قطف ثمار الزيتون تراثٌ يُعزز الروابط العائلية ويوفر فرص عمل موسمية للشباب
يترقب المزارعون موسم قطف ثمار الزيتون لعصره والإستفادة من زيته ، فبحسب الأمثال التي توارثها أبناء بلاد الشام " خبزي وزيتي عمارة لبيتي، ويقال أيضا الخبز والزيت عمار للبيت "،وغيرها العديد
من الأمثال التي تؤكد أهمية تأمين المنزل بكمية وافرة من زيت الزيتون.
السيد محمد يوسف "أبو أحمد"، وهو مالك لإحدى المزارع في لواء بلعما ،كان بادياً عليه السعادة وهو يتحدث عن موسم قطف ثمار الزيتون قائلاً:- "الحمد لله رب العالمين قمنا اليوم أنا وعائلتي منذ
الصباح الباكر بالمباشرة بقطف ثمار الزيتون،ونحن في كل عام وفي مثل هذا الوقت نقطف الزيتون في جو عائلي حميم ،حيث نجتمع مع أولادي وبناتي والأحفاد نتعاون جميعا لقطف الزيتون والتي قد تأخذ
منا بضعة أيام، حتى نتمكن من إتمام قطف كامل الزيتون.
ومن أجمل الأوقات تلك هي التي نقضيها معا كعائلة حيث أننا جميعا نحب هذه اللحظات الجميلة والممتعة وكأنه والله عيد أو مناسبة فرح، فبناتي ينشدن الأغاني الفلكلورية والتي
تتغنى بالزيتون،وكذلك الشباب، وجميعنا نكثر من التسبيح والحمد والشكر لله على هذه النعمة والرزق الحلال".
وعبرت السيدة أم أحمد وهي ربة بيت أن من اللحظات الجميلة التي تقضيها بالمزرعة، التفاف العائلة وتحضير مائدة الطعام لهم.
الشاب قاسم جبارة ،أعرب عن انتظاره وأخوته وزوجاتهم موسم قطف الزيتون بفارغ الصبر،موضحا أنه يتضمن مشاريع الزيتون بحيث يتفق مع المالك صاحب الأرض على آلية أن يتضمن الزيتون مقسما إما على الثلث أو النصف،مضيفا :" ونأخذ بالمقابل زيت وذلك بحسب الاتفاق مع المالك ،لأن الزيتون أحيانا يباع كثمر،وهناك زيتون يتأخر بالقطاف لإنتاج كمية أكبر من زيت الزيتون ".
مبينا أهمية مشاركة العائلة بقطف الزيتون قائلاً :- نحن ننتظر كل موسم بموسمه ،تلتم العائلة،والأحفاد وأولاد العمومة والخالات في جو مليء بالألفة،ووسبحان الله كل سنة تكون لها بهجة ، سنويا.
ننتظر منتصف تشرين الأول أو بعد منتصف تشرين الثاني، إذ تجتمع العائلة وسط جو من المرح وإلقاء أبيات الشعر،أجواء رائعة جدا نجتمع بعيدا عن الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي التي أشغلتنا نوعا ما عن العائلة.
وختم جبارة كلامة قائلا:" وبالنهاية هذا تراث أجدادنا ويجب المحافظة عليه ،ومن ناحية أخرى توفر فرصة للشباب كفرصة عمل مؤقتة وبحسب المشاريع ،منها ينتهي بعد أسبوعين وبعضها الآخر يستمر
لنحو شهرين،صحيح هو موسم واحد في العام ولكن يترك وراءه بصمة جميلة،خاصة حين نذهب للمعصرة ونتابع مراحل عصر الزيتون،ونشتم رائحة الزيت الشهية ".
ويبقى قطف ثمار الزيتون رمزاً للتواصل مع الأرض والجذور،ووسيلة لتعزيز روح التعاون والتلاحم بين أفراد الأسرة،إلى جانب الأهمية التراثية.
كما يشكل هذا النشاط فرصة عملية للشباب لتجاوز تحديات البطالة وتحقيق دخل موسمي،ومن الضروري أن نستمر في نقل هذه القيم للأجيال القادمة، لنبقي على هذا التراث حيا.
يجدر بالذكر أن الحكومة تولي اهتماما بالغا في قطاع انتاج الزيتون ،حيث تقام حاليا فعاليات مهرجان الزيتون الوطني الرابع والعشرين ومعرض المنتجات الريفية.
وذلك بمشاركة 900 مشارك وعارض،وفي تصريح لوسائل الإعلام أشار معالي وزير الزراعة الأردني المهندس خالد الحنيفات إلى أن شجرة الزيتون، رمز الصمود والعطاء، ليست مجرد محصول زراعي بل هي جزء أصيل من ثقافتنا وهويتنا الأردنية. حيث أن هذا القطاع يغطي أكثر من 600 ألف دونم من أراضي المملكة، ويعمل به آلاف من المزارعين، ويمثل دعامة أساسية في اقتصادنا الوطني، و يحقق الأردن إنتاجاً سنوياً يصل إلى حوالي (170) ألف طن من ثمار الزيتون، و حوالي (26) ألف طن من زيت الزيتون يتم إنتاجها في (149) معصرة زيتون تصل طاقتها الإنتاجية حوالي (408) طن / ساعة والذي يتميز بجودة عالمية أهّلته للفوز بجوائز دولية مرموقة.