في العاصمة عمّان لـ"المونيتور": "هذه المرّة الأولى التي أعمل بها في تدوير المرطبانات الفارغة، حيث أسعى إلى توفير بعض النقود لعائلتي، فنحن لا نملك عملاً في الأردن، الشتاء آتٍ ونحن في حاجة إلى توفير التدفئة".

 

وشمل المعرض مشغولات يدويّة للّاجئين من السودان والعراق وفلسطين أيضاً، إلى جانب مشغولات لمواطنين وجمعيّات أردنيّة تقدّم العون إلى الفئات الأقلّ حظّاً، واحتلّ التراث السوريّ مساحة واسعة من المعرض، حيث يعرض اللاجئ السوريّ أحمد القاسم مشغولات خشبيّة (أرابيسك)، ويقول لـ"المونيتور" إنّ "البازار يوفّر له فرصة لعرض جانب من الثقافة السوريّة، وعرض حرفة يدويّة توارثها عن أجداده منذ 33 عاماً ونقلها إلى الأردن بعد نشوب الحرب في سوريا".

 

وبيعت في المعرض رسوم لأطفال سوريّين لاجئين، قامت شركة The Orenda Tribe بطباعتها على الملابس والأواني، كما يقول مالك الشركة زيد السوقي لـ"المونيتور": "نستخدم الفنّ لتمكين الأفراد والفئات المهمّشة، من خلال تعليمهم الرسم، ثمّ نختار رسوم الأطفال ونضعها على الملابس والأواني ونبيعها ويعود نصف ريعها إلى الشركة والنصف الآخر إلى اللاجئين".

 

وخصّص اليوم الأوّل للبازار للسلك الدبلوماسيّ في الأردن، وحصل السفير الفرنسيّ في عمّان دافيد بيرتولوتي على هدايا تذكاريّة صنعها اللاجئون، اشتراها دعماً لهم، ويقول لـ"المونيتور" إنّ مثل هذه البازارات فرصة لدعم اللاجئين".

 

تقول نداء ياسين، وهي من قسم العلاقات الخارجيّة في المفوّضيّة لـ"المونيتور" إنّ "عدد المشاركين في البازار 92 شخصاً من مختلف الجنسيّات، منهم لاجئون من الصومال، وسوريا، والعراق، والسودان، ومن جنسيّات أخرى تساعد اللاجئين من دول مختلفة ومنظّمات دوليّة، وسيعود المردود الماليّ مباشرة إلى اللاجئين".

 

تؤكّد ياسين أنّ "البازار شهد إقبالاً في أيّامه الثلاثة وسيوفّر فرصة ليحصل اللاجئون الأكثر عوزاً على النقود لشراء بطّانيّات وملابس، خصوصاً أنّ الشتاء قارص جدّاً في الأردن، وأنّ عدداً من اللاجئين يعيشون في بيوت لا تتوافر فيها معايير الحياة الكريمة".

 

ودعا الممثّل المقيم لدى المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في الأردن ستيفانو سيفيري، خلال كلمة له في افتتاح البازار الجميع للمساهمة في دعم اللاجئين من خلال شراء منتجاتهم التقليديّة.

 

يقول المتحدّث الرسميّ باسم المفوّضيّة في الأردن محمّد الحواري لـ"المونيتور" إنّ "الأسابيع والأشهر المقبلة ستكون سيّئة على اللاجئين في الأردن، حيث سيواجه لاجئون من 40 جنسيّة مختلفة شتاء آخر بعيداً عن منازلهم، ومن المرجّح أن يشمل ذلك الأمطار والرياح الباردة والثلوج ودرجات الحرارة المنخفضة، ممّا يشكّل ضربة في نضالهم اليوميّ للبقاء على قيد الحياة".

 

ويضيف لـ"المونيتور" أنّ "الأسر اللاجئة أكثر عرضة للخطر، إذ تعيش الغالبيّة العظمى (أكثر من 80%) تحت خطّ الفقر الأردنيّ (96 دولاراً أميركيّاً)، وتزداد هذه النسبة بشدّة خلال أشهر الشتاء، حيث يشكّل شراء التدفئة والعزل والملابس الكافية ضغطاً إضافيّاً على الأسر اليائسة".

 

وحسب الحواري، "سيكون الشتاء صعباً في شكل خاصّ لعشرات الآلاف من الناس في كلّ أنحاء البلاد، يعيشون في مساكن من دون المستوى المطلوب، وقد تؤدّي الجدران الرطبة، وتسربّات المياه، والشقق المتضرّرة، والملابس غير المناسبة، إلى أمراض مرتبطة بالطقس".

 

بالنسبة إلى اللاجئين السوريّين في الأردن، سیکون ھذا الشتاء السابع في المهجر.

 

وبيّن أنّ المفوّضيّة "ستزوّد جميع اللاجئين في المخيّمات بمساعدة خاصّة لفصل الشتاء لمرّة واحدة، لصيانة المأوى وتغطية الاحتياجات الشتويّة الأخرى (14 دولاراً للفرد في الأزرق و14 دولاراً للأسرة في الزعتري)، إضافة إلى ذلك، سوف يحصلون على النقد لشراء عبوات الغاز للتدفئة والطبخ لتغطية كلّ أشهر الشتاء (من شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتّى شهر آذار/مارس).

 

وحول الإمكانات المادّيّة للمفوّضيّة، يقول الحواري: "سيكون ثلث ميزانيّتنا للّاجئين الذين يعيشون خارج المخيّمات، لأنّ غالبيّة اللاجئين في الأردن يعيشون في مدن في كلّ أنحاء البلاد، وسيحصل أكثر من 300 ألف لاجئ من كلّ الجنسيّات على دعم الشتاء في شکل مساعدات نقديّة، وستركّز المفوّضيّة على دعم الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأسر التي ترأسها نساء، والمسنّين، والأشخاص ذوي الإعاقة، والأطفال المعرّضين إلى الخطر، والأشخاص ذوي الاحتياجات الطبّيّة".

 

وتبلغ حاجة المفوّضيّة لفصل الشتاء 22.2 مليون دولار أميركيّ لتغطية كلّ من السوريّين والجنسيّات الأخرى، حيث تمّ تمويل 33% فقط في الوقت الراهن، ويؤكّد الحواري: "لم نتلقّ أيّ تبرّعات، خصوصاً لجهود فصل الشتاء حتّى الآن، لذلك نحن نقوم بتخصيص الأموال من المجالات الهامّة الأخرى للعمليّة، لضمان حصول الأسر الأكثر ضعفاً على الدفء هذا الشتاء".

 

إضافة إلى ذلك، تقول المفوّضيّة إنّها ستدعم جميع سكّان المخيّمات بأشكال مختلفة، تبعاً لحالتهم واحتياجاتهم المحدّدة: الغاز، وإصلاح المأوى، ودعم الصيانة، ومواد العزل، والبطّانيّات الحراريّة العالية، والسخّانات، وما إلى ذلك.

 

ويبيّن إحصاء حصل عليه "المونيتور" حتّى 30 تشرين الثاني/نوفمبر2017، توزيع اللاجئين المسجّلين لدى المفوّضيّة في الأردن، حيث احتلّت الجنسيّة السوريّة الحصّة الأكبر بمجموع 655 ألف لاجئ، تليها العراقيّة مع 65 ألف لاجئ، ثمّ اليمنيّة مع 9 آلاف لاجئ، والسودانيّة مع 4 آلاف لاجئ، والصوماليّة مع 808 لاجئين، وجنسيّات أخرى مع 1552 لاجئاً.