غارة الجمعة وتحول الاستراتيجية العسكرية

غارة الجمعة وتحول الاستراتيجية العسكرية

كان لإعلان القوات المسلحة يوم الجمعة الماضي، عن استهداف مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في الجنوب السوري وقرب الحدود الأردنية، مجال لإثارة التساؤلات إن كان هنالك تحول بالخيارات الأردنية العسكرية بالتعامل مع الأمن الحدودي.

 

فالكاتب محمد أبو رمان، يذهب إلى أن إعلان الجيش مؤشر جديد يعزز تغير المنظور الاستراتيجي-العسكري الأردني تجاه المناطق الجنوبية السورية القريبة من الحدود الشمالية.

 

ويوضح أبو رمان بأن هنالك متغيرين رئيسين أدّيا لهذا التحول أولهما يرتبط بنمو نفوذ التنظيم في مناطق الجنوب السوري، واقترابه الشديد من الحدود الأردنية، وثانيها يتمثل بالعمليات التي نفذها التنظيم في الأردن.

 

فـ"الوضع تغيّر جذريا مقارنة بالمرحلة السابقة؛ إذ نجح الأردن في الأعوام الماضية في إبعاد خطر التنظيم عن المناطق الجنوبية... إلا أنّ التنظيم نجح في إحداث الاختراق في العام الماضي بصورة ملحوظة، واكتسب ولاء بعض التنظيمات".

 

ويضيف الكاتب بأن "كل هذه المعطيات تدفع بالمقاربة الأردنية إلى الانتقال لمنظور جديد يتم فيه الاعتماد على القوات المسلحة مباشرة لإبعاد مصادر التهديد، ومواجهة التنظيم. وهو ما يستند بدوره إلى قدرات أمنية واستخبارية دقيقة، بخاصة في المواقع القريبة من الأماكن السكنية، وهو ما حصل في الغارة العسكرية الأخيرة".

 

أما الكاتب ماهر أبو طير، فيسجل ملاحظتين حول العملية، أولهما أن هذه العمليات ليست جديدة، فالأردن جزء من التحالف الدولي، الذي ينفذ عمليات ضد هذا التنظيم، وهي عمليات ليست سرية.. وثانيهما، أن الأردن نفذ طلعات جوية ضد داعش منفردا، بعد استشهاد الطيار معاذ الكساسبة، من باب الثأر والانتقام، لما فعله التنظيم بالطيار، ولربما كانت تلك العمليات، الأولى من نوعها التي تأتي منفردة وبمعزل عن قوات التحالف".

 

والأرجح، بحسب أبو طير، أن الأردن أخذ موافقة الأميركان والتحالف الدولي، وأبلغهم بهذه العمليات مسبقا، لاعتبارات كثيرة، ولا يستبعد أبدا أن الروس لديهم إبلاغ مسبقا، بالعملية، بما يعني أن نظام دمشق على معرفة، بما يقول  إن الطائرات الأردنية لم تخترق الأجواء السورية.

 

"لكن في الظلال هناك من يرى أن العملية، قد تمهد لتدخل بري أو إقامة منطقة آمنة في جنوب سورية، ولا يحدد هؤلاء، هل التدخل البري يأتي لإقامة منطقة آمنة، أو لتطهير المنطقة من التنظيم، خصوصا، أن الكلام لا يزال غير واضح، بشأن طبيعة القوات البرية".

 

ويستبعد الكاتب اعتبار القصف الأردني، توطئة لإقامة مناطق آمنة، على المدى القريب على الأقل، وما يمكن اعتباره أن الاستراتيجية الأمنية الأردنية، تسعى إلى تجفيف مصادر الخطر، حاليا، ومن ناحية عملية، فهذا يخفف فعليا الضغط على النظام السوري.

 

من جانبه، يرى الكاتب ماجد توبة، أن الغارة الأردنية الأخيرة تحمل عدة إشارات سياسية واستراتيجية يمكن قراءتها بتمعن، خاصة مع ربطها بمجموعة من الحراكات السياسية الأردنية الأخيرة في غير عاصمة عالمية، وأيضا مع ما سبق أن صرح به رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الفريق الركن محمود فريحات بمقابلته اللافتة قبل أسابيع.

 

ويوضح توبة أن بيان القيادة العامة للقوات المسلحة حول العملية النوعية أعاد أسبابها المباشرة إلى نوع من الثأر لأرواح الشهداء الأردنيين في الحرب على الإرهاب، وضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، لكن ذلك لا يمنع من قراءة نوع من التحول الاستراتيجي في هذا الاشتباك مع معاقل الإرهاب، وتحديدا الذي يمثله "داعش" وما يدور بفلكه من تنظيمات.

 

"ويمكن اعتبارها تحولا مهما له ما بعده أيضا إذا ما علمنا أنه رغم انخراط الأردن رسميا بعمليات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ أكثر من عامين، إلى جانب أكثر من 60 دولة، فإن الجهد العسكري، وأغلبه جوي، بقي من مهام الولايات المتحدة بصورة أساسية".

 

ويرجح الكاتب أن نكون في المرحلة المقبلة على موعد مع غارات وعمليات عسكرية أردنية أخرى ومباشرة في الجنوب السوري، تحديدا ضد معاقل "داعش" وجيش "خالد بن الوليد"، وفلوله المنسحبة من الرقة والموصل، وغيرها من تنظيمات.

أضف تعليقك