فيديو.."سوق الوحمة".. حين تقوم التجارة على الوهم

فيديو.."سوق الوحمة".. حين تقوم التجارة على الوهم
الرابط المختصر

تمثل زوايا السوق القديم الواقع وسط البلد قبلة للأزواج الراغبين بالحصول على منتجات غذائية في غير موسمها، تلبية لطلبات زوجاتهم الحوامل في فترة تعرف شعبيا بـ"الوحام"، الظاهرة التي يشكك الطب في حقيقتها.

 

فظاهرة "الوحم" أو "الوحام" تظل من أهم المراحل التي تقلق المتزوجين الذين ينتظرون قدوم طفلهم، لتصبح واحدة من أهم السلوكيات الاجتماعية، التي تسرد عنها غالبية الأمهات قصصا وطرائف غريبة عديدة.

 

سوق الوحمة:

أبو محمد الذي افتتح محله التجاري في ستينيات القرن الماضي، بدأ عمله كبائع للعصائر، الأمر الذي تطور ليكون من أقدم أسواق الوحام، نتيجة تخزين الفواكه الموسمية واستخدامها في غير موسمها لصنع العصائر والكوكتيلات.

 

 

ويشير أبو محمد إلى إقبال الأزواج لشراء الفواكه التي يحفظها ويخزنها، قلقا على طفله القادم ورغبة بتلبية احتياجات زوجته بأي ثمن.

 

 

فيما يشكو أبو رامي أحد زبائن السوق، من غلاء أسعار الفواكه التي ترغب بها زوجته وقت حملها، إلا أنه مجبر على شرائها خوفا من ظهور ما تشتهيه "في عين" ولدها، بحسب التعبير الدارج.

 

 

واستطاع أبو محمد أن يكسب شهرة في أوساط البائعين والتجار من أصدقائه، ولم يكن ذلك متعلقا بالكوكتيلات المتوافرة على مدار العام فقط، حيث توافد الكثيرون منهم على محله لأخذ الفواكه النادرة في غير موسمها لزوجاتهم خلال فترات "الوحام" أثناء حملهن.

 

 

ومن محل أبو محمد الصغير الواقع في إحدى أزقة وسط البلد في عمان، افتتح عدد من التجار محلات مشابهة في نفس المكان تلبي حاجات الزبائن بتوفير المواد الغذائية على مدار العام، ليصبح سوق الوحمة من أكثر الأسواق الشعبية العريقة شهرة في عمان.

 

 

ويدرك تجار "سوق الوحمة" حساب العرض والطلب، حيث يشير أبو محمد إلى أن بعض الفواكه لا تباع إلا بالحبة، لقلة كمياتها وعدم توافرها في السوق، مؤكدا أن الزبائن - وغالبيتهم من الرجال المتزوجين - يقبلون على شراء الخضراوات والفواكه النادرة لزوجاتهم أثناء فترة حملهن تلبية لرغباتهن مهما بلغ ثمنها.

 

 

ويقول أبو رامي، وهو زبون قديم للسوق، إن الرجال يضطرون لدفع مبالغ كبيرة ثمنا للفواكه والخضراوات لأنها في غير موسمها، وقد يصل سعر الكيلوغرام الواحد من بعض الأصناف إلى 10 دنانير.

 

 

 طرافة ومعاناة

ولما كان "الوحام" من أكثر العوارض التي تصيب السيدات الحوامل خلال الأشهر الأولى من حملهن غرابة، فإن للتاجر أبو محمد مواقف يحمل بعضها الكثير من الطرافة والغرابة، ويحمل بعضها الآخر معاناة الأزواج وقلقهم على صحة زوجاتهم ومواليدهم.

 

 

يقول أبو محمد إن التجار في السوق يلبون رغبات الزبائن مهما كانت غريبة، كأن يطلب أحد الزبائن عصير فجل مع بصل أو أن "تتوحم" زوجته على مواد كالصابون أو التراب على سبيل المثال.

 

 

من جهته يرى "محمد الخريشا " وهو أحد زبائن السوق إن "الوحام يؤثرعلى حياة الأسرة بشكل كبير وخاصة بالنسبة للزوجة عندما تشتهي أي شيء أثناء فترة الحمل، فيجب على الزوج تلبيته بأية طريقة، وإن لم يستطع توفير طلبات الزوجة ينعكس سلبا على المولود، مما يسبب معاناة للرجل الذي يقوم بالبحث عن طلبات الزوجة بأي مكان خوفا على صحة المولود".

