"صنع في الأردن"... حملة لإعادة الثقة بالمنتج الأردنيّ

"صنع في الأردن"... حملة لإعادة الثقة بالمنتج الأردنيّ
الرابط المختصر

تتردّد ربّة المنزل رنيم ناصر في شراء منتجات كهربائيّة أردنيّة لمنزلها، بسبب إيمانها بمقولة يردّدها الأردنيّون كثيراً "الفرنجي برنجي"، في إشارة تعني أنّ "المنتج الأجنبيّ أفضل".

 

أزمة الثقة هذه بين المنتج المحلّيّ والمواطن الأردنيّ ليست وليدة اللحظة، ورنيم ليست حالة فريدة في عدم الإقبال على المنتج الأردنيّ، إذ تعود أزمة الثقة بالمنتج المحلّيّ إلى 15 عاماً ماضياً، حسب ما يقول عضو غرفة صناعة عمّان موسى الساكت: "عندما كان السوق الأردنيّ سوقاً مغلقاً، ولا توجد منافسة للمنتج المحلّيّ، الأمر الذي لم يدفع هذا المنتج إلى تطوير نفسه بسبب عدم وجود المنافسة".

 

"عندما فتحت الحكومة الأردنيّة السوق من خلال عقد اتّفاقيّات تجارة حرّة في التسعينيات، لم يكن أمام المنتج الأردنيّ إلّا خيارين، إمّا أن يطوّر نفسه ويحسّن الجودة، أم أن تغلق المصانع"، بحسب الساكت.

 

ولإعادة الاعتبار للمنتج المحلّيّ، ترأّس الساكت حملة أطلق عليها اسم "صنع في الأردن"، في عام 2013 بهدف "تعزيز ثقة المواطن الأردنيّ بالصناعة الوطنيّة، وزيادة الإقبال على شرائها وترسيخ فكرة جودتها ومضاهاتها لجودة المنتجات المستوردة".

 

واشتركت مؤسّسات صناعيّة ورسميّة عدّة في الحملة، أبرزها غرفة صناعة عمّان والمؤسّسة الأردنيّة لتطوير المشاريع الاقتصاديّة JEDCO، برعاية من غرفة صناعة الأردن، وغرفتي صناعة الزرقاء وإربد، وتضمّ اللجنة التوجيهيّة للحملة المؤسّسة الاستهلاكيّة العسكريّة، والمؤسّسة الاستهلاكيّة المدنيّة، ووزارة التربية والتعليم، وهيئة الاستثمار، ومؤسّسة الإذاعة والتلفزيون، وأمانة عمّان الكبرى، ووزارة الصناعة والتجارة والتموين.

 

الحملة أسهمت بشكل ايجابي في تغيير اتجاه المستهلك الأردني وتعميق قناعاته بالمنتج الوطني، من خلال رصدها للأسواق والمتابعة من المصانع المحلية لاحظت وجود اقبال المستهلكين الأردنيين على شراء مختلف احتياجاته من الصناعات الوطنية.

 

لكن الحملة تقوم من خلال شركة متخصصة (ابسوس ستات) اجراء استطلاع سينتهي في شهر اكتوبر لمعرفة مدى التأثير الحقيقي للحملة على مبيعات المنتج المحلي.

 

وجدّدت الحملة نفسها في عام 2018 من خلال التوجّه إلى شبكات التواصل الاجتماعيّ، للوصول إلى الشباب وطلّاب المدارس.

 

وقد أثمرت جهود خاصّة ورسميّة في محاولة لإعادة الاعتبار للمنتج المحلّيّ، عن إطلاق الحملة موقعها الإلكترونيّ في 15 آب/أغسطس الحاليّ، ويتضمّن الموقع دليلاً لأهمّ المنتجات المحلّيّة، وإبراز تنافسيّة أسعارها مقارنة بالمنتجات المستوردة، و التركيز على دورها في تشغيل الأيدي العاملة الوطنيّة.

