التحركات الإسرائيلية تجاه حوض اليرموك.. أزمة مائية تؤرق الأردن

الرابط المختصر

منذ سنوات ويواجه الأردن تحديات متزايدة في حماية حقوقه المائية المشتركة مع دول الجوار، في ظل عدم إلتزام إسرائيل وسوريا، بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بتقاسم المياه، في وقت تواصل فيه إسرائيل انتهاك حقوق الأردن المائية، بعد سيطرتها على أجزاء من حوض اليرموك، مما يشكل تهديدا مباشرا للأمن المائي الأردني.

وفقا لتقارير صحفية، استغلت إسرائيل انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لشن عمليات عسكرية والاستيلاء على أراض استراتيجية، بما في ذلك مناطق في محافظة القنيطرة ومنطقة جبل الشيخ، مما أثار مخاوف بشان إمكانية السيطرة على حوض اليرموك، الأمرالمرتبط  بتداعيات خطيرة على الأمن المائي في الأردن، في وقت تبرر فيه إسرائيل هذه التحركات بالحفاظ على أمنها.

ويرى خبراء في مجال المياه أن استنزاف الموارد المائية في حوض اليرموك يزيد من تفاقم التحديات التي تواجه الأردن، وهو بلد يعاني أصلا من واحدة من أعلى معدلات ندرة المياه عالميا.

 

أثر التحركات الإسرائيلية 

أمين عام وزارة المياه الأسبق الدكتور عدنان الزعبي، يؤكد في حديث لـ "عمان نت" أن قضية حوض اليرموك تمثل مشكلة شائكة تمتد منذ زمن طويل، مشيرا إلى أن حوض اليرموك مرتبط بحوض نهر الأردن، الذي سيطرت إسرائيل على منابعه المغذية لليرموك، بالإضافة إلى بناء السدود على جبل الشيخ وحفر الآبار في المناطق الشرقية والشمالية من الحوض، تسببت في إيقاف التدفق الطبيعي للمياه في حوض اليرموك.

ويضيف الزعبي أن الاتفاقية التي وقعت مع سوريا عام 1987 لبناء سد سعته 220 مليون متر مكعب كانت تهدف لتحقيق مصلحة مشتركة بين البلدين، حيث خصصت للأردن مياه الشرب والري، ولتوليد الطاقة الكهربائية في سوريا، ولكن منذ اكتمال بناء السد في عام 2007، لم يتمكن الطرفان من ملء السد بالكامل حتى الآن، حيث تصل نسبة الامتلاء في بعض الأحيان إلى 20% فقط، ما قلل من فائدته رغم أهميته الكبيرة، موضحا أن وادي الرقاد، الذي يقع بعد سد خالد بن الوليد، يقدم أيضا تدفقات مائية محدودة تعتمد على كميات الأمطار. 

وكان الأردن وفقا لاتفاقية جونستون لعام 1956 يحصل على باقي تدفقات نهر اليرموك البالغة 420 مليون متر مكعب، بعد تخصيص 25 مليون متر مكعب لإسرائيل و100 مليون متر مكعب لسوريا، لكن التعديلات التي جرت لاحقا أثرت بشكل كبير على حصة الأردن من المياه، بحسب الزعبي.

ويحذر من أن التحركات الإسرائيلية على جبل الشيخ، وهو من أهم منابع نهر اليرموك، قد تؤدي إلى تأثير سلبي كبير على تدفقات المياه.

 

التاريخ المائي بين الأردن وسوريا 

يعتبر حوض اليرموك منطقة جغرافية ذات أهمية استراتيجية في الريف الغربي لمحافظة درعا جنوب سوريا، حيث يشكل جزءا من الحدود الطبيعية بين سوريا والأردن، ويمتد الحوض ضمن وادي نهر اليرموك، أحد أكبر روافد نهر الأردن، ويقطع النهر مسافة 57 كيلومترا، منها 47 كيلومترا داخل الأراضي السورية، بينما يشكل الجزء المتبقي حدودا مشتركة بين سوريا والأردن.

على ضفاف نهر اليرموك، أقامت سوريا عددا من السدود، أبرزها سد اليرموك، إضافة إلى سد الوحدة، الذي يعد الأكبر بطاقة تخزينية تصل إلى 225 مليون متر مكعب.

وفي عام 2011، أطلقت الحكومتان السورية والأردنية مشروع سد الوحدة لتعزيز تخزين المياه والتحكم في تدفقها، وهو مشروع استراتيجي أنشئ في ريف درعا الغربي، غير أن تزامن تنفيذ المشروع مع اندلاع الاحتجاجات في درعا جعل المنطقة محورا للأحداث العسكرية والسياسية.

يشير الزعبي إلى أن الأردن يتعامل مع قضايا المياه وفقا للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية، مع الأخذ بعين الاعتبار اتفاقية الهدنة بين السوريين والإسرائيليين بشأن منطقة الجولان، التي تفصل القوات السورية عن الإسرائيلية بمسافة تقدر بـ 400 كيلومتر مربع منذ عام 1973.

وفيما يخص تدفقات المياه، يوضح الزعبي أن تدفقات نهر الرقاد ووادي الرقاد لن تتأثر بوجود الإسرائيليين، لأن هذه التدفقات تعتمد بشكل أساسي على الهطول المطري، مما يضمن استمرار تدفق الكميات التي كانت تصل من وادي الرقاد.

وكانت استولت إسرائيل على جزء كبير من جبل الشيخ في حرب 1967، قامت بإنشاء مستوطنات فيها، حيث يبلغ عدد المستوطنات الآن حوالي 30 مستوطنة يعيش فيها نحو 30 ألف إسرائيلي، بالإضافة إلى 23 ألف درزي من أصول سورية.

وضع سوريا الجديد

بعد سقوط نظام السوري، تجري مباحثات بين الأردن وسوريا لمعالجة عدد من الملفات الهامة، حيث عقد مؤخرا وزير الخارجية أيمن الصفدي مؤتمرا صحفيا مشتركا مع نظيره السوري أسعد الشيباني في عمان، وتم التطرق للعديد من الملفات السياسية الهامة بين البلدين، ومع ذلك، لم تصدر تصريحات مباشرة من وزيري الخارجية أو المياه بشأن ملف المياه في الفترة الأخيرة.

وفق تقديرات وزارة المياه والري، فإن حصة الفرد من المياه في الأردن تبلغ 61 مترا مكعبا سنويا، وهي أقل بنسبة 88% من خط الفقر المائي العالمي المحدد بـ500 متر مكعب سنويا، وهذا يجعل الأردن على رأس قائمة الدول الأكثر فقرا مائيا في العالم، بعد أن كان يحتل المرتبة الثانية.

وتشير الوزارة إلى أن الأردن يعاني من نقص حاد في الموارد المائية السطحية مثل البحيرات والأنهار، حيث يعد البحر الأحمر أقرب مصدر للمياه السطحية، ما يتطلب تنفيذ مشاريع لتحلية مياهه ونقلها إلى المناطق الصناعية والزراعية والسكانية، خصوصا مع تركز الكثافة السكانية في مناطق الشمال والوسط.

وتؤكد أهمية أي مشروع يسهم في زيادة إمدادات المياه، مشيرة إلى تقدم الأردن في مشروع "الناقل الوطني" لاختيار مستثمر، وقد وقع الاختيار على ائتلاف شركات فرنسية ذات تجارب ناجحة مع الأردن في مشاريع سابقة، مثل مطار الملكة علياء الدولي ومحطة السمرا لمعالجة المياه.