عندما تصبح الطفولة ضحية التدخين السلبي
- الأردنيون يدخنون 8.3 مليار سيجارة سنويا..
- 61 % من الأسر الأردنية فيها مدخن واحد على الأقل..
- 55% من المدخنين من الذكور البالغين..
لم تتوقع عائلة الطفل "ليث" ابن الثالثة أن يصاب ابنهم بمرض مجاني "إن صح التعبير" من والده "المدخن" الذي كان يصر على التدخين داخل المنزل.
"ليث" أصيب بالربو مما يلزمه تلقي العلاج لفترة طويلة قد تستمر مدى الحياة بسبب "التدخين السلبي"، بحسب طبيبه المختص.
إلا أن والده "أبو عمر" الذي اعتاد التدخين يومياً في غرفة المعيشة في الوقت الذي يجتمع به مع طفليه لمشاهدة التلفاز مساءً، شعر بالندم بعد إصابة ليث مما دفعه للتفكير بالإقلاع نهائياً عن تدخين السجائر من خلال تقليص عدد السجائر التي يدخنها يوميا .
يقول أبو عمر"سابقاً كنت أدخن ما يزيد عن 6 سجائر خلال جلوسي مع أبنائي، لكني أصبحت أدخن سيجارتين فقط، وأدخنهما في شرفة المنزل بعيدا عن أطفالي".
وما عزز شعور "أبو عمر" بضرورة الإقلاع عن التدخين مسؤوليته تجاه أبنائه كأب وحرصه على راحتهم على حد وصفه، ويقول "دائما الأب يحب يكون ابنه أفضل منه، فإذا مرض ابني أمرض علشان هيك مش رح أدخن عند أبني".
" التدخين كيف"
على النقيض من ذلك، يستمر ماهر (40) عاماً بتدخين الأرجيلة بمعدل ست مرات في اليوم ولم يمنعه عنها حتى دخوله المستشفى كما يقول، فهو يعتبرها خصوصية ومزاج لا يمكن الاستغناء عنها.
يدخن ماهر الأرجيلة مساء 3 مرات وهو بجانب أطفاله وعائلته، وكل أرجيلة يستغرق تدخينها ساعتين..
ويرى ماهر أن الارجيلة كما الدخان كلاهما يسببان الإدمان ومن الصعب الاقلاع عنهما "إذا صارلي ساعتين مش مدخن بنزعج، وإن اشتممت رائحته من أي مكان قريب انجذب إليه".
انتشار التدخين بارتفاع... والذكور الأكثر اقبالا
وفق إحصائيات وزارة الصحة زاد معدل انتشار التدخين في المملكة ليصل بين البالغين الذكور الى ما نسبته 55 ٪، و8٪ بين الإناث، وتشكل السجائر المنتج الأكثر استهلاكاً بنسبة (93 ٪)، بينما 9 ٪ من البالغين يدخنون الأرجيلة.
ومع ارتفاع نسبة التدخين المباشر تزيد خطورة التدخين غير المباشر أو ما يعرف”بالتدخين السلبي”والذي يتأثر به غير المدخنين من خلال استنشاقهم للدخان المنبعث من منتجات التبغ التي يستخدمها الآخرين .
يشير التقرير الوطني الذي أجري مؤخراً حول "واقع التبغ"، إلى أن 61 % من الأسر الأردنية فيها مدخن واحد على الأقل و94 ٪ من هؤلاء يدخنون داخل المسكن، فيما يتعرض 44 ٪ من الأردنيين البالغين للتدخين السلبي في البيوت بينما يتعرض له 30 ٪ في مكان العمل و83 ٪ في المناسبات الاجتماعية، وأن نصف اليافعين (13-15 سنة) يتعرضون للتدخين القسري في المسكن وفي الأماكن العامة.
يؤثر التدخين السلبي على الأطفال والبالغين على حد سواء، ويسهم في رفع معدل الادمان لكلا الطرفين كما يطيح بهما بامراض خطيرة ومميتة، بحسب ما اوضح مدير مكتب مكافحة السرطان ورئيس قسم الامراض الصدرية في مركز الحسين للسرطان فراس هواري.
يقول هواري" كل أربعة سجائر تدخن في المنزل يكون الطفل دخن ما يساوي سيجارة واحدة، الأمر الذي يحفز المستقبلات التي يرتبط بها النيكوتين في الدماغ أن تنمو وتتكاثر كأي شخص مدخن، بالتالي يبدأ إدمان الأطفال على التبغ منذ طفولتهم".
العشريني مُعز الذي يعمل بإحدى الوظائف العامة يتمنى الإقلاع عن التدخين، ويقول إنه لولا أنه ولد لأب مدخن لما أدمن على التدخين في فترة متقدمة من عمره، لأنه دائماً ما كان "لا يطيق" رائحته.
ويتابع " لم أتخيل أنني سأصبح يوماً مدخناً لكنني انجررت إلى هذا الطريق رغماً عني، تصورت أنه سيحمل الحل لمشاكلي اليومية، لكنه الآن مشكلة حياتي التي أتمنى التخلص منها".
وعن محاولات الإقلاع يقول" حاولت ترك التدخين، ولم أنجح، هيه مهمة صعبة قد لا يتخيل البعض إلى أي مدى قد تكون".
الأردنيون يدخنون 8.3 مليار سيجارة سنويا:
تحتوي السيجارة الواحدة على 7000 الآف مادة سامة على الأقل، بعضها منع استخدامها دولياً كمادة الرصاص، بحسب الدكتور هواري.
فـ"جرعات السموم التي يتعرض لها الأطفال من التدخين السلبي ولصغر أجسامهم عالية تصل إلى عشرين ضعف الجرعة التي يتعرض لها الشخص البالغ".
ويوضح الدكتور هواري أن الأمراض تنتج عن التدخين المباشر وغير المباشر، حيث يسهم بارتفاع نسبة الإصابة بمرض السرطان من 25-30%، إضافة إلى أمراض القلب، وارتفاع نسبة الحساسية لدى الأطفال وإصابتهم بأمراض الربو والأزمة والتهاب الأذن الوسطى".
وتحتل أسباب الوفاة بأمراض القلب والشرايين المرتبة الأولى في الأردن بنسبة 35%، تليها أمراض السرطان بنسبة 15% من الوفيات.
وفي ظل ارتفاع نسبة المدخنين في المملكة يقارب الإنفاق السنوي على التدخين مليار دينار، وبحسب أرقام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات يبلغ حجم الاستهلاك المحلي حوالي 8.3 مليار سيجارة سنوياً
فيما وضعت الحكومة مؤخرا قانون حظر التدخين في الأماكن من خلال عدم السماح لمن هم دون سن (18) من دخول تلك المحلات، إضافة الى وجود مساحة لا تقل عن 50 % داخل تلك المحلات لغير المدخنين، في الوقت الذي سيحاسب فيه قانونيا أي محل مخالف مع سحب رخصته.
وفي الوقت الذي ما زال فيه المواطنون غير مدركين لحجم المخاطر الناتجة عن التدخين، ترتفع الأصوات المحذرة سواء من مسوؤولي وزارة الصحة أو حتى المؤسسات المدنية من توقعات بارتفاع ﻣﻌدﻻت اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺳرطﺎن ﻟﺗﻘﻔز ﺣﺎﺟز اﻟﻌﺷرة آﻻف ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻧوﯾﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم 2020 ﻣﻘﺎرﻧﺔ بـ4900 ﻟﻠﻌﺎم اﻟﺣﺎﻟﻲ.