في "الملاذات الآمنة"

في "الملاذات الآمنة"
الرابط المختصر

ظهر على السطح، بعد تداول التحقيقات الاستقصائية الدولية المستندة على ما بات يعرف بـ"أوراق بنما"، مفهوم "الملاذات الضريبية الآمنة"، كمصطلح متعلق بالفساد بعد أن كان يستدعي مفاهيم أخرى أقرب إلى الجذر اللغوي لكلمة "ملاذ".

 

 

فالكاتب عريب الرنتاوي، يتوقف لدى الفارق بين ما كانت تستدعيه كلمة “ملاذات”، من كلمات مثل “آمنة” و”إرهاب”، وبين ما شكلته "أوراق بنما" من صدمة باستخدام جديد لها متعلق بالفساد والتهرب الضريبي وغسيل الأموال.

 

ويشير الرنتاوي إلى ظهور هذه "الملاذات" ليس في العراق وسورية واليمن وليبيا.. بل في "عقر الديار الغربية"، "ومثلما يتنافح العالم لتجفيف منابع الإرهاب والقضاء على ملاذاته الآمنة في منطقتنا، فإنه يتعين عليه، أن يعمل على تجفيف منابع الفساد والقضاء على ملاذاته الآمنة، فالملاذات هنا، لا تقل خطورة من حيث طابعها الإجرامي، عن ملاذات القاعدة وداعش.

 

ويؤكد الكاتب أن "مسؤولية تجفيف منابع الفساد، تقع على كاهل السلطات الوطنية في كل من الدول التي كشف عنها أكبر تحقيق صحفي استقصائي، ربما في التاريخ، والنتائج المذهلة التي أظهرت تورط قادة كبار في دول مختلفة، تملي على السلطات المحلية، من أمنية وقضائية، أن تشرع في إجراء التحقيقات المستقلة والشفافة، حول تورط أي من قادتها ومسؤوليها ومواطنيها في جرائم غسل الأموال والتهرب الضريبي وغيرها".

 

"وإذا كان تجفيف منابع الفساد، يبدأ من المجال الوطني، فإن القضاء على ملاذاته الآمنة، هي مسؤولية المجتمع الدولي، فلا يجوز أن تبقى هناك “بقعة سوداء” واحدة، وتحت أية حجة من الحجج، لا تطالها يد الرقابة ولا تراها عيون المراقبين.... ومثلما تُجرّم الدول التي توفر ملاذات آمنة للإرهاب وتُدرج في قائمة الدول المارقة، فإن مسؤولية المجتمع الدولي تقتضي تجريم الدول التي توفر ملاذات آمنة للفساد"، يقول الرنتاوي.

 

محليا، لم ينج الأردن، بحسب الرنتاوي، من هذه الموجة العاتية، ولا ندري كيف ستتوالى المعلومات وعن أية أسماء ستتكشف، وربما تكون بعض الأسماء التي وردت ليست متورطة في عمل خارج القانون، وربما يكون العكس صحيحا.. والوسيلة الوحيدة لمعرفة الحقيقة، هي الاستعداد للشروع في تحقيق شفاف حول ما ورد وما سيرد من معلومات.

 

أما الكاتب علاء الدين أبو زينة، فيرى أن الكثير من الزعماء والنافذين الذين طالتهم الفضائح المالية الأخيرة في "أوراق بنما"، سيطالهم التأثير، وإنما ليس العرب وليس في العالم العربي.

 

فـ"بينما يواجه العديد من القادة الأوروبيين الذين ترد أسماؤهم في التسريبات تهماً بالتهرب الضريبي، فإن عدم وجود ضرائب في بعض الدول العربية، والمكانة التي يتمتع بها بعض القادة العرب الذين وردت أسماؤهم، تجعل من غير المرجح أن يواجهوا تداعيات مماثلة في العالم العربي"، وفقا لتقرير غربي حول "أوراق بنما".

 

وبحسب أبو زينة، فإن "التحقيق الاستقصائي بمواصفاته العالية التي تجعله يكشف فساداً كبيراً ويطال رؤوساً كبيرة، يكون مستبعداً من الأساس في الإعلام العربي. ويتناقض هذا مع غريزة الصحفي، ومع الدور الأخلاقي للإعلام، ومع الدور العملي الرقابي المهم المناط (نظرياً) بالصحافة كـ"سلطة رابعة". لكن الصحافة العربية ليست سلطة رابعة ولا عاشرة ولا مَن يحزنون".

 

فيما يختصر الكاتب الساخر كامل نصيرات في مقاله، أسباب "كركبته" لعدم ورود اسمه في "وثائق بنما"، معربا عن خشيته من ظهور "ملاحق" جديدة لهذه الوثائق يكون له فيها نصيب.

 

ويؤكد الكاتب على سعيه لاتخاذ احتياطاته لأي مفاجأة قد "تفضحه"، فهو لا يريد لأحد أن يكتشف خداعه وتمثيله لدور الفقير ونصير الفقراء.

 

"ماذا سيكون موقفي الآن لو انكشفت حقيقتي في (وثائق بنما) ..أو في أي وثائق قادمة مثل (وثائق أم قيس أو وثائق معان أو وثائق الغور ) ..!! لالالا يا جماعة ..الأمر مرعب و مرعب جدّاً .. ويجب أن أخصص كل وقتي الآن لمنع أي تسريب أو تهريب عنّي ..

 

.."يا رب ما تخلّيهم يكتشفون أو يكشفون جزءاً من ثرواتي ..يا ربّ استرها معاي و عدّيها ..! يا رب كم أحتاج إليك الآن ..يا رب صيت فقر ولا صيت غنى ..لا أريد الغنى فهو يجعل الفقراء يجيبوا بسيرتي بالعاطل على مدار الساعة ..! يا رب : أنت أدرى بحالي ؛وعلمك بحالي يغنيك عن سؤالي ..اللهم آمين"... يدعو نصيرات.

 

 

الملاذات الضريبية: عبارة عن مناطق تتمتع بقوانين صارمة تحافظ على سرية تامة لزبائنها وعملائها الأجانب من غير أبنائها الذين يدينون لها بالجنسية (التبعية القانونية)، وعدد هذه المناطق 50 منطقة في العالم.

 

توفر في هذا الملاذات وكلاء لتأسيس شركات ومؤسسات بمبالغ زهيدة وبطرق سرية وبقدر ضئيل من الإجراءات، وفي بعض الحالات بقدر أدنى من الوثائق والمستندات وبشكل يغطي أي مكان من العالم تقريباً.

 

والميزة الأساسية لهذه المناطق أنها لا تفرض ضريبة على الإطلاق، وإذا فرضت تكون بعض الضرائب قليلة ومحددة.

 

أضف تعليقك