علاج العنف الجامعي بفنجان قهوة! أين الدولة المدنية؟

علاج العنف الجامعي بفنجان قهوة! أين الدولة المدنية؟
الرابط المختصر

لجأت السلطات الأردنية، الاثنين، إلى حلّ الخلاف بين المتسببين في مشاجرة طلابية وقعت داخل الجامعة الأردنية الخميس الماضي، من خلال "صلحة عشائرية" خارج إطار القانون، في محاولة لاحتواء تداعيات المشاجرة التي استخدمت فيها السيوف والعصي.

أين مدنية الدولة؟

وأثار الحل العشائري لمشاجرة الجامعة الأردنية، حفيظة كتاب ونشطاء أردنيين ذهبوا إلى القول بأن هذا الحل يغاير ما طرحه العاهل الأردني عبد الله الثاني في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في ورقته النقاشية السادسة، التي تمثل رؤيته للإصلاح من خلال "مدنية الدولة وسيادة القانون".

وقال الكاتب مالك العثامنة إن "الدولة تفقد صبغتها كدولة مؤسسات، لا مدنيتها وحسب".

وأضاف لـ"عربي21" أن "تغليب العشيرة كان ممنهجا، بالتوازي مع إهمال مستنبتات التطرف التي تنمو في مجتمع وصل إلى مراحل متقدمة من اليأس والقهر؛ أمام مؤسسة فساد يشعر المواطن بأنها برعاية رسمية".

وتساءل العثامنة: "هل وظيفة الملك هي تقديم أوراق نقاشية؟ وهل يمكن إدارة البلد بطريقة مراكز البحث والدراسات؟"، وتابع بأن "ما يجري أفقد المؤسسات هيبتها، وأفرغ القوانين من معناها ونفوذها".

ملف العنف الجامعي الى الواجهة

وأعادت مشاجرة الجامعة الأردنية ملف العنف الجامعي إلى الواجهة، وفتحت الباب لأسئلة حول أسباب فشل الجهات الرسمية بوضع حد للظاهرة، ومدى سيادة القانون وتطبيق الأنظمة على المتشاجرين.

وتؤرق ظاهرة العنف الطلابي المجتمع الأردني؛ بسبب سقوط ضحايا وجرحى خلال الأعوام الماضية، إذ بلغت المشاجرات الجامعية ذروتها عام 2013 الذي وصفه أكاديميون بـ"العام الأسود في تاريخ الجامعات"، عقب مقتل ثلاثة طلاب وموظف في جامعة الحسين بن طلال (جنوب المملكة) على خلفية مشاجرة طلابية استخدمت فيها الأسلحة النارية.

وقالت الحملة الوطنية للدفاع عن حقوق الطلبة (ذبحتونا)، إن انخفاض حجم العنف الطلابي في الجامعات خلال السنة والنصف الماضية "لا يعني أن المشكلة قد حُلت، أو أن الظاهرة قد اختفت".

وأوضح منسق الحملة فاخر دعاس، أن "تراجع هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة؛ كان نتيجة تغليظ العقوبات على المتسببين بالعنف الجامعي، لكن جذور هذه الظاهرة لم تحل، والمتمثلة في غياب الوعي، وتغليب الولاءات العشائرية والمناطقية على حساب الولاء للوطن، وبقيت الجامعات أرضية خصبة للمشاجرات، ويمكن لأي حادثة صغيرة أن تعيدنا إلى المربع الأول".

وأضاف لـ"عربي21" أن "من أسباب الظاهرة؛ بقاء الاستثناءات المتعلقة بالقبول الجامعي، والتي تتم من خلال العشيرة والمنطقة، إلى جانب غياب سيادة القانون، ما يعني بالضرورة أننا سنواجه مزيدا من العنف".

واستهجن دعاس حل مشكلة العنف الجامعي من خلال فنجان قهوة، "ما يدفع الطالب الممارس للعنف إلى الاحتماء بعشيرته"، مطالبا بأن "يكون هناك عقوبات قانونية رادعة بحق المتسبببن بالمشاجرات".

تغييب العمل الطلابي والاتحادات

من جانبه؛ قال رئيس اتحاد الطلبة في الجامعة الأردنية، محمد السعايدة، إن "قلة الوعي لدى الطلبة وقت الفراغ الكبير، وعدم وجود أنشطة غير منهجية؛ ساهم في إذكاء المشاجرات الجامعية".

ودعا السعايدة في حديثه لـ"عربي21" إلى "إنشاء مراكز إصلاح وتأهيل للطلبة المتسببين بالمشاجرات، وإجبارهم على اتباع الأنظمة والقوانين؛ عوضا عن فصلهم".

بدوره؛ كشف وزير التعليم العالي عادل الطويسي، في حديث للتلفزيون الأردني، الأحد الماضي، أن "رجال الأمن العام سيشاركون في ضبط دخول الطلبة والزائرين إلى الجامعات، وسيتدخلون في حال نشوب مشاجرة داخل حرم الجامعة".

استثناءات في أسس القبول

وأظهرت دراسة استطلاعية لمدرسي علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، نشرها مركز الأبحاث التابعة لها في مطلع 2016، أن 90 بالمئة من المشاجرات الجامعية في الأردن؛ تحدث في كليات العلوم الإنسانية، وأن الطلبة المشاركين في المشاجرات هم الأقل تحصيلا في الثانوية العامة، ويصلون إلى الجامعات غالبا بمكارم واستثناءات".

واتفق وزير التعليم العالي السابق، وجيه عويس، مع نتائج الدراسة، مؤكدا أن "أسس القبول في الجامعات الأردنية لها دور في العنف الجامعي، كونها لا تُدخل الشريحة المطلوبة إلى الجامعة".

وقال عويس لـ"عربي21" إن "معدل الثانوية العامة لا يقيس قدرة الطلاب في الأردن، ما دفعنا لوضع مقترح في استراتيجية التعليم العالي الجديدة لتغيير أسس القبول، وستبدأ الاستراتيجية في عام 2018، وستتضمن إعادة النظر بالاستثناءات في القبول لتكون على أساس عادل".

ويبلغ عدد الجامعات في الأردن 28 جامعة، منها 10 حكومية، و18 خاصة، ويبلغ عدد كليات المجتمع الحكومية المتوسطة 29 كلية، والخاصة 21، بينما يصل عدد طلبة التعليم العالي في الأردن إلى قرابة الـ325 ألف طالب.