عمان - إسطنبول خطوط مفتوحة في جميع الاتجاهات

عمان - إسطنبول خطوط مفتوحة في جميع الاتجاهات
الرابط المختصر

لم تهدأ الخطوط الجوية بين إسطنبول وعمان من نقل المسؤولين الأتراك إلى المملكة الأردنية، التي استقبلت في أقل من يومين مسؤولين بارزين، على رأسهم وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ورئيس الأركان خلوصي آقار؛ تمهيدا لزيارة مرتقبة للرئيس التركي طيب رجب أردوغان لعمان.

زيارات يرى فيها محللون وسياسيون أنها تأتي بعد ارتفاع باروميتر العلاقة بين الجانبين، على خلفية الدعم التركي للموقف الأردني المناهض لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، في كانون أول/ ديسمبر الماضي.

دعم تركي أذاب الجليد في العلاقة بين الطرفين، في وقت تشهد فيه علاقة المملكة الأردنية فتورا مع حلفاء تقليديين، خصوصا من دول خليجية توقفت عن دعم الأردن ماليا، وتماهت مع الموقف الأمريكي بخصوص القدس، كما يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك، البروفيسور أنيس الخصاونة.

ويقرأ الخصاونة، في حديث لـ"عربي21"، وجود شخصيات تركية رفيعة المستوى في الأردن، على أنها "تؤشر على تعزيز العلاقات بين الطرفين، في وقت تتماهى فيه كثير من الدول العربية مع السياسة الأمريكية فيما يتعلق بالقدس، لدرجة غياب الشجب والإدانة لإسرائيل من قبل تلك الدول".

وقال إن "الأردن أعاد حساباته في هذه القضية، ورأى أن ينسق مع جهات وازنة في المنطقة مثل تركيا، خصوصا بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وبعد ضغوطات من دول عربية، خصوصا الخليجية؛ لذا فقدنا بعض التحالفات، وأعتقد أن تحركات الملك في الفترة الأخيرة، وحضوره مؤتمر القمة الإسلامي الذي عقد في إسطنبول العام الماضي، رغم الضغوط الكبيرة التي وضعت عليه، أدت إلى توطيد العلاقات مع الحكومة التركية، ونتج عنها سلسلة من الزيارات".

 

وشهدت العلاقات الأردنية التركية تحسنا، بعد وقوف تركيا إلى جانب المملكة في التصدّي لقرار ترامب، بخصوص نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بإسرائيل عاصمة لها، حيث قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه وبلاده على تعاون مع الملك عبد الله الثاني والأردن، بصفته حامي المقدسات الإسلامية في القدس ضد الاعتداءات الإسرائيلية.



وفي هذا السياق، يرى الخصاونة أن "هنالك تنسيقا أردنيا تركيا بدأ يتمحور بخصوص القضايا العربية والإسلامية، خصوصا القضية الفلسطينية، التي تحتاج إلى مؤازرة كبيرة جدا؛ كون الأردن المدافع الأكبر عن قضية القدس، وتشاطره تركيا بقيادة أردوغان الموقف ذاته، ما يشير إلى أن العلاقات بين الجانبين تتجه نحو التعزيز مستقبلا؛ بسبب وجود أهداف موحدة تعود بالخير على القضية الفلسطينية، التي تعيش أصعب أوقاتها". على حد قوله.

وحسب أستاذ العلوم السياسية، فلن "تتوقف العلاقات على الجانب السياسي فقط، إذ ستتوسع إلى الجانب الاقتصادي، بعد أن بدأت المملكة البحث عن مصالحها، وسط انقطاع شبه تام عن المساعدات الخليجية، بعد أن تخلت السعودية عن المنحة التي كانت تقدمها للأردن سنويا بقيمة 180 مليون دولار منذ 3 سنوات".

ويتوقع خبراء سياسيون أن تتطور العلاقات الأردنية التركية الاقتصادية في السنوات القادمة، إذ اتفق رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي، ونظيره التركي بن علي يلدرم، خلال مباحثاتهما في أنقرة آذار/ مارس الماضي على رفع الميزان التجاري بين الجانبين من مليار دولار سنويا إلى 3 مليارات.

يقول مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات، جواد الحمد، لـ"عربي21" إن "هذا التبادل التجاري مرشح أن يصل إلى خمسة مليارات دولار سنويا خلال الأعوام الثلاثة القادمة؛ بسبب وجود فرق تعمل بين الجانبين في مجالات مختلفة لبناء علاقات اقتصادية متينة".

وأضاف أن "العلاقات بين الجانبين تقوم على تفاهم مشترك، والاعتراف بالدور لكل طرف، فتركيا تعترف بأهمية وصاية الهاشمية على القدس، بينما تعترف الأردن بأهمية تركيا للعالم العربي، وضرورة تجاوز خلافات الماضي".

واعتبر أن "تطور العلاقات الأردنية التركية جاء في لحظة احتاج فيها الطرفان لبعضهما، وتلاقيهما في ملفات متعددة، من أبرزها ملف الأمن في المنطقة المتعلق بأمن شمال الأردن وجنوب تركيا، في ظل التطورات بسوريا، وتوزيع مناطق النفوذ، ووجود دور أردني تركي بحفظ الأمن في مناطق خفض التصعيد، الأمر الذي يفسر زيارة رئيس الأركان خلوصي آقار للمملكة".

كما تأتي هذه الزيارات -حسب الحمد- في ظل "استعداد تركيا لدعم العالم العربي في وجه الضغوط الاقتصادية من جهة، والضغوط الأمريكية والإسرائيلية من جهة أخرى، إذ جاء الموقف من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ليكون نقطة عمل مشترك بين عمان وإسطنبول، بعد أن لاحظت عمان أن تركيا البلد الإسلامي الوحيد الذي وقف معها موقفا واضحا دون تردد".

نيابيا، كشف عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأردني، منصور مراد، في حديث لـ"عربي21"، عزم اللجنة "تكثيف الزيارات للسفير التركي في عمان؛ لتعزيز العلاقات مع تركيا، وحث الحكومة الأردنية للمضي قدما في تطوير وتوسيع مجالات العلاقة بين الطرفين؛ لمواجهة العدو الصهيوني وقرار ترامب بخصوص القدس".

وقال إن "نتيجة الأوضاع في المنطقة، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والتناقضات مع السعودية والخليج، كل هذه المتغيرات دفعتني للمطالبة بتغيير حلفائنا على الصعيد الإقليمي، أنا مع التوجه لفتح علاقات مع تركيا وإيران ودول إسلامية أخرى، هذا سيفتح لنا مجالات على الصعيد الاقتصادي، وستحرك العلاقة مع تركيا السوق بين البلدين، خصوصا أن تركيا أصبحت من الدول الصناعية الكبرى، وبضائعها مقبولة لدينا".

ويتساءل مراقبون ما إذا كان الانفتاح الأردني التركي سيخلق حلفا جديدا في المنطقة قد يتوسع لاحقا لدول أخرى، تتقاطع في مواقفها السياسية من القضية الفلسطينية، أم إنه حلف مصالح اقتصادية خلقته الحاجة المتبادلة للطرفين.