قراءة في هجمات عاصمة"الاتحاد" والناتو
تواترت الأنباء من العاصمة البلجيكية بروكسل طيلة ساعات يوم الثلاثاء عن ارتفاع عدد ضحايا التفجيرات الثلاثة التي استهدفت مطارا ومحطة قطارات في العاصمة، والتي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية لاحقا مسؤوليته عن تنفيذها.
الكاتب فهد الخيطان، يشير إلى أن "الإرهاب" استطاع من جديد، أن يضرب في قلب أوروبا، ويخترق أكثر المواقع حساسية في بروكسل، التي تعد مركز قيادة حلف "الناتو" وعاصمة الاتحاد الأوروبي.
ويضيف الخيطان أن الهجمات وقعت في ذروة التأهب الأمني، وبعد أيام قليلة على وقوع صلاح عبدالسلام؛ العقل المدبر لتفجيرات باريس، بيد قوى الأمن البلجيكية، الأمر الذي يكشف بما لا يدع مجالا للشك أن بلجيكا ليست مجرد ممر للخلايا الإرهابية، بل موطن وهدف لها.
إلا أن "العملية الإرهابية في بروكسل تعزز النظرية التي سادت بعد تفجيرات باريس، ومفادها أن التنظيم الإرهابي "داعش" قرر نقل معركته خارج "أراضيه"، لتشتيت الجهد الدولي لمحاربته، وتدعم عملية اسطنبول الإرهابية هذه النظرية".
واستنادا إلى التسلسل الجغرافي للعمليات الأخيرة من تركيا وصولا إلى بروكسل وباريس قبلها، يلفت الخيطان إلى تسلل بعض الإرهابيين إلى أوروبا تحت غطاء اللاجئين.
ويرى الكاتب عريب الرنتاوي، أن "الإرهاب بهذه الهجمات، يضرب في عاصمة الاتحاد الأوروبي ومقر حلف شمال الأطلسي، يضرب بقسوة وضد أهداف ليست “رخوة” بحال من
ويتساءل الرنتاوي "ماذا ينتظر الغرب.. وكم عملية من نمط باريس وبروكسيل، يحتاج الأطلسي، للخروج على سياسة الاسترضاء والتوظيف والتسويف التي اعتمدتها واشنطن في إدارة الحرب على الإرهاب؟"
ويوضح الكاتب أن الغرب صمت على تقدم تنظيم "داعش" في الرقة والموصل، ولم يعمل على كبح جماحها، إلا بعد أن بلغت حدود أربيل وبغداد، وهي ذات الاستراتيجية التي اعتمدت في سورية، مع استثناء بعض التنظيمات المسلحة من “بنك أهداف” طيران التحالف الذي تقوده واشنطن.
وخلاصة القول، بحسب الرنتاوي، أن واشنطن لا تريد للحرب على الإرهاب أن تضع أوزارها، قبل أن تنجز أجندة “حرب الاستنزاف” في الإقليم ضد خصومها، وإرضاءً لبعض حلفائها.
أما الكاتب عماد عبد الرحمن، فيلفت إلى أن التحرك الاوروبي الملحوظ ضد الجماعات "المتشددة" وعناصرها، ضيّق الخناق على هذه الجماعات وحصر أنشطتها وتحركاتها من خلال اعتقال قيادييها، فكانت سلسلة العمليات التفجيرية التي شهدتها تركيا وبلجيكا ودول افريقية خلال الفترة الأخيرة، لتخفيف الضغط على هذه القيادات.
ويضيف عبد الرحمن أن حالة الحرب القائمة في الشرق الأوسط، انتقلت أتونها إلى قارات أخرى، أوروبا وأفريقيا وشرق آسيا وغيرها، "وهي قابلة للتوسع، كلما تم تضييق الخناق على تحركات وأنشطة هذه الجماعات، التي تتحرك وتكسب المؤيدين، في عالم آخر غير ملحوظ لدى الجميع".
فـ"عندما يتحول الإرهاب إلى ظاهرة عالمية، نحتاج إلى جهد دولي مواز يحاكي حجم التحدي المفروض على الجميع، إذ لم تعد الحدود المغلقة او إجراءات السفر المعقدة، سببا في منع مثل هذه العمليات، التي ينفذها غالبا أوروبيو الجنسية، ليس في بلدانهم فحسب، بل قدموا إلى الشرق الاوسط وهم يحاربون الآن في سوريا والعراق وليبيا، ويعودون إلى بلادهم مدربين ومؤهلين للقيام بأية هجمات أو تفجيرات في اماكن مكتظة بالمدنيين العزل"
وينتهي عبد الرحمن إلى القول، إ ن دحر ومحاربة الإرهاب ليس بالأمر السهل، وستبقى أخطاره محدقة في كل مكان، طالما بقينا ندور في حلقة مفرغة من الإجحاف والظلم واليأس بالعدالة الدولية تجاه أزمات وحروب المنطقة.