صايغ: حماس قادرة على الاستمرار طالما حافظت على التنظيم الداخلي
الاتصال وإدارة المعركة أهم عوامل استمرار المقاومة
اعتبر الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية البروفيسور الفلسطيني يزيد صايغ، أن حركة حماس قادرة على الاستمرار بالقتال طالما حافظت على تماسك التنظيم الداخلي لمقاتليها وحافظت على الاتصال والتنسيق وادارة المعركة عبر غرف العمليات والاتصالات السلكية واللاسلكية.
وأوضح صايغ في حديث لـ"عمان نت" أن حماس ستستمر بالمعركة "في حال بقيت المعنويات لدى المقاتلين ولدى المواطنين المدنيين في غزة مرتفعة، وما لم توشك أسلحتها على الانتهاء، سعياً لتغيير شروط وقف إطلاق النار الذي سيحصل عاجلاً أم آجلاً".
واستبعد صايغ، وهو باحث رئيسي في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، أن تحصل حماس بأي طريقة على اتفاق يضمن لها على الاسلحة، برفض من مصر قبل اسرائيل كون طريق تهريب السلاح تمر من الاراضي المصرية، مما يعني أن إعادة بناء ترسانتها سيصبح أمر صعب جداً.
لكن صايغ يرى أن هذه الخسارة الاستراتيجية سيتم تعويضها في الاتفاق بما ينعكس ايجابيا على حياة المواطنين في غزة وتحسين ظروف معيشتهم من تسهيل حركة الافراد إدخال مواد البناء والمعونات الطبية.
ويشير إلى أن حماس ستجد صعوبة بإخراج مقاتليها للتدريب بالخارج وعودتهم الى غزة بسبب تشديد الجيش المصري قبضته على أراضي سيناء.
وحول حلفاء حماس في المنطقة فلا يرى الصايغ أن حماس لديها خيرات كثيرة في ظل العداء المباشر مع الجانب المصري ودول الخليج، مما يبقيها رهينة للعودة الى الجانب الايراني الذي فترت علاقتها به بسبب تدخلها في الأزمة السورية.
"وقد لا تستعيد حماس ذات الحجم والتعاون ما بينها وبين ايران لكنها ليست مخيرة في هذه الفترة، بسبب المأزق الاستراتيجي الذي تقبع فيه والذي أوصلها الى القبول باتفاق الوحدة الوطنية رغم ضعف بنوده".
ويبيّن صايغ أن التنافسية والدينامية ما بين الجهاد الاسلامي وحماس سترتفع، إلا أن المعركة ستؤهل الجهاد للحلول بدور اكبر مما سبق سياسياً وعسكرياً.
ويلفت إلى أن حماس استفادت عسكريا من الربيع العربي عبر انفراج الانفاق لمدة خلال الفترة التي حكم بها الإخوان في مصر، كما استفادت من الاسلحة التي تدفقت في انحاء ليبيا بعد انهيار نظام القذافي.
وفيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها غزة، يوضح صايغ أنه يبدو أن مصادر الجباية للحكومة في غزة منفصلة عن مصادر الجباية الخاصة لكتائب عز الدين القسام، وقد يساعدوا بعضهم لكن ليس بجميع المداخيل.
كما يبين أن الدول الداعمة لحماس كإيران وعدد من المناصرين تدعمها من أجل التسليح تحديدا وليس من أجل الخدمات العامة.
أما التدريبات التي تلقتها حماس فيتساءل الصايغ أن "هناك تدريبات متواصلة في غزة لكن هل كان نوعية أم ان التدريبات النوعية كانت بالخارج".
حزب الله مقابل حماس
وفي مقارنة ما بين معركة تموز اليت قادها حزب الله 2006 والمعركة الدائرة حالياً، يعتبر صايغ أن هناك فروقات كبيرة بين التجربتين، حيث أن حزب الله كان لديه حرية حركة أعلى بكثير للتحرك بعناصره ومعسكرات تدريبه ومستودعاته، بينما حماس تبذل جهد كبير لإيصال المقاتلين الى سوريا او ايران للتدريب.
كما تختلف آلية الحصول على الاسلحة لصالح حزب الله الذي استطاع حسب تقديرات الجانب الاسرائيلي تكديس 120 الف صاروخ، بينما حماس مضطرة الى سنوات والكثير من الجهد للوصول الى جزء بسيط من هذا العدد سواء من التهريب والصناعة المحلية.
وتلعب التضاريس ومنطقة الحرب جغرافية دوراً لصالح حزب الله حيث أن التضاريس المدنية والمناطق المبنية تقلل من إمكانية استخدام الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات نوع كورنيت، لأن استخدامها يجب ان يكون في مناطق مفتوحة وتحتاج الى عدة مئات من الأمتار من الرؤية المفتوحة كحد أدنى، ومن الصعب استخدامها في الشارع الضيق على خلاف ال ا ربي جي الذي يستخدم على مسافات قريبة، وفقاً لصايغ.
وفي غزة فلا يوجد هناك أي عمق لامتصاص الهجمات المعادية في غزة بسبب البنيان الكثيف، مما يؤدي الى سقوط الارواح وارتفاع الخسائر على العكس من الجنوب اللبناني المفتوح.
من 2008 إلى 2014
لا يبدي صايغ أي تفاجئ من اداء حماس خلال هذه المعركة، معتبراً أن المفاجئة السلبية التي جاءت هي في معركة 2008 حيث كان الاداء ضعيف والخسائر للجانب الاسرائيلي قليل على الرغم من التوغل البري.
"هذه المرة حماس تعلمت من الدروس واستوعبت كيفية التعامل مع الزحف البري الآلي الاسرائيلي في المناطق المفتوحة والمناطق المبنية" يقول الصايغ، مضيفاً أنه "باللحظة التي تبدأ بها اسرائيل أي عمل بري من المتوقع ان ترتفع إصاباتهم وخسائرهم".
ويثمّن صايغ من المفاجئة التكتيكية المامثلة بالانفاق الهجومية التي كانت محفورة عبر الحدود، إلا أنه يوضح أنها لم تجبر اسرائيل على تغيير مخططها بالكامل.
بالمقابل يشير صايغ إلى وجود صعوبة عالية أمام إسرائيل بكشف الانفاق، وعلى الرغم من خلقها لمنطقة عازلة تتمثل بحوالي ثلاثة كيلو مترات عمق في داخل غزة للاتاحة للجنود بالبحث عن الانفاق إلا أنه من الصعب البحث عنها على مسافة 45 كيلو متر على طول القطاع.
أما فيما يتعلق بتطور نوعية الأسلحة وحصول حماس على مضادات الدروع والكورنيت، فيقول الصايغ "حتى لو لم يكن لدى حماس أي اسلحة غير متطورة واكتفت بالأسلحة التقليدية من رشاشات وار بي جي فيكفيها ذلك لأن تقوم بقتال عنيف جدا داخل المناطق المبنية، حيث أن نمط قتال المدن مكلف جداً بطيء جداً لأي جيش، وهو ما جرى عندما اقتحمت اسرائيل بيروت وعلقت عند حدودها لأسابيع".
وأكد الصايغ أن لدى إسرائيل هامشا معينا من الخسائر، وطالما بقيت ضمن الحد المسموح فستستمر بالاجتياح.
هذا واستأنفت كل من إسرائيل وكتائب القسام عملياتهما العسكرية صباح الجمعة، بعد تهدئة دامت لأيام ثلاثة، واستمرار تعثر المفاوضات غير المباشرة التي تجري على الأراضي المصرية، بسبب رفض إسرائيل لشروط التهدئة الفلسطينية.