 

تخاطب الحملة الحس الوطني لدى الأردنيين بضرورة دعم اقتصاد بلدهم وفي نفس الوقت تبين لهم من خلال الرسائل الاعلامية والجولات الميدانية للمصانع جودة المنتج المحلي.

 

وتخاطب الحملة الأردنيين وتقول لهم ان دعم المنتج المحلي يعني: توفير احتياجات المواطن محلياً من البضائع، واستقطاب الاستثمار الأجنبي للبلاد ودخول أسواق عالمية مما يؤدي الى ضخ العملات الأجنبية في المصارف الوطن.

 

وتعرض الحملة مواصفات المنتجات المحلية، عبر صفحتها على الفيس بوك.

 

ففي مجال المواد الغذائية نشطت الحملة في الترويج لمنتجات مثل شركة مصانع الزيوت النباتية الأردنية السمنة وتقول وتشجع الناس وتقول انها نباتيه 100% من زيت النخيل غير المهدرج وتنتج أيضا زيت الذرة المكرر وزيت الصويا وزيت عباد الشمس.

 

اما فيما يتعلق بالبناء تشيد الحملة بالطوب المحلي، وتؤكد في منشوراتها ان إنتاج الطوب العازل والخرسانة الخفيفة في شركة البناء الأخضر في الاردن يتم وفق أفضل المواصفات البريطانية والأمريكية والأردنية لذلك تم اعتمادها من قبل وزارة الأشغال العامة الأردنية.

 

وتعرض الحملة من خلال مقاطع فيديو تمثيلية وحقيقة جودة الادوات الكهربائية وتعرض تجارب لمواطنين استخدموا افران وغسالات وكهربائيات محلية الصنع منذ سنوات.

 

وتعمل الحملة على بناء جيل جديد ينظر إلى المنتج المحلّيّ في شكل مختلف. يقول الساكت إنّ حملة ""صنع في الأردن" نظّمت رحلات مدرسيّة إلى المصانع الأردنيّة، من أجل إطلاع الطلبة على الصناعات الأردنيّة عن قرب، وتقديم الشرح إلى الطلّاب عن المصنع، وعن خطوط الإنتاج والجودة التي توصّلت إليها الصناعة الوطنيّة خلال السنوات الأخيرة".

وبثّت الحملة مقاطع فيديو إعلانيّة، من خلال وسائل الإعلام، إضافة إلى استخدام الجسور والدواوير والأعمدة والحافلات التجاريّة، لتعليق يافطات إعلانيّة داخل الـ"مولات" التجاريّة.

 

وتستهدف الحملة الأردنيّين بأعمارهم وفئاتهم كافّة، من أجل تعميق قناعاتهم بالمنتج الوطنيّ والإقبال على شراء مختلف حاجاتهم من الصناعات الوطنيّة. ويرى الساكت أنّ "الحملة استطاعت رفع نسب الإقبال على المنتج المحلّيّ، إذ تسعى الحملة إلى إجراء دراسة في شهر اكتوبر ، بالتعاون مع شركة استطلاع متخصّصة في قياس ردّة فعل المواطن تجاه الحملة والمنتج المحلّيّ، لمعرفة مدى النجاح الذي حقّقته حملة "صنع في الأردن" التي طرحت شعار "صناعتنا عزّتنا"".

 

يقول الساكت “قامت الحملة في ايلول الحالي بإطلاق مبادرة سفراء حملة صنع في الأردن من خلال اختيار فريق من طلبة المدارس ضمن الفئات العمرية المختلفة للعمل كحلقة وصل مع مدارسهم والتنسيق مع أعضاء هيئة التدريس لإقامة نشاطات تعريفية بالإضافة للتواصل مع أفراد المجتمع المحيط بالمدرسة لتعريفهم بأهداف الحملة.

