شخصيات أردنية في الخارج ترفع السقف.. معارضة أم "نشطاء"

شخصيات أردنية في الخارج ترفع السقف.. معارضة أم "نشطاء"
الرابط المختصر

لامست شخصيات أردنية سياسية معارضة مقيمة في الخارج خطوط طالما اعتبرت حمراء في الأردن، بعد أن وجهوا سيلا من الانتقادات لسياسات البلاد الداخلية والخارجية وطريقة الحكم عبر منصات التواصل الاجتماعي خصوصا "الفيسبوك"، محققين مشاهدات كبيرة عبر شبكات التواصل.

 

 

وخلقت هذه الشخصيات التي لا تتجاوز عدد أصابع اليد حالة من "المعارضة"، اعتبرها البعض محاولة لتشكيل نواة خارجية لمعارضة أردنية، فيما وصفهم البعض بـ" نشطاء البث المباشر"، بينما ذهبت شخصيات سياسية أردنية لاتهامهم بتلقي تمويل خارجي في محاولة لإضعاف النظام لتمرير أجندات خارجية على حد قولهم.

 

 

 

وتنوعت خلفيات هذه الشخصيات بين صحفيين، وناشطين في الحراك الشعبي، لجأوا إلى أمريكا دول أوروبية، وبدأوا التحدث بحرية حول المشاكل السياسية التي تعاني منها البلاد بسقف مرتفع، أبرزهم: الناشط في الحراك لؤي رحاحلة المقيم في هولندا، والصحفي نايف الطورة المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، والناشط علاء فزاع، المقيم في السويد، والصحفي محمد صيام المقيم في الولايات المتحدة.

 

 

 

وتأتي هذه الانتقادات على وقع ما أسمته السلطات الأردنية "شائعات" طالت العائلة المالكة نفسها، ودفعت شخصيات أردنية للتحذير من مصدر هذه الأخبار، ودفعت هذه الإشاعات الملك عبد الله الثاني، لترأس جانب من اجتماع مجلس الوزراء، فور عودته من إجازته الطويلة بالولايات المتحدة في آب/ أغسطس الماضي، ليرد على من تساءل "أين الملك؟"، حيث أفرد الملك مساحة في ترؤسه للاجتماع للحديث عن الإشاعات واغتيال الشخصية، مبينا "ضرورة التعاون وتكثيف الجهود لمواجهتها".

 

 

 

الخارج مساحة للتعبير

الناشط السابق في الحراك الأردني، لؤي رحاحلة، يصنف نفسه على أن "شخص حر يحارب الفساد"، ويقول لـ"عربي21"، "أنا حراكي اردني ومن أوائل الحراكيين الذين نزلوا للشارع في بداية الربيع العربي، وأنا الآن منفي خارج بلدي وبرأيي لا فرق بين معارضة خارجية أو داخلية المهم الطرح وأنا طرحي و مواقفي تعجب الكثيرين".

 

 

أما بخصوص مساحة الحرية خارج الأردن، يؤكد الرحاحلة أنها "إيجابية للمُعارض كي يستطيع أن يُعبر عن رأيه بدون خوف أو قلق، رغم أنني محارب بكل الوسائل لمنع طرحي المتمثل في الملكية الدستورية رئيس وزراء منتخب من الشعب وقضاء عادل مستقل لمحاسبة الفاسدين، إلا أنني الآن أقود أحرار الأردن الحقيقيين، ورغم الضغوط التي أتعرض لها حتى وأنا في هولندا عن طريق التضييق في أمور الإقامة والإجراءات القانونية".

 

 

بدوره، لا يعتبر الناشط السياسي، المقيم في السويد علاء الفزاع، الشخصيات الموجودة بالخارج "معارضة خارجية"، ويقول "لا أعتقد بوجود معارضة خارجية حتى الآن، فما هو مطروح من النشطاء الأردنيين في الخارج هو جهود في كشف الفساد والدفع باتجاه الإصلاح، ولكن كل ذلك يأتي ضمن سياق طروحات المعارضة والحراك في الأردن. حتى الآن لم ُيطرح برنامج سياسي متكامل ولم تتشكل مجموعة حقيقية كمعارضة، باستثناء مجموعة مفتعلة هي مجموعة مضر زهران والتي ثبت أنها لا تمثل أحداً".

 

 

إلا أنه يؤكد لـ"عربي21"، على مدى تأثيره في الداخل الأردني رغم، تواجده في الخارج، "تمكنت من تغيير بعض القرارات، وإيقاف بعض صفقات الفساد، وذلك عبر إثارة القضايا إعلامياً، ثم التواصل مع بعض النواب لإثارتها داخل مجلس النواب، وهو مزيج نجح في مرات كثيرة، كثير من النشطاء في الخارج نجحوا في تنظيم حملات لوقف قرارات معينة، وفي اعتصام الرابع لعب نشطاء الخارج دوراً محورياً في الترويج للاعتصام وإنجاحه".

