"عبارة ابنة الرزاز": ترجمة حرفية ووسائل إعلام تعيد نقل خطاب كراهية

"عبارة ابنة الرزاز": ترجمة حرفية ووسائل إعلام تعيد نقل خطاب كراهية
الرابط المختصر

أعاد ناشطون عبر منصّات تواصل اجتماعي ومواقع إلكترونية تدوير مقتطفات من حوار لابنة رئيس الوزراء د. عمر الرزاز، يعود للعام 2017، منشور على الموقع الإلكتروني لمنظمة MALA: Muslim American Leadership Alliance،  من دون التطرّق للمناسبة التي استدعت إحياء ذلك، ولتنبري وسائل إعلام لإعادة نقل بعض التعبيرات التي تنطوي على كراهية،  والتي انتشرت بشكل لافت عبر وسائل التواصل الاجتماعي منذ أمس.

وقد عاد "أكيد" للحوار المُشار إليه، والذي دار في سياق الحديث عن الهوية العربية الإسلامية في الغرب، وتمّ الاطلاع على النسخة الإنجليزية ومن ثم ترجمتها، فظهَرت مخالفتين بارزتين في تناوُل الإعلام لما قيل في الحوار، الأولى: ترجمة العبارة التالية I usually say that my family is in Jordan, my Dad is Syrian and Palestinian, but we’re all just hanging out in Jordan right now، فتمّت ترجمة مصطلح hanging out بـ "نتسكّع في الأردن" وهذه ترجمة حرفية عبر محرّك البحث غوغل، أما في السياق العامّي الأميركي، الذي استخدِمَ في الحوار، فهي تشير لـ "نقيم" أو "نمكث"، فيما المخالفة الثانية كانت الانتقائية في تناقل تصريحات ابنة الرزاز التي أشارت أكثر من مرة للأردن والعالم العربي في حوارها بطريقة إيجابية، غير أن التناوُل الإعلامي التقط عبارة جدلية وغضّ الطرف عمّا قيل في مواضع أخرى من الحوار.

وقد تواصَل "أكيد" مع العميد السابق لكلية الآداب ومدير مركز اللغات في الجامعة الأردنية د. رجائي الخانجي، فكان ردّه التالي "معنى اللفظة المستخدَمة هنا هو أنني أتواجد في هذا المكان، وأن هذا التواجُد لا يحمل صفة الديمومة".

يقول الخانجي إن "هذه اللفظة عاميّة، وهي بشكل رئيس تعني التواجد في مكان ما بصفة غير دائمة، وهذا هو السياق الذي أتت به في العبارة الآنفة".

رئيس الرابطة الأردنية للمترجمين واللغوين التطبيقيين وأستاذ اللغة الإنجليزية في الجامعة العربية المفتوحة د. سليمان العباس، يقول إن المعنى الحرفي للكلمة هو "أن تتسكّع أو تكون عالقاً"، غير أن السياق الذي وردَت فيه العبارة، وترجمتها بطريقة احترافية تراعي السياق، هي كالتالي: "نمكث حالياً في هذا المكان".

يُذكَر أن هذا النمط من التعبيرات يُستخَدم في العامية الأميركية، وتحديدا في أوساط المراهقين؛ إذ إن المقابلة أُجريت حين كان عُمر الفتاة 16 عاماً.

وقد قامت مواقع إلكترونية بإعادة نقل بعض تعبيرات الكراهية التي جرى تداولها عبر بعض وسائل التواصل الاجتماعي، فتحوّلت بعض هذه المواقع منبراً لتصدير هذا الخطاب على نطاق أوسع انتشاراً.

وتحوّلت وسائل تواصل اجتماعي لميدان يتنازعه طرفان: طرف ينقل ما تم تدوينه سابقاً منطلقاً من فكرة الهجوم حد استخدام توصيف "خيانة عظمى"، فيما طرف ينبري مدافِعاً عن الطرح الذي نبشته المادة المتناقلة عن ابنة الرزاز، متسائلاً عن سبب إثارة هذا الآن.

عناوين المواد الصحافية جنحَت نحو طابع الإثارة، مثل "ابنة الرزاز تثير جدلاً كبيراً في الأردن .. شاهد" و"آية الرزاز تثير حفيظة الأردنيين"، إضافةلمقالات رأي لاقت تداولاً واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية، برغم ما تنطوي عليه من خطاب كراهية تحقّقت فيه صفات عدة مثل: الشتم والوصم والتحريض والدعوة للاستقطاب.

وسَبَقَ لـ "أكيد" أن ناقشَ تناوُل وسائل الإعلام لقضية تتعلّق بالرزاز، وكان هذا إبّان انتزاع خطاب له من سياقه، ما جعل البعض في حينها يُعيد التذكير بأصول والده وبثّ خطاب كراهية بحقّه عبر منابر إعلامية ووسائل تواصل اجتماعي.

وفي هذا السياق، يعيد "أكيد" التذكير ببعض المبادئ الإعلامية، التي تحمي المهنية  من منظور أخلاقي:

  • ضرورة ألاّ يتحوّل الإعلام منبراً لتناقل خطاب الكراهية وترويجه على نطاق أوسع، حتى وإن كان التبرير هو نقل ما يتداوله مستخدمو التواصل الاجتماعي أو ما تشكّل من ردّات فعل حول أمر ما.
  • الإعلام المهني القائم على المسؤولية والأسس الأخلاقية يبتعد عن المناطق الرمادية التي قد تقود إلى حالات من الاستقطاب السياسي والاجتماعي.
  • ضرورة تحرّي الدقة والموضوعية في النقل وألاّ يكتفي كاتب الخبر بتناقل ما يرِد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل أن يحرص على التدقيق والتحقّق قبل إطلاق الاتهامات.
  • يجدر نشر مزيد من التربية الإعلامية والوعي لدى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي؛ للنأي بالذات عن خطاب الكراهية.
  • ضرورة الابتعاد عن الترجمة غير الاحترافية، والاستعانة بمترجمين أكفّاء يترجمون الوارد عبر السياق، وليس ما يرِد عبر محرّكات البحث من ترجمات حرفية، لا سيمّا ما يتعلق بفروقات الإنجليزية الأميركية عن البريطانية، وفروقات الاستخدامات الرسمية للغة عن تلك العامية.
  • ضرورة الابتعاد عن التوظيف السياسي للمحتوى الإعلامي.
أضف تعليقك