 

وستقوم الحملة من خلال فريق السفراء توزيع رسائل الحملة ، والتعريف بأهدافها ضمن الأندية والجمعيات الطلابية، ونشر نشاطات الحملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لهؤلاء السفراء لاستهداف الجيل الجديد، وتغيير نظرته المستقبلية للمنتج المحلي، وخلق جيل يدعم اقتصاد بلده من خلال دعم المنتج المحلي تحت شعار ربي ولدك على صناعة بلدك".

 

وتظهر إحصاءات غرفة صناعة عمّان أنّ المصانع الأردنيّة تشغّل 225 ألف عامل وعاملة يعيلون أكثر من مليون فرد، في وقت تساهم في الصناعة بربع الناتج المحلّيّ الإجماليّ، وتشكّل نسبة الصادرات الأردنيّة 90% من إجمالي حجم الصادرات الوطنيّة، ، وتصل إلى 7 مليارات دولار، إذ تصل المنتجات الأردنيّة إلى أكثر من 125 دولة في العالم.

 

يقول الخبير الاقتصاديّ مازن إرشيد لـ"المونيتور" إنّ "انضمام الأردن إلى اتّفاقيّة التجارة الحرّة في تسعينيّات القرن الماضي كان لها تأثير سلبيّ على الصناعة المحلّيّة التي لم تكن صناعة قويّة قادرة على منافسة المنتجين الصينيّ والتركيّ ذات الجودة الأفضل، وكان يجب التريّث للانضمام إلى حين أن يكون لدينا صناعة قويّة".

 

وشدّد على أهمّيّة "دعم المنتج والصناعة المحلّيّين الذين يخفّفان من خروج العملة الصعبة من البلد، وبالتالي يقلّلان العجز التجاريّ، إلى جانب تشغيل الأيدي العاملة الأردنيّة، بعكس التبعيّة للغير".

 

تشير أرقام دائرة الإحصاءات العامّة في تقرير لها حول التجارة الخارجيّة في الأردن إلى أنّ قيمة الصادرات الكلّيّة خلال الخمسة أشهر الأولى من عام 2018 قد بلغت 2110.6 ملايين دينار (2974.79 دولار) بارتفاع نسبته 1,7%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017، وبلغت قيمة الصادرات الوطنيّة خلال الخمسة أشهر الأولى من عام 2018 ما مقداره 1751.9 ملايين دينار (2469.22 دولار) بارتفاع نسبته 2,5% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017.

 

وتحظى الحملة بدعم رسميّ من قبل وزارة الصناعة والتجارة والتموين الأردنيّة، ويؤكّد الأمين العامّ للوزارة يوسف الشمالي لـ"المونيتور" أنّ "الوزارة مؤيّد قوّيّ للحملة، وتعمل من أجل تحقيق استدامتها، حيث تموّل الوزارة 50% من ميزانيّة الحملة، بالتنسيق مع المؤسّسة الأردنيّة لتطوير المشاريع الاقتصاديّة JEDCO".

 

ويقول الشمالي: "الوزارة عضو في اللجنة الفنّيّة المسؤولة عن الإشراف على تنفيذ هذه الحملة وعملها. نحن نشهد التقدّم المحرز من خلال هذه الشراكة بين القطاع العامّ والقطاع الخاصّ. حملة "صنع في الأردن" هي بوّابة لمجموعة واسعة من المنتجات والخدمات التي تعتبر مصدر فخر للتقدّم الذي حقّقته الصناعات الأردنيّة في السنوات الأخيرة، وزيادة ثقة المستهلكين في هذه المنتجات في كلّ أنحاء العالم".

 

يحاول القطاع الصناعيّ الأردنيّ إنقاذ الصناعة المحلّيّة، بعد تحدّيات عدّة فرضتها الحكومات الأردنيّة، منها إبرام اتّفاقيّات تجاريّة مع دول مثل كندا، وتركيا، إضافة إلى أوروبّا، واتّفاقيّة التجارة الحرّة، إلى جانب رفع تعرفة الكهرباء على القطاع، ممّا تسبّب في إغلاق مصانع أبوابها وتسريح مئات العمّال.

 

 

أضف تعليقك