كيف يسعى الأردن إلى البحث عن توازن جديد في المنطقة؟

نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن سعي الأردن لإنشاء علاقات دبلوماسية جديدة في المنطقة من أجل تحقيق توازن جديد في الشرق الأوسط يلبي مصالحه. 

 

وقالت الصحيفة، في تقريرها ، إن الأردن من بين البلدان التي حافظت على نوع من الاستقرار مقارنة بالفوضى التي شهدتها الكثير من دول منطقة الشرق الأوسط. ولكن هذا الهدوء لا ينفي حالة الغليان التي تعيش على وقعها المملكة الهاشمية منذ بداية ثورات الربيع العربي. 

 

ونقلت الصحيفة عن الأستاذ الأردني عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية، قوله إن: "لم تعد لنا ضرورة مهمّة مثل السابق، حيث بدأت إسرائيل في ربط علاقات مع الدول العربية السنية المعتدلة، في حين تضغط الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية على الحكومة الأردنية حتى تقبل دون تفكير خطة السلام التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب". 

 

وأضافت الصحيفة أن الملك عبد الله الثاني عمل على إخماد الاحتجاجات التي ملأت شوارع الأردن سنة 2012 في أعقاب الثورة التونسية والمصرية، وقد وعد المحتجين بجملة من الإصلاحات السياسية التي أصبحت لاحقا طيّ النسيان.

 

كما عمل الأردني على إسكات احتجاجات الأردنيين ضد مشروع قانون ضريبة الدخل، الأمر الذي دفع هاني الملقي رئيس الوزراء آنذاك إلى تقديم استقالته. وكان هذا القانون يقتصر على تطبيق التعديل المالي الذي يتطلّبه صندوق النقد الدولي لإنقاذ البلاد من الإفلاس.

 

ونقلت الصحيفة عن الرنتاوي أن الشرطة خرجت إلى الشوارع السنة الماضية لمنع موجة أخرى من المظاهرات قبل حتى اندلاعها، ولكن المشاكل السياسية والاقتصادية ما زالت قائمة وتنتظر حلولا. وبعد مرور أسابيع من الضغوط الأمريكية والسعودية المسلطة على الأردن، أرسلت حكومة الملك وكيل وزارة غير معروف إلى الندوة الاقتصادية حول المنافع المترتبة عن "صفقة القرن" بين الإسرائيليين والفلسطينيين برعاية البيت الأبيض، التي عُقدت في نهاية حزيران/ يونيو، في البحرين. وقد اختارت عمان هذه الطريقة لتعبر عن رفضها للمبادرة الأمريكية.

وأشارت إلى أن مجلس الوزراء قد منح المملكة منعطفا دبلوماسيا جديدا يوم الثلاثاء لتحديد المسافات من خلال استئناف العلاقات الكاملة مع قطر. والجدير بالذكر أن عمان قد سحبت سفيرها من قطر قبل عامين تضامنا مع قطع العلاقات التي أعلنتها السعودية والإمارات ومصر ضد قطر ومعاقبتها من خلال الحصار الاقتصادي. 

 

وفي الوقت الذي خفضت فيه الرياض دعمها المالي للأردن خلال السنة الماضية كإجراء للضغط على عمان للموافقة على خطة ترامب للسلام، قدمت الحكومة القطرية مساعدات قدرها 500 مليون دولار، ووفّرت وظائف لحوالي عشرة آلاف عامل أردني.  

 

وذكرت الصحيفة أن قطر قد شكّكت، تماما مثل تركيا، في خريطة الطريق التي صممها جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي وصهره أيضا، حيث أن هذه الخطة لا تتضمن حل الدولتين الذي أقره أغلبية المجتمع الدولي. ومن ناحية أخرى، تدهور الاقتصاد الأردني بعد اندلاع الحروب في العراق وسوريا وهو ما حرّك دورها كنواة للمبادلات الاقتصادية والخدمات المالية في الشرق الأوسط، مع العلم أن معدل البطالة في الأردن قد بلغ نسبة 20 بالمئة. 

 

وقد أكد الرنتاوي أن "صفقة القرن التي يقترحها البيت الأبيض الأمريكي تشكل تهديدا وجوديا واضحا على مستقبل الأردن"، خاصة بالنظر إلى التركيبة الديموغرافية للبلاد. وأضاف الرنتاوي أن "7.5 مليون نسمة فقط يحملون الجنسية الأردنية من بين عدد السكان الإجمالي للبلاد البالغ عددهم 10.5 مليون، علما بأن 50 بالمئة منهم منقسمون بين البدو وإمارة شرق الأردن، وهي النخبة التي تسيطر على قوات الأمن والسلطة السياسية، بالإضافة إلى الأردنيين من أصول فلسطينية الذين يهيمنون على جزء مهم من عالم الأعمال في البلاد". 

 

وذكرت الصحيفة أن الأردن يضم حوالي ثلاثة ملايين ساكن لا يحملون جوازات سفر أردنية، أكثر من نصفهم من اللاجئين السوريين واليمنيين والمهاجرين المصريين، أما الباقون فهم لاجئون فلسطينيون لا يحملون الجنسية الأردنية. في هذا الصدد، أورد الرنتاوي أن "منح جواز السفر والحق في التصويت لأكثر من مليون فلسطيني، كما تدعو خطة ترامب، من أجل حرمانهم من حق العودة من شأنه أن يفجّر ميزان الاستقرار في الأردن".

  

وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن الإصلاحات السياسية والاقتصادية العاجلة تعيش حالة من الركود والشلل، ولا يتم حتى التعبير عنها في البرلمان والأحزاب الأردنية. ومن جهته، علّق الرنتاوي قائلا: "لا ينبغي أن تكون القرارات في يد الملك فحسب، بل بين يدي حكومة منتخبة في صناديق الاقتراع". 

أضف تعليقك