شهادة "توجيهي" الائتلاف السوري...حبر على ورق

شهادة "توجيهي" الائتلاف السوري...حبر على ورق
الرابط المختصر

بعد عامين من العناء والدراسة حصل اللاجئ السوري في الأردن عماد بدر الدين (20 عاما) على شهادة الثانوية العامة "التوجيهي" الخاصة بالحكومة السورية المؤقتة لقوى المعارضة السورية، وبدأ يحذوه الأمل بالبحث عن كلية أو جامعة لدراسة اللغة الإنجليزية التي يهواها.

يذكر بدر الدين بأسى المصاعب التي تغلب عليها طوال عمره في مذاكرة المقررات الدراسية، فهو ضرير منذ الولادة، تعلم كل شيء سماعياً مستعيناً بوالدته التي كانت وما زالت تقرأ وتشرح له كل شيء ليحفظه عن ظهر قلب ويفهم محتواه.

لم يستطع بدر الدين إكمال الدراسة والحصول على شهادة التوجيهي في مدارس مدينة إربد، فقد رفضت جميع المدارس قبوله فيها حسب قوله، كونه ضريرا، مع العلم أن القانون الأردني ينص على دمج الطالب الضرير مع الطلاب الآخرين بعد الصف السادس الابتدائي.

حاول بدر الدين التسجيل في الجامعات الأردنية، بناء على شهادة التوجيهي التي حصل عليها، والصادرة عن الائتلاف السوري لقوى المعارضة، إلا أن أي جهة تعليمية في الأردن لم تعترف بهذه الشهادة.

فكانت صدمته الكبرى عندما أيقن أنه أضاع ثلاث سنوات من عمره دون فائدة تذكر، وأن تأكيد مسؤول التسجيل لدى وزارة التعليم في الحكومة السورية المؤقتة عن اعتراف الجامعات الأردنية بهذه الشهادة لم يكن صحيحاً.

آلاف الطلاب تقدمو لامحانات الائتلاف

بدأ الائتلاف السوري لقوى المعارضة بإجراء امتحانات "التوجيهي" عام 2013، حسب ما أوضح لمعدي التقرير المعلم السوري والمشرف على أحد مراكز الامتحان خالد الناصر "اسم مستعار" حيث قام عدد من المعلمين السوريين وبشكل تطوعي بإجراء دورات تقوية للطلاب في مخيم الزعتري وخارجه وفقا للمنهاج السوري المعدل،

وأجريت العملية الامتحانية بموافقة خطية من وزراة التعليم الأردنية. وفي العام التالي كانت العملية أكثر تنظيماً وأجريت دورات التقوية لثلاثة أشهر قبل الامتحان، وتمت العملية بعلم وموافقة شفهية من وزارة التعليم الأردنية، يؤكد الناصر.

في الأعوام التالية يقول الناصر، تشكلت الحكومة السورية المؤقتة، واستلمت وزارة التربية فيها تنظيم العملية التعلمية هذه وإجراء الامتحانات وطبع الكتب الخاصة بالمنهاج التعليمي السوري المعدل، وتوزيعها مجانا على الطلبة.

وحسب الناصر فقد سجل في دورات التقوية حتى بداية عام 2017 ما يقارب الـ 3520 طالبا سوريا، دفع كل منهم 5 أو 10 دنانير كرسوم تسجيل، صرفت هذه الرسوم على استئجار مراكز إجراء دورات التقوية وطباعة المواد اللازمة للعملية التعليمية والامتحانات .

ويوضح الناصر أن المنهاج التعليمي تم إعداده من قبل المدرسين أنفسهم، وتمت طباعته على حساب المعلمين في مخيم الزعتري في الأعوام الأولى، بينما حصل الطلاب خارج  المخيم على نسخ منه، قاموا بطباعته على حسابهم الخاص، أما في العام الجاري، فحصل جميع الطلاب على كتب مطبوعة من قبل وزارة التعليم في الحكومة السورية المؤقتة، وتقدمو للامتحانات على أساسها.

قابل معدا التقرير 16 طالبا وطالبة من السوريين الذين تقدمو لهذه الامتحانات، أكد 6 منهم تقدموا للامتحان عامي 2013 و2014، بأن مسؤولي التسجيل في الائتلاف أبلغوهم بأن الشهادة التي سيحصلون عليها معترف بها من قبل وزارة التربية والتعليم الأردينة، بينما أعلم مسؤولو التسجيل الطلاب الباقين الذين سجلوا عام 2015 وما بعده، بأن هذه الشهادة غير معترف بها محلياً.

مسؤولو التعليم يرفضون التعليق

تواصل معدا التقرير مع مسؤولة التعليم في مكتب الحكومة السورية المؤقتة في عمان حنان إبراهيم، لاستيضاح مجريات العملية التعليمة ومدى التنسيق مع وزراة التربية والتعليم الأردنية وملابسات الاعتراف بالشهادة الممنوحة للطلاب.

إلا أنها رفضت التعليق أو الرد على أي من أسئلة المعديْن، ووجهتهما للتواصل مع مساعد وزير التعليم في الحكومة السورية المؤقتة في تركيا فواز العواد، الذي بدوره لم يجب على اتصالاتهما الهاتفية المتكررة، ولم يحصلا منه على أي تعليق.

في الجانب المحلي، زار معدا التقرير وزارة التربية والتعليم الأردنية 14 مرة، في محاولة لمقابلة الناطق الإعلامي وليد الجلاد ولم يفلحا، ورد أخيرا عليهم هاتفيا بقوله "لا أعلم شيئا عن امتحانات الحكومة السورية المؤقتة"، ووجههما للتواصل مع الأمين العام بالوزارة محمد العكور الذي أكد بدوره أنه لا يعلم أي شيء عن الموضوع، ويجب مراجعة الناطق الإعلامي وليد الجلاد.

وتوجه المعدان لمقابلة مدير إدارة الامتحانات الأرنية زيدان العلاوين، لسؤاله عن الامتحانات التي تجري على الأراضي الأردنية وهل تقوم الإدارة بتنظيمها، إلا أنه أبلغهما ألا علم للإدراة بهذه الامتحانات وطلب منهما التوجه إلى الناطق الإعلامي في الوزارة للحصول على معلومات دقيقة في هذا الموضوع.

مدير إدارة التعليم الخاص أمين محمد عواد الشديفات أجاب كذلك بألا علم له عن هذه العملية التعليمية ولا يستطيع إعطاء أي معلومات، مطالبا بمراجعة الناطق الإعلامي أيضا.

عملية تعليمية وامتحانات تُجرى وشهادات تمنح وأموال تجمع ومناهج تعلمية تطبع وتدرس من قبل وزارة التعليم في الحكومة السورية المؤقتة لأربع سنوات متتالية وآلاف الطلاب يتخرجون منها بلا أي رقابة أو دور لوزارة التعليم الأردنية التي لا تعلم عن واقع الأمر أي شيء.

أضف تعليقك