 

 

ويقتنع أبو محمد بعد مشاهداته للكثير من الحالات طوال فترة عمله في هذا المجال، بأن الوحام حقيقي وموجود بالفعل مشيرا إلى إحدى تلك الحالات، حيث رأى شخصا يحمل علامة على وجهه على شكل قطف العنب، الأمر الذي أرجعه إلى شدة رغبة المرأة في الفاكهة والمكان الذي تقوم بحكه في جسمها خلال فترة "الوحام".

 

 

فيما يؤكد في الوقت ذاته أن قسما من النساء يكون "وحامهن" للدلع فقط أو لتعجيز الزوج، على حد تعبيره.

 

 

الطب ينفي بالبرهان:

ويقوم هذا السوق بكامله على فكرة يعتبرها الطب مجرد أوهام لا أساس لها علميا مشككين بنوايا التجار والباعة من ناحية استغلالهم لحاجة الزبائن من جهة، ورفعهم لأسعار السلع لديهم بشكل كبير من جهة أخرى.

 

 

وينفي أخصائي النسائية والتوليد الدكتور جمال البشيتي، ارتباط مصطلح " الوحام" بأي مفهوم علمي، مؤكدا أن الوحام مصطلح شعبي لا أساس له في عالم الطب، ولا يؤثر عدم تناولها على صحة الجنين.

 

 

ويرجع البشيتي ما يحدث للمرأة الحامل تحديدا خلال الشهور الثلاثة الأولى لتغيرات هرمونية، حيث ترتفع نسبة الهرمونات في جسم المرأة الحامل أضعاف وضعها الطبيعي، مما ينتج عنها أثارا سلبية كالغثيان، مشيرا إلى أن هذه التغيرات يمكن معالجتها بالأدوية، وببعض الإرشادات الصحية وبنظام غذائي تتبعه الحامل خصوصا في الشهور الأولى من حملها.

 

 

ومن التغيرات الجسمية التي تحدث للمرأة الحامل، ازدياد حاسة الشم، حيث تتأثر الحوامل بالروائح والعطور أكثر من السابق، وتسبب لهن الغثيان، بحسب البشيتي.

 

 

نفسيا، يصف الأخصائي النفسي الدكتور فائق شعبان "الوحام" بـ"الأساطير" التي ليس لها أي أساس علمي .

 

 

ويحلل شعبان شعور الحامل بما يسمى "الوحام" على أنه شعور نفسي بحت في العقل الباطن يظهر عند الحمل، وأنه عاده مكتسبة من المجتمع، بحكم الموروث الاجتماعي.

 

وفيما يتعلق بالحوامل اللواتي يتناولن أغذية غريبة أو أي مواد غير قابلة للأكل مثل التراب والصابون والثلج وما شابه ذلك، أكد البشيتي أن هذه الحالات نادرة جدا ناجمة عن وضع نفسي تتعرض له المرأة الحامل.

 

 

ويلفت شعبان إلى أهمية معرفة الأسباب المنطقية وراء رغبة بعض الحوامل بتناول مواد غريبة كالصابون والتراب مثلا؛ حيث يعود السبب الرئيسي وراء ذلك عند غالبية الحوامل إلى نقص بالمعادن في جسمها وخصوصا الحديد، ولذلك يطلب الطبيب المتابع لحالتها عمل تحاليل توضح نسبة المعادن في الجسم، أما في حال عدم وجود أي نقص، تكون الحالة نفسية وتستدعي العلاج النفسي.

 

 

أما العلامة التي قد تظهر على أجساد بعض المواليد، والتي تعرف شعبيا بـ"الوحمة"، فيوضح أخصائي الأمراض الجلدية الدكتور وضاح البرغوثي بأنها بقعة خلقية تظهر على جلد بعض الأطفال منذ ولادتهم، وتتعلق بتجمع الأوعية الدموية الدقيقة تحت الجلد مباشرة، ولا علاقة لها بما يسمى بالوحام لدى السيدات.

 

 

وتبقى ظاهرة "الوحام" الأوسع انتشارا في المجتمعات العربية منها في الغربية، وأكثر ظهورا لدى السيدات في عمر الشباب، فيما تقل حالات الوحام لدى السيدات الأكبر سنا.

 

أضف تعليقك