 

 

انتقاد ملكي للإشاعات

وعاد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، مجددا لانتقاد الإشاعات في أكثر من لقاء مع صحفيين أردنيين، بل انه خصص جزء من خطاب العرش يوم الأحد لانتقاد الإشاعات قائلا "سمعة الأردن على المحك وفي الوقت الذي نؤكد فيه على ثقتنا بوعي الأردنيين ودورهم الفاعل في محاربة الفساد والتصدي له، فإن الحذر مطلوب ممن يساهم، بقصد أو بغير قصد، في نشر الإشاعة والاتهامات التي لا تستند إلى الحقائق لتشويه السمعة والنيل من المنجزات وإنكارها، ولا نقبل أن تكون سمعة الأردن على المحك".

 

 

 

أمين عام الحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، يعتقد أن "أجندات خارجية وتمويل وخيوط خفية تقف وراء تلك الأصوات المعارضة في الخارج، بهدف إضعاف النظام في الأردن، من خلال العزف على أوراق ضعف داخلية؛ بهدف تمرير صفقات تصدى لها الأردن الرسمي، ومن أبرزها موقف الملك الحازم من القضية الفلسطينية وضرورة حلها حلا عادلا على أساسات الشرعية الدولية".

 

 

 

ويقول لـ"عربي21"، "الأردن صمد في وجه حرائق المنطقة وأنقذ نفسه من خلال تجاوز المخططات منذ عام 2011، ولم تصل الفوضى للأردن، لذا لا سبيل لأن يستجيب الأردن لتلك المخططات إلا من خلال إضعاف النظام السياسي، هؤلاء المعارضون لا يتحدثون من تلقاء أنفسهم، إضعاف النظام السياسي في الأردن يجعله أكثر استجابة، بالتالي الهجمة هي محاولات لإضعاف النظام من خلال استغلال بعض الأوراق الداخلية، ولا استغرب اذا شهدنا بالمستقبل فضائية خارجية مختصة بالشأن الأردني، لاغتيال الدولة الأردنية".

 

 

إلا أن الناشط علاء الفزاع يرد على التهم الموجهة للشخصيات المعارضة بالخارج، ومنها محاولة إثارة الفتنة، بأنها "تهمة معلبة، تكررت ضدي وضد كل من انتقد الحكم منذ سنوات، من يثير الفتن حقيقة هم من في الحكم، حيث انهم هم المحرض الرئيس للشارع الأردني، أخطائهم وخطاياهم ونهجهم الفاشل وتدميرهم لحياة الأردنيين عبر عقدين كاملين، هم يتحملون وزر الإحباط والغضب والفتن، الانتقاد والمعارضة هي في الحقيقة وأد الفتنة ومحاولة حثيثة لمنع المزيد من التدهور".

 

 

 

ويرى الفزاع أن ما يجري بين نشطاء الخارج هو "مجرد تنسيق وتشاور، وهو متداخل مع تنسيق وتشاور مع النشطاء في الأردن. لكن ارتفاع مستوى الكبت والاعتقالات والتغييرات المستمرة في القوانين ورفع مستوى التهديدات والملاحقات الأمنية والقضائية والضغط لإجبار النشطاء الأردنيين على خفض سقوفهم، كل ذلك يدفع الأردنيين للتطلع إلى الخارج حيث يحظى الأردنيون هناك بمساحات أكبر من الحرية". على حد وصفه.

 

 

 

وحذر من نشوء معارضة خارجية أردنية منظمة في حال "إصرار الحكم في الأردن على إسكات كل الأصوات الناقدة، الأمر الذي قد يساهم سريعاً في إعطاء مشروعية لمعارضة أردنية في الخارج، لكن نأمل ألا نصل إلى تلك المرحلة كون صورة المعارضات العربية الخارجية الأخرى سيئة للغاية لدى الشارع الأردني".

 

 

يذكر أن الحكومة الأردنية، تعهدت بإصلاحات سياسية واقتصادية، خلال جدول زمني يمتد إلى سنتين تتضمن تشكيل حكومات برلمانية، ومحاربة الفساد، وإشراك الشباب في صنع القرار، إلى جانب تحقيق رفاه اقتصادي من خلال الدخول بما اسمته "الحلقة المنتجة" جهود حكومية تحاول امتصاص غضب شعبي متزايد على الأوضاع السياسية والاقتصادية المترهلة في البلد.