قمة عمانَ..أجندات ثقيلة في انتظار العرب
اجندات متخمة وثقيلة تنتظر القمة العربية المزمع عقدها في العاصمة عمّان في آذار/ مارس المقبل، يرى مراقبون أن هذه الأجندة سيفرضها التحول الميداني المتسارع في المعادلة العربية في السنوات الأخيرة، إلى جانب متغيرات دولية، أبرزها انتخاب الرئيس دونالد ترامب في الولايات المتحدة، إضافة إلى توسع نفوذ إيران في المنطقة.
لكن محللين، تحدثوا لـ"عربي21"، يقللون من إمكانية اتخاذ قرارات استثنائية في القمة المرتقبة؛ نظرا لكونها "امتدادا لأجندات القمم العربية السابقة التي بقيت قراراتها حبرا على ورق".
ولم يطبق أي قرارت القمة السابقة التي عقدت العام الماضي في شرم الشيخ المصرية، وعلى رأسها البدء في إجراءات إنشاء القوة العربية المشتركة، ليستعاض عنها بالتحالف الإسلامي الذي تقوده السعودية لضرب الحوثيين في اليمن.
ترامب وتوقيت انعقاد القمة
وفي هذا السياق، عبّر المحلل السياسي عامر السبايلة، عن اعتقاده بأن "توقيت انعقاد القمة يأتي بعد تولي الرئيس الأمريكي ترامب لكامل مهامه، مما سيترك أثرا على نقاشات القمة حول شكل السياسة الأمريكية بالنسبة للدول العربية، وما هي الأولويات ومحاولات الدول العربية لمواجهة التغيير القادم في هذ السياسة، وكيفية التعاطي معها وخصوصا العلاقة الأمريكية مع السعودية ودول الخليج".
يصف السبايلة قمة عمان القادمة بـ"الاعتيادية"، وقال لـ"عربي21" إن عمّان "لن تكون قادرة على جلب الخصوم، والإعلان عن شكل الحلول السياسية التي تحتاجها البلدان العربية؛ بسبب ما ستشهده القمة من غياب دول كثيرة، باعتبار أن اختلاف الأولويات والأهمية يمكن أن يتجلى في هذه القمة"، على حد قوله.
سوريا غير مدعوة
وستحل القمة العربية في عمان بدورتها السابعة والعشرين وسط غياب الجارة الشمالية، سوريا، بسبب قرار سابق لجامعة الدول العربية في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011؛ علّق مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها؛ احتجاجا على قمع النظام السوري للمدنيين منذ ذلك الحين.
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني في مؤتمر صحفي في وقت سابق من هذا الشهر؛ إن "الأردن لن يدعو الحكومة السورية إلى المشاركة في القمة العربية، لوجود قرار سابق علق مشاركة سوريا"، مؤكدا في الوقت ذاته أن "علاقات الأردن الدبلوماسية مع سوريا قائمة".
من جهته، رأى الكاتب والصحفي الأردني، بسام بدارين، أن "تغييرا سيطرأ على أجندات القمة في عمان، كونها تعمل ضمن أولويات مختلفة جديدة، مما يعني تراجع كل الوقائع الكلاسيكية التاريخية"، وفق تقديره.
وقال لـ"عربي21": "القمة العربية تريد التعامل مع مرحلة ترامب، بمعنى أنه يجب على القمة أن تتبنى مخاوف السعودية ودول الخليج من موضوع انتخاب ترامب؛ باتجاهين أولا: قانون جاستا، ثم موضوع الملف النووي الإيراني، وأعتقد أن هذه ستصبح أولوية".
من يضع أجندة القمة؟
لكن هل تضغط دول الخليج على المُستضيف للقمة لتحديد الأجندة؟ يجيب بدارين: "نحن غير محتاجين لضغط خليجي، الأردن يعرف تماما موقف الخليج، وستأتي قمة عمان انسجاما مع مضمون بيان القمة الخليجية. فالأردن لا يستطيع، لاعتبارات مفهومة، التغريد سياسيا خارج السرب السعودي، ولا يستطيع إظهار أي نوع من التمايز مع موقف أهل الخليج من القضايا المهمة، مثل إيران والعراق وسوريا".
وأضاف: "إعلان الحكومة الأردنية عدم دعوة الحكومة السورية للقمة؛ يخدم إظهارا مبكرا لموقف الأردن في عدم مغادرة مقررات القمة الخليجية التي قالت إنه لا مكان للأسد في المعادلة السورية، وأعتقد أن الأردن يختبر النوايا والمستجدات، ويشكل حالة تضامن مع قمة الخليج".
وكانت القمة الخليجية التي عقدت في العاصمة البحرينية في 7 كانون الأول/ ديسمبر الجاري؛ قد خلصت إلى انتقاد التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ومطالبة طهران بتغيير سياستها في المنطقة.
حلب
من جهته، قلّل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني، رائد الخزاعلة، من تأثير فوز ترامب على أجندة القمة العربية في عمان، وعلى السياسية الخارجية الأمريكية برمتها، مفسرا ذلك بـ"بوجود ثوابت في السياسية الخارجية الأمريكية لا تتأثر بتغيير الأشخاص".
وأكد الخزاعلة لـ"عربي21" أن "سقوط حلب سيطغى على القمة العربية، من حيث التشبث بالحل السياسي أكثر من الحل العسكري".
ويشير بدارين من جانبه؛ إلى أن "سقوط حلب سيفرض وقائع جديدة على الأرض، وإيقاعا جديدا في مسألة جنوب سوريا، بالتالي ستبرز أجندات عربية ستحاول فرض نفسها على القمة العربية المقبلة"، مضيفا: "بالطبع ستكون هذه المستجدات أساسية ومهمة ونقاط تحول لها تأثير، وأتوقع أن يكون لانتخاب ترامب وموضوع حلب التأثير الأكبر على القمة"، وفق تقديره.
ويضيف السبايلة ملفا ثالثا يراه مهما؛ على أجندة القمة "يتمثل في مكافحة الإرهاب التي ستكون إجبارية، كونها مرحلة أصبحت تطال الجميع، خصوصا أن بوصلة السياسة الأمريكية تقول إن الحرب على الإرهاب أساسية، وبالتالي قد تسمح الدول العربية للتناغم مع هذه الأولوية؛ نظرا لخبرة هذه الدول في طبيعة التعاطي مع هذا الملف"، على حد وصفه.
وعليه، يبقى السؤال: هل ستنجح القمة العربية بنسختها السابعة والعشرين بجمع الفرقاء من العرب على طاولة واحدة؟ والأهم: هل ستنجح في إيجاد حلول سياسية لأزمات المنطقة؟ وفوق كل هذا وذاك: هل سيتم تطبيق القرارات التي يتم اتخاذها؛ أم ستبقى حبرا على ورق على غرار القمم السابقة؟