سياسيون يهاجمون الحكومة..ويتهمونها بـ"الاستثمار بالخوف الصمت"
صعدت شخصيات سياسية ونقابية اردنية من وتيرة خطابها تجاه حكومة رئيس الوزراء عمر الرزاز على خلفية حملة اعتقالات قامت بها الأجهزة الأمنية لعدد من الناشطين السياسيين ومداهمة خيمة احتجاجية تضامنية مع المعتقلين في مدينة مأدبا.
وتداعت أحزاب ونقابات لعقد ملتقى وطني للدفاع عن الحريات نظمته لجنة الحريات في نقابة المهندسين مساء السبت كخطوة ضمن سلسلة فعاليات احتجاجية على ما أسمته "استمرار نهج الاعتقالات والتضييق على الحريات".
وقال نقيب المهندسين أحمد الزعبي، "كلما طالبنا بحكومة انقاذ وطني جاءت حكومة جباية بثوب جديد،واصفا مضي الحكومة بالإصلاح السياسي بخطوة الى الأمام يعقبها خطوتان الى الخلف".
ويصف الزعبي محاربة الفساد بالاردن "اسلحة من رصاص لا صوت لها"، قائلا إن "الأردن تعيش عودة سياسة الاعتقالات وعودة سياسة الاستدعاء وتنامي السعي المحموم لقوننة التشريعات المقيدة للحريات وعلى رأسها قانون الجرائم الإلكترونية، مما يدفع النقابيين والحزبيين للعمل على سلسلة من الفعاليات لصناعة رأي عام ضاغط".
بدوره أعلن نقيب المحامين الأردنيين، مازن ارشيدات، عن "عزم النقابة التوقف عن الترافع أمام محكمة أمن الدولة، بعد ان أسندت تهم "محاولة قلب نظام الحكم: لعدد من المعتقلين وعلى رأسهم المهندس سعد العلاوين".
وأعاد ناشطون من لواء ذيبان في مدينة مأدبا بناء خيمة اعتصام على دوار ذيبان للمطالبة بالافراج عن المعتقلين السياسيين عقب فض قوات الدرك اعتصاما أقيم بعد صلاة ظهر الجمعة في نفس المكان، حيث قامت قوات الدرك بإطلاق الغاز المسيل للدموع .
بينما ذكرت الكاتبة لميس اندوني في كلمة لها بالملتقى، رئيس الوزراء عندما كان والده منيف معتقلا في سجن الجفر الصحراوي في خمسينيات القرن الماضي، وقالت أندوني "كان عمر طفلا وسأل أمه أين والدي لتخبره انه ذهب إلى سوريا ليأتي لك بقطار"... تتابع لميس "يا عمر ماذا ستقول زوجات المعتقلين من الناشطين لابنائهن".
وقدرت لجنة الحريات في نقابة المهندسين أعداد المعتقلين مؤخرا من الناشطين على خلفية التعبير عن الرأي الى 14 شخصا، سبقهم اعتقال العشرات منذ تسلم حكومة الرزاز لمهامها.
واعتبر سعيد ذياب امين عام حزب الوحدة الشعبية أن "الانتصار لمعتقلي الرأي هو انتصار لكل مواطن في الاردن، وان الحكومة تضع نفسها في الضد للأغلبية الساحقة من المواطنين وانها عاجزة عن التغيير بسبب سياسات التبعية ولا تجد أمامها الا اسلوب القمع متناسية فشل هذا الأسلوب تاريخيا".
وربط ذياب بين قمع الحريات واتفاقية السلام مع اسرائيل التي قال إن من أحد مستحقاتها "عدم السماح للناس بالتعبير عن رأيها بحرية".
وهاجم نائب أمين عام حزب الشراكة والإنقاذ، سالم الفلاحات، الحكومة واستثمارها "بالخوف والصمت"، مستغربا في ذات الوقت "سجن وملاحقة معتقلي الرأي والإفراج عن الفاسدين من أمثال وليد الكردي المتهم بسرقة الفوسفات، و عوني مطيع المتهم بقضية تزوير الدخان".
فيما أعلن موسى بريزات المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان (جهة شبه حكومية) عن دور المركز في متابعة قضايا الحريات العامة وزيارة الموقوفين، منتقدا تغيير السلطات المعنية للوصف الجرمي للمعتقلين من اطالة اللسان الى محاولة تقويض نظام الحكم معتبرا ذلك "مقايضة للمواطن بين حريته او تخليه عن رأيه وحقه في التعبير عنه".
واعتبر الملتقى في ختام جلسته أن "سياسة الاعتقالات والاستدعاءات تعبر عن إفلاس وانسداد افق الحكومة، واختلال علاقة المواطن بها، محذرا من مناخ الفوضى الذي ينتجه هذا الأسلوب"، ومشيرا الى ان استمرار اعتقال الأحرار هو تشويه لصورة الوطن.
ويأتي الملتقى في وقت أعلنت الحكومة عن ما أسمته "مشروع نهضة" وتعهدات بإصلاحات سياسية واقتصادية، خلال جدول زمني يمتد إلى سنتين تتضمن تشكيل حكومات برلمانية، ومحاربة الفساد، وإشراك الشباب في صنع القرار، إلى جانب تحقيق رفاه اقتصادي من خلال الدخول بما أسمته "الحلقة المنتجة" بجهود حكومية تحاول امتصاص غضب شعبي متزايد على الأوضاع السياسية والاقتصادية المترهلة في البلد.