في يوم العمال .. حقوق منقوصة و بيئة عمل طاردة للمرأة
تحت أشعة الشمس الحارقة، تعمل ريما خالد في القطاع الزراعي طوال النهار لضمان حصولها على أجر قد تحرم منه في حال تغيبها لأي ظرف طارئ، مع تجدد المطالب العمالية باعادة النظر بالأجور تزامنا مع احتفالات العالم بيوم العمال.
فمنذ ما يزيد عن 12 عاما تعمل ريما في هذا القطاع، دون أن يطرأ اي تغيير أو تحسين على ظروف عملها القاسية، على حد تعبيرها.
ريما هي واحدة من بين ما يزيد عن 10 آلاف عاملة في هذا القطاع، وفق تقديرات مديرية زراعة وادي الأردن، ممن يواجهن العديد من التحديات، لعل أبرزها عدم شمولهن بالتأمين الصحي، وحصولهن على أجور متدنية، إضافة إلى تعرضهن للعنف المبني على النوع الاجتماعي.
الفقر هو ما دفع ريما للعمل في هذا القطاع وجعلها تتحمل ما تعانيه من ظروف عمل قاسية، على أمل توفير لقمة عيش لأطفالها.
رئيسة لجنة المرأة في النقابات العمالية المستقلة وجدان أبو الغنم ترى أن واقع المرأة في سوق العمل لا يزال يعاني تراجعا ملحوظا، بسبب ظروف بيئة العمل الطاردة وغير الصديقة لهن في أغلب المنشات.
ومن أبرز التحديات التي تواجه المرأة في مختلف قطاعات العمل، بحسب أبو الغنم، ساعات العمل الطويلة مقابل الأجور المتدنية، وعدم توفر الحضانات لأطفالهن في مواقع العمل، إلى جانب تعرضهن للتمييز الجندري، وعدم الإنصاف في حقوقهن .
تشير أرقام دائرة الإحصاءات العامة أن معدل البطالة بين النساء في المملكة نهاية العام الماضي بلغ 25.7% ولم تتجاوز قوة العمل من النساء 15.2%، في حين بلغت نسبة النساء غير النشيطات إقتصادياً 84.8%.
ويرجع معهد تضامن للنساء، تدني مشاركة المرأة في سوق العمل إلى العديد من التحديات والمعيقات التي تواجهها والتي تؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني وعلى إمكانية تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
ويوضح "تضامن" ان انسحاب المرأة من سوق العمل مبكرا يساهم بالحد من وصولهن إلى مواقع صنع القرار، حيث لم يتجاوز نسبة التمثيل النسائي في غرف الصناعة 7.9% وفي غرف التجارة 0.6% وفي النقابات العمالية 21%، كما يشكلن فقط 7% من العاملين في الإدارة العليا في القطاع العام.
ومن التحديات التي تعيق عمل المراة، فجوة الأجور بين الجنسين سواء في القطاع العام أو الخاص، وضعف منظومة المواصلات العامة، إضافة الى ضعف الفرص المستحدثة من قطاع العمل المنظم، الامر الذي ادى الى توجه النساء الى العمل غير المنظم الذي تكون فيه شروط العمل اللائق في أدنى مستوياته.
التشريعات القانونية لعمل المرأة
في عام 2000 صادق الأردن على الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة اشكال التمييز ضد المراة، كما نصت المادة 6 من الدستور بان الاردنيين امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات.
وتنص الفقرة الثانية من ذات المادة إلى أن الدولة تكفل العمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين.
إلا أن تقرير صادر عن مركز تمكين للدعم والمساندة القانونية يظهر بأن قانون العمل يفتقر لأي نصوص صريحة تحظر التمييز وتوجب المساواة في الأجور بين الرجال والنساء، بالاضافة إلى افتقاره لنصوص قانونية تحمي المرأة من كافة أشكال التحرش والمضايقات في العمل.
من جانبه، يؤكد رئيس لجنة العمل النيابية خالد الفناطسة، تحقيق تقدم ولو كان محدودا من خلال إقرار مجلس النواب لقانون العمل مؤخرا، الذي تضمن مكاسب خاصة فيما يتعلق بالمرأة.
ويشير الفناطسة في الوقت نفسه إلى ضرورة إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور، في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تواجه العاملين.
ورغم ترحيبه بالإيجابيات التي طرأت على قانون العمل، يرى رئيس مركز بيت العمال أمين عام وزارة العمل السابق، حمادة أبو نجمة، أن هنالك سلبيات يجب الإقرار بها، فيما يتعلق بالعمل النقابي.
فيما طالب المرصد العمالي، الحكومة ومختلف أجهزة الدولة الأردنية، أن تأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجه عمال الأردن وسوق العمل، عند رسمها وتنفيذها للسياسات المختلفة وخاصة السياسات الاقتصادية، لتساهم بزيادة فرص العمل الجديدة اللائقة.
كما طالب المرصد، في ورقة تقدير موقف بمناسبة يوم العمال العالمي،، بإعادة النظر بسياسات الأجور المتبعة وإعطائها بعداً اجتماعياً، إضافة إلى إعادة النظر بنصوص قانون العمل بحيث يصبح متوائما مع الحقوق والمبادئ الأساسية في العمل المتعارف عليها دولياً.
من جانبه يؤكد وزير العمل سمير مراد أن الحكومة تسعى بكافة جهودها لتأمين بيئة عمل نموذجية وجاذبة وتسعى لشمول العمال بالحماية الإجتماعية، وضمانات السلامة المهنية.
ويقول مراد خلال افتتاحه لفرعين إنتاجيين في محافظة جرش الذي سيوفر نحو 400 فرصة عمل لأبناء المنطقة، إن الحكومة وضعت مهمة إيجاد فرص العمل على رأس أولوياتها، وذلك من خلال اتخاذها حزمة من الإجراءات للحد من البطالة.
بحسب ارقام دائرة الاحصاءات العامة بلغت معدلات البطالة نحو 18.7%، وهي النسبة الأسوأ منذ الأزمة المالية التي شهدها الأردن بحسب خبراء اقتصاديون .
هذا وينظم اتحاد النقابات العمالية المستقلة مسيرة احتفالية بمناسبة عيد العمال العالمي اليوم الأربعاء، تعبيرا عن استنكار النقابات المستقلة لقانون العمل الذي يخالف الدستور ويمنع الحريات النقابية، بجانب اطلاق تحالف لمناهضة العنف والتحرش في عالم العمل.