صالون سياسي يناقش سناريوهات حل الأزمة السورية
ناقش صالون سياسي عقده مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان مساء الثلاثاء سناريوهات محتملة حول "حل الأزمة السورية".
وعرض رئيس تحرير صحيفة السبيل اليومية عاطف الجولاني 3 سناريوهات تحدث فيها عن توقعاته لشكل نهاية الأزمة في سوريا وعيقات وشروط تحقق هذه السناريوهات.
و طرح الجولاني سيناريو متمثل بـ "الحل السياسي وتحقيق الشراكة السياسية والمجتمعية" ويتضمن وقف كامل للأعمال القتالية،وتشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات تشارك فيها مختلف الأطراف السياسية والمجتمعية الفاعلة، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف دولي،مع إعادة بناء الجيش السوري، وإصلاح مؤسسات الدولة دون إقصاء".
وقال الجولاني ان تحقق هذا السيناريو مربوط بـ" تنحي بشار الأسد، أو تنازل تلك الأطراف عن هذا المطلب لتجاوز المعوق الأساس أمام نجاح المفاوضات،و تمكن الجيش السوري الموحّد من تحقيق انتصارات ميدانية في مواجهة المجموعات الإرهابية، بالإضافة لقبول الشعب السوري بتشكيلة الحكومة الانتقالية".
وحسب الورقة النقاشية يصطدم السيناريو بمعوقات منها " تمسك حلفاء بشار الأسد (إيران، حزب الله، روسيا) ببقائه في المرحلة الانتقالية من جهة، وتمسك المعارضة السورية والقوى الإقليمية الداعمة لها بضرورة رحيله لإنجاز الحل السياسي".
ومن المعيقات ايضا لسناريو الحل السياسي ستمرار الصراع والمواجهة الإقليمية بين إيران وحلفائها من جهة وبين السعودية وتركيا وقطر من الجهة الأخرى، وغياب الإرادة الحقيقية والتوافق الإقليمي والدولي على إنهاء الصراع وتحقيق التسوية السياسية، بالاضافة الى لاحتقانات المجتمعية التي أفرزتها سنوات الصراع بين المكونات المجتمعية وصعوبة إعادة تحقيق الاندماج والعيش المشترك، بالاضافة الى رغبة بعض الأطراف الكردية بإقامة كيان خاص، ومعارضتها العودة لصيغة الوضع السابق.
أما السناريو الثاني الذي طرحه الجولاني يتمثل في " التقسيم" و التخلي عن فكرة وحدة الدولة وسيادة الحكومة المركزية على جميع أجزاء الدولة السورية"، محذار ان هذا سيؤدي الى " تقسيم الدولة إلى كيانات ضعيفة متصارعة، وإنهاء وحدة الدولة،و تعزيز الانقسام المجتمعي على أسس دينية وطائفية وعرقية، وإلغاء أسس العيش المشترك، وتعزيز وجود الجماعات المتطرفة".
ومن معيقات تطبيق هذا السيناريو يقول الجولاني "رفض السنّة لسيناريو التقسيم، وكذلك عدم حماس النظام له إلا في حالة الخشية من السقوط وفقدان كل شيء.ومعارضة عدد من القوى الإقليمية التي ترى فيها خطرا على مصالحها أو على الأوضاع في المنطقة،بالاضافة الى صعوبة تنفيذ التقسيم واقعيا في ظل التداخلات الديموغرافية".
ويرى الجولاني رغم معارضة أطراف محلية وإقليمية لسيناريو التقسيم، فإن فرصه تتزايد كحل واقعي في ظل فشل الحسم العسكري والحل السياسي في إنهاء الصراع وفي ضوء تزايد فرص دعمه دوليا، متشهدا بموقف روسيا التي لم تبد معارضة قوية للتقسيم، وموقف الولايات المتحدة التي اختارت مؤخرا التحالف مع الفصائل الكردية في مواجهة تنظيم الدولة.
ورجح الجولاني السناريو الثالث المتمثل بـ " اللا حلّ واستمرار الصراع الجمود والمراوحة" حيث يعني غياب الحسم العسكري لأحد الأطراف، مما يترتب عليه استمرار الصراع والاقتتال الداخلي و تدمير لمقدرات الدولة ومن معاناة وسفك للدماء وتشريد لملايين السوريين، بالإضافة الى إعطاء مبرر لاستمرار نفوذ المجموعات المتشددة، وتوفير حاضنة شعبية داعمة لها".
من جهته يتفق القيادي في الحركة الإسلامية حمزة منصور مع الجولاني في سناريو بقاء الوضع القائم كما هو عليه بسبب " تعادل ميزان القوى نسبيا على الأرض"، بدوره لا يرى نائب امين عام حزب جبهة العمل الإسلامي على ابو السكر وجود " حل سياسي في ظل رأس النظام بشار الأسد في الحكم" قائلا ان " الجرح السوري وما حدث بالشعب أعمق بكثير من أن يحل سياسيا".
بدوره اتفق نقيب المحامين الأردنيين الأسبق صالح العرموطي يستبعد سناريو الحل السياسي أو سناريو الحسم العسكري، ويرى ان " القوى الإستعمارية من مصلحتها استمرار الوضع الراهن وسفك المزيد من دماء السوريين والقضاء على مقومات الدولة السورية والعبث بالأمة العربية والإسلامية".
اما المدير العام لمركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد يقول إن "من يدير المعركة في سوريا اكثر من 30 دولة خارجية"، مؤكدا في الوقت ذاته ان الحروب الأهلية في العالم لابد ان تصل الى مرحلة النهاية في وقت ما، متوقعا ان تستمر الحرب في سوريا بحدها الأقصى الى عشر سنوات وان تنتهي بحل سياسي من خلال مصالحة و طنية وإقليمية".
بدوره دعا استاذ العلاقات الدولية د.أحمد نوفل في الصالون السياسي للبحث عن ما أسماه " سناريو خلاق" من الواقع الذي تعيشه سوريا كواقع سياسي، متسائلا " أين حزب البعث الإشتراكي في الحياة السياسية، وهل من الممكن أن يضحي الحزب ببشار الأسد مقابل الحفاظ على التراب السوري موحدا"، يقول نوفل إن "سناريو البحث عن خليفة لبشار الأسد مع بقاء النظام ليس بحل".
وترى الورقة النقاشية أن فشل جولات المفاوضات المتكررة وآخرها في فيينا في تحقيق تفاهمات مهمة بين الأطراف المتصارعة، لا توفر إشارات قوية إلى احتمالات نجاح سيناريو الحل السياسي في مدى قريب.
وترجح ان سيناريو الحل السياسي هو السيناريو المرغوب والمفضل لدى العديد من الأطراف، لكن استمرار الخلاف العميق بين مؤيدي النظام الذين يدعمون استمرار بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، وبين معارضي النظام داخليا وخارجيا الذي يصرون على رحيله، يضعف حتى اللحظة فرص نجاح الحل السياسي.