كرة القدم... أكبر من "مستديرة"

كرة القدم... أكبر من "مستديرة"
الرابط المختصر

"فريق ليفربول الانجليزي وتشجيعه، هو من بين أهم أولوياتي في الحياة".. بهذا عبر الشاب سعيد عن مدى ارتباطه بمتابعة كرة القدم وفريقه المفضل.

 

فـ"ارتباطي بكرة القدم بشكل عام، ونادي ليفربول بشكل خاص، يعود إلى المشاعر التي تمنحني إياها هذه الرياضة، فلا توازي فرحتي بهدف مهم لهذا الفريق أية فرحة في حياتي"، يضيف سعيد.

 

اجتماعيا، تلعب كرة القدم دورا كبيرا بالتأثير على متابعيها وعلى علاقاتهم مع كل من حولهم، فغالبا ما فشلت محاولات عشاقها على إيهام أنفسهم بأنها مجرد لعبة لا تؤثر على شخصياتهم، ونمط حياتهم، على ترتيب أولوياتهم، ورسم أحلامهم وطموحاتهم، إضافة إلى انعكاس مجريات مبارياتها على مشاعرهم حزنا أو فرحا.

 

أما الشاب العشريني عمر، وهو أحد مشجعي نادي برشلونة الإسباني، فيصف كرة القدم بأنها ليست مجرد "جلدة منفوخة" تجري أقدام اللاعبين وراءها، ولا مجرد لعبة يتم متابعتها لتمضية الأوقات،  فما يربط المشجع بها يتجاوز حدود "التسعين دقيقة" .

 

ويعتبر عمر أيام عرض مباريات فريقه برشلونة، عطلة عامة Off، حيث لا يرتبط بأي موعد فيها، ويرتب جدول اهتماماته والتزاماته بناء عليها.

 

ولا تختلف صديقته شيماء بهوسها بتشجيع ناديها الألماني بايرن ميونخ، حتى بات حلمها متمثلا بالتفوق على زملائها في الجامعة، للحصول على منحة تمكنها من السفر إلى ألمانيا، والعيش مع هذا الفريق تحت سماء واحدة.

 

وتصف أم بهاء حال أبنائها الأربعة أثناء متابعتهم للمباريات، بأنهم يبدون وكأنهم لا يزالون أطفالا، بشعورهم المتكرر بدهشة المرة الأولى لحظة مشاهدة فريقهم في الملعب، بفضل هذه "الطابة المنفوخة".

 

إلا أن هوس بعض المشجعين لا يتوقف عند هذا الحد الذي تحكمه الروح الرياضية، ليصل إلى حد الدخول في عراك بعد بعض المباريات، كما يحدث أحياناً في شوارعنا بعد مباريات "الكلاسيكو" الكبيرة.

 

الصحفي المختص بالشأن الرياضي ثائر الشيباني، يرجع هذه الظاهرة إلى المستوى الثقافي والتعليمي للمشجع، والبيئة الأسرية له، وليس لرياضة كرة القدم.

 

ويؤكد الشيباني، على ضرورة إيلاء وسائل الإعلام اهتماما أكبر بإبراز الروح الرياضية بين المشجعين، توعويا وتثقيفيا، ونقل مواقف إنسانية كان لكرة القدم الدور في تحقيقها، من أجل الحد من ظاهرة العنف التي انتشرت بين فئات لا بأس بها منهم.

 

ويشير إلى ارتباط شريحة الشباب بهذه الرياضة، كونها أكثر الألعاب شعبية على مستوى العالم، فالأطفال يتعلمون منذ أول خطواتهم، ممارسة حركاتها وأدائها في الأزقة والحارات.

 

وكان عشق كرة القدم السبب الرئيسي بدخول الشاب عبد الله الشيخ لعالم الإعلام بشقيه الرياضي والسياسي، والمساهم الأكبر بتشكيل شخصيته ذات الطموح والأهداف الكبيرة.

 

ويضيف "لا شك أن لكل شخص فريقه المفضل ولاعبه الذي يعشقه، ولكن على الشخص أن يتحلّى بالروح الرياضية، فالتعصب في كرة القدم لا يقود إلى متعة مشاهدة المباريات، ولا حتى إلى التحليل المنطقي لمجرياتها".

 

"المستديرة" ولعبة السياسة

 

ولم تنفصل كرة القدم منذ نشأتها عن الحياة السياسية، حيث دخلت هذه اللعبة في أحابيل السياسة، ظهر باستغلال بعض السياسيين لنفوذهم من أجل السيطرة على الأندية الكبيرة وجماهيرها، أو باستثمار رياضيين قدامى لشهرتهم وجماهيرتهم، للدخول إلى الحياة السياسية والفوز بمقاعد انتخابية في بعض الحالات.

الستيني أبو عاصم، أحد المتابعين والمشجعين القدامى، يؤكد مدى ارتباط السياسة بكرة القدم، مدللا على ذلك بامتناع غالبية الدول العربية عن بث مباراة المنتخبين الإيطالي والبرازيلي ضمن نهائيات كأس العالم عام 1982، لأن حكم المباراة كان إسرائيليا.

 

"كما أن المنتخب الفلسطيني استطاع المشاركة في البطولات الكبيرة، حاملا علم بلاده ومقاومة شعبه، رغم الاحتلال وتضييقاته على إدارته ولاعبيه"، يقول الشيباني.

 

وفي عام 2007، تمكن المنتخب العراقي من الفوز ببطولة آسيا، الأمر الذي ترك فرحة غامرة في قلوب الشعب العراقي رغم النكبات التي تعرض لها بلدهم، وظهرت في تصريحات كبار السياسيين والرياضيين.

 

وأكد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم في حينه جوزيف بلاتر أن الإنجاز الذي حققه المنتخب العراقي،  يوضح أن لكرة القدم قدرة كبيرة على توحيد الناس، بتعزيز المشاعر الوطنية لأناس عانوا من الحروب الطائفية لأعوام طويلة، على حد تعبيره.

 

وبهذا يمكن القول إن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي "فن" كغيرها من الفنون، وهذا ما جعل منها لغة عالمية تتواصل وتتقارب الشعوب من خلالها، وما جعل منها اللعبة الأكثر شعبية في العالم، فالحشود التي أبعدت الفروق الاجتماعية ما بينها، وأشعلت الشؤون السياسية النيران بعلاقاتها، يجمعها الحماس، والشغف والمتعة داخل "المستطيل الأخضر".

 

أضف تعليقك