كتاب التكليف: مرحلة انتقالية ومشاكل مرحّلة

كتاب التكليف: مرحلة انتقالية ومشاكل مرحّلة
الرابط المختصر

لم يقتصر كتاب التكليف السامي لحكومة رئيس الوزراء الجديد هاني الملقي على الاستحقاق الدستوري المتعلق بإجراء الانتخابات في الفترة التي لا تتجاوز أربعة شهور من تاريخ حل مجلس النواب، انما تطرّق الكتاب لتوجهات متعلقة بملفات ادارية واقتصادية وسياسية داخلياً وخارجياً.

 

الكتاب أولى القضايا الاقتصادية اهتماماً كبيراً حيث تم ذكرها في الكثير من الجوانب، وبدعوة للتصدي لمشاكل الفقر والبطالة وتعزيز منظومة النزاهة والشفافية، ويتعامل مع الحكومة على أساس أنها باقية ومستمرة وليست مرحلية يتعلق وجودها بالانتخابات النيابية فقط.

 

وزير الداخلية السابق سمير الحباشنة  يؤكد أنه لا يوجد في الاردن مصطلح "حكومة انتقالية" لأن الحكومة التي تجري الانتخابات ليس بالضرورة ان تستقيل، موضحاً أنه قد يتقدم هاني الملقي الملقي بعد الانتخابات ببرنامجه الوزاري الى البرلمان ويطلب الثقة بموجبه، واذا ما التقت اراده الملك بإعادة تكليفه مع ارادة البرلمان بمنحه الثقة فستستمر حكومته بالعمل، مستشهداً بأنه لو كانت الحكومة انتقالية لكان كتاب التكليف السامي مقتصر على اجراء الانتخابات النيابية فقط.

 

وأضاف الحباشنة أنه أول وأهم ما يجب على الحكومة القيام فيه هو إجراء الاستحقاق الدستوري بنزاهة، الامر الذي اعتبره مطلباً وطنياً لسمعة الاردن بأن تخوض انتخابات لا يشوبها شائبة وان تضع محددات بحيث لا يكون للمال الاسود والانتخاب غير الموضوعي مكانة في مسيرة البلاد القادمة.

 

أما في موضوع القضايا الاقتصادية المذكورة في الكتاب، فبيّن الحباشنة أن الحكومة في حال استمرت فالمطلوب منها "اجتراح نموذج اقتصادي اجتماعي" يكون له أكثر ملموس وواضح على حل المعضلات الحقيقية المتعلقة بالبطالة والفقر وانفلات السوق والتباين الكبير في مستويات الدخول للأردنيين، وهو ما يحتاج "الى وقفة مراجعة حقيقية تعيد التوازن للدولة وتعيد احياء المجتمع المستقر الذي تكون الطبقة الوسطى شاغلة للمساحة الأوسع فيه" وفقاً للحباشنة.

 

وحسب الحباشنة فإن المرحلة ليست مجرد حكومة ووزراء، انما "مرحلة غير تقليدية تحتاج لقرارات نوعية وجراحية قد تغضب بعض اصحاب المصالح، ونحتاج الى شفافية امام الشعب والوطن والناس".

 

السياسي خالد رمضان يرى أن فترة الشهور الاربعة المتعلقة بإجراء الانتخابات هي شهور صعبة ومعقدة ومربكة وأي حديث عن معالجات اقتصادية هو حديث خارج النص، مضيفاً أن أي حكومة لا تأتي ضمن برنامج واضح يشارك فيه المجالس النيابية تكون خارج السياق أصلاً.

 

ووفقاً لرمضان فإن الحكومة الجديدة سوف تأتي على برنامج منجز اقتصادياً أهم معالمه هو صندوق الاستثمار الاردني السعودي،  وقبول الاردن بوصفة صندوق النقد الدولي التي تضر بالفئات المهمشة والفقيرة.

 

كما اعتبر رمضان أن "المسار اليوم متعلق بآلية شطب القضية الفلسطينية، وأين نذهب كأردن باتجاه فلسطين وما يجري من التآمر على القضية الفلسطينية في ظل ما يدور اقليميا من الدم الذي يجري في سورية والعراق ومصر والظروف الملائمة للكيان الصهيوني والولايات المتحدة".

 

"التحدي الكبير أمام هذه المرحلة الآن هو كيف يتم إعادة الاعتبار لمفهوم دولة المواطنة ودولة القانون" يقول رمضان، معتبراً أن الإشكالية الكبيرة اليوم هي تراجع دولة القانون والمواطنة.

 

ويشدد رمضان بأن الحكومات بشكل عام سواء الحالية او السابقة أو التي ستلحقها لا قرار لها بمفاصل الدولة الرئيسة، ولا بالسياسة الخارجية ولا بالقرارات العليا الاقتصادية، خصوصاً وأنه ضمن ميزان القوى الاجتماعي السائد لا يُعول على حكومة بعينها.

 

المحلل الاقتصادي فهمي الكتوت يرفع من أهمية المهمة المركزية أمام هذه الحكومة والمتعلقة بإجراء الانتخابات، وبالتالي "لن تستطيع ان تتناول مجموع الملفات الرئيسية التي تتعلق بالوضع الاقتصادي والفقر والبطالة وقضايا السياحة وبقية القضايا الواردة في كتاب التكليف".

 

وفي إشارة لغياب مكافحة الفساد عن خطاب التكليف، فأوضح الكتوت أنه "ليس نابع من استطاعة حكومة النسور القضاء على الفساد، انما الى عدم التركيز على هذا الجانب من منطلق ان استمرار الحديث فيه يؤثر على الاستثمار والمستثمرين".

 

ويفترض الكتوت أنه من الضرورة الحديث عن نهج جديد يتناول كل هذه القضايا، مؤكداً أنه من المجحف ان يتم الحكم على الحكومة قبل ان نرى برنامجها، لكنه بذات الوقت يقلل من قدرة الحكومة الجديدة على التعامل مع الكم الهائل من المشاكل المتراكمة والمتعاقبة على مدار سنوات وحكومات كثيرة.

 

هذا وتطرق الكتاب إلى استكمال مشاريع الربط الإلكتروني والحوسبة، وتعزيز دور مجلس اعتماد المؤسسات الصحية، وتوسيع مظلة التأمين الصحي، والاهتمام بالسياحة العلاجية، وتسهيل جميع الاجراءات ذات العلاقة خدمة للاقتصاد الوطني