سماسرة النقل العام..غياب المرجعية رغم الحاجة
عند أول كل دور على خطوط وسائل النقل العام، يقف من يعرف شعبياً بـ"السمسار" الذي تتلخص مهمته بتنظيم وتحميل مركبات الأجرة (السرفيس) والباصات بالركاب.
في مجمع المحطة، يسأل الكثير من الركاب المنتظرين عن السمسار، معتبرين أنه المنظم والمسؤول عن حفظ حقهم في ركوب السرفيس أو الباص.
ويتعاطف سائقون وركاب مع الرجل الخمسيني أو الستيني الذي يقف لساعات طويلة في تنظيم اصطفاف الحافلات والمراكب وتحميلها بالركاب، حسب ما رصدناه من آراء خلال جولة ميدانية شملت مجمع المحطة وخطوط نقل عام في مناطق متنوعة داخل عمان.
ويوجد في عمان نحو 150 سمسارا يعملون على خطوط السرفيس البالغ عددها 85 خطا، وخطوط الباصات البالغ عددها 120، يعمل على كل خط من 1 الى 3 سماسرة بحسب حجم الخط وكثافة ركابه، مقسمين على طول فترة عمل الخط، وفقا لنقابة العاملين بالنقل البري والميكانيك.
أجرة زهيدة
ويتقاضى السمسار أجرته اليومية من السائقين؛ أجرة راكب واحد لكل سرفيس تعمل على الخط، بمتوسط 35 قرشاً، أو نصف دينار عن كل باص.
ويؤكد أبو زيد، وهو سمسار يعمل على خط سرفيس "جبل عمان 2"، أن المبلغ التي يتقاضاه لا يوازي مقدار الجهد والتعب المبذول في عمله، داعيا ً الجهات المسؤولة إعادة النظر في أوضاع السماسرة.
كما يرى سائقو سرفيس أن المقابل المادي قليل إزاء "الحاجة الماسة لوجودهم على الخط".
من جهة أخرى يرفض بعض سائقي الباصات وجود السمسار على الخط، معللين ذلك بعدم وجود ما يضيفه لعملهم من حيث تنظيم الدور، وقدرتهم على تنظيم أنفسهم.
مخالفات
ويشير بعضهم إلى أن "السماسرة" يشكلون "عبئا" عليهم في بعض الأحيان، موضحين أنهم قد يغادرون مكان عملهم بمجرد تلقيهم أجورهم، إلا أنهم ومن باب العطف يدفعون لهم هذه الأجور.
الخلافات بين السائقين والسماسرة حوادث متكررة على جميع الخطوط التي قمنا بزيارتها، وتنشب غالبا بسبب تحميل السماسرة لسيارات خصوصية على خط النقل العام مقابل أجر، ويعتبر انتظار السيارات الخاصة هناك مخالفا لقوانين السير، وهو مشهد يتكرر بصورة يومية على مختلف الخطوط.
ويعترف سماسرة أن الالتزام بتنظيم الدور هو عملهم الأساسي، إلا أنهم في أوقات الذروة يضطرون لتحميل سيارات خاصة لعدم توفر سيارات السرفيس، في حال تزاحم الركاب على الدور، واللذين بدورهم يرحبون بالفكرة اختصارا للوقت.
ويبدي سائقون انزعاجهم من تعاون السماسرة مع أصحاب السيارات الخاصة، غير أنهم يلقون باللوم على الجهات المعنية ودور الرقابة في منع اصطفاف السيارات الخاصة بالقرب من خط النقل العام.
ويؤكد السائقون أنهم على علم تام بقدرتهم على رفع عريضة لنقابة العاملين بالنقل البري والميكانيك يطالبون فيها الاستغناء عن السمسار في حال مخالفته للأعراف المتبعة بينهم، إلا أنهم في الغالب يتعاطفون معه معتبرين وجوده "حالة إنسانية" ولن يقدموا على "قطع رزقه".
ورغم ذلك، أكد سائقون يعملون على خط سرفيس الهاشمي الشمالي والذي يشغل نحو 63 سيارة مطالبتهم في وقت سابق نقابة العاملين بالنقل البري و الميكانيك الاستغناء عن خدمات أحد سماسرة الخط بعد مخالفته وتعديه على حقوقهم.
مطالبات بمظلة
لا يمكن أن نعرّف "السمسار" على أنه موظف يعمل لحساب أي جهة مسؤولة ويتقاضى من خلالها أجره مقابل عمله لعدد ساعات محددة، وبالتالي فإن غياب مرجعية التوظيف يترتب عليها غيابا لحقوقه وواجباته ومستقبله وحتى أجره الشهري.
كل ما يحمله السمسار من وثائق تثبت شرعية وجوده على الخط هو بطاقة تعريفية معتمدة من نقابة العاملين بالنقل البري والميكانيك، يتم إصدارها بعد موافقة غالبية سائقي السرفيسات أو الباصات العاملين على نفس الخط، وكل ما تشترطه النقابة من جهتها أن يتوفر لدى السمسار شهادة حسن سيرة وسلوك.
يقول أبو زيد إن "هذه المهنة ضرورية من حيث تنظيمها للخط، إلا أن عدم وجود مظلة تحمينا أمر مقلق لمستقبلنا كعاملين في هذا المجال".
ويؤكد سماسرة آخرون يعملون على خطوط السرفيس والباصات حاجتهم لتبنيهم من قبل جهة رسمية تعترف بهم وتضمن لهم حقوقهم.
وفي الوقت الذي لا تنفي فيه الجهات المعنية دور السمسار في تنظيم حركة المركبات والباصات وتحميل الركاب على رأس كل خط، إلا أنها لا تملك توجها بتعيينه أو الاعتراف بوظيفته رسميا. خلافا لما كان عليه الحال من تعيينهم من قبل محافظ العاصمة
أمانة عمان باعتبارها الجهة المسؤولة عن عمليات النقل في العاصمة تشير إلى أهمية وجود السماسرة لتنظيم الخطوط، إلا أنها تنفي علاقتها بهم أو بتعيينهم، رغم "تعاونها معهم واستقبالها ملاحظاتهم عند اللزوم"، بحسب مدير عمليات النقل في الأمانة المهندس عبد الرحيم الوريكات.
كما ينفي رئيس نقابة العاملين بالنقل البري والميكانيك محمود المعايطة وجود أي توجه لدى النقابة باستحداث هذه المهنة كوظيفة رسمية، لما في ذلك من تبعات مالية تتمثل بالتأمين والضمان وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن معدل الحركة في استخدام وسائل النقل يبلغ 6 ملايين حركة يوميا، 13% منها فقط تستخدم وسائط النقل العام، 5% باصات، و 8 % سيارات السرفيس.
ويوجد في عمان 5 شركات منظمة تشغل أسطول النقل، تشمل 300 حافلة نقل كبيرة، 200 حافلة متوسطة ( كوستر)، و3200 سيارة سرفيس تعمل حالياً على الخطوط الرئيسية.