سرطان الثدي: الخائفات من الفحص يتأخرن في العلاج
عامان مضيا على سيرين وهي تعاني من وجود كتلة في ثديها، استبعدت حينها أن تكون الكتلة بداية لإصابتها بالسرطان، مرض حولها كما تقول خلال اشهر قليلة " من إنسانة صحيحة الجسم إلى أخرى هزيلة لا تقوى على الحراك" .
لم تتشجع سيرين ( 32 عاما) على إجراء الفحص إلا بعد أن شعرت بألم كبير يصيب ظهرها ويشل حركتها، بعد ان كسرت حاجز الخوف اكتشف الأطباء أن المرض لديها وصل إلى مرحلة متقدمة انتشر فيها من الثدي إلى الكبد والعظام .
تقول سيرين الام لطفلين"حينها بكيت مطولا على مصير طفلي من بعدي وشعرت أن الدنيا ضاقت علي ولم املك إلا أن اسلم نفسي لله".
لم تتدهور صحتها بسبب المرض بل زادها أن تخلى زوجها عنها وهي في مرحلة العلاج وطلقها كونها أصبحت عبا عليه كما تروي"لعمان نت ".
سبق الطلاق، تهرب الزوج الذي اصبح يزرها مرة كل عشرة أيام اثناء علاجها، زيارة تقلصت حتى وانتهت بورقة الطلاق.
تعترف سيرين أن جهلها بأهمية إجراء فحص مبكر للثدي وإهمالها لصحتها كلفها حياتها وأسرتها، تقول " استبعدت ان يصيبني المرض، لهذا لم افكر بالفحص".
خلافا لسرين فقد شكل الخوف والحرص على صحتها، حافزاً لميساء (38عاما) لتقطع مسافة طويلة من القرية التي تقطنها في جرش إلى عمان لإجراء فحص مبكر للثدي في وحدة الكشف المبكر في مركز الحسين للسرطان .
تقول وهي التي تعمل مدرسة " لم اكن اشتكي من الم، أرادت فقط أن أطمئن على سلامة جسدي"، ما زاد في دافعيتها لإجراء الفحص المبكر ان والدها توفي بمرض السرطان قبل(16عاما)، حسب ما قالت " لعمان نت".
الفحص اثبت عدم إصابة ميساء، تقول " اطمئنيت ان المرض ليس وراثياً"، لكن قررت ان تواصل الفحص السنوي لقناعتها بان اكتشاف المرض بمراحله المبكرة يسهل السيطرة عليه ويسرع العلاج".
يعتبر الكشف المبكر أفضل طريقة لمحاربة سرطان الثدي وبحسب مديرة برنامج الكشف المبكر عن سرطان الثدي في مركز الحسين للسرطان الدكتور يسار قتيبة.
تكمن أهمية اجراء الفحص المبكر للثدي بحسب قتيبة باكتشاف المرض بمراحله الأولى والتي يكون فيها عادة حجم الورم اقل من 2 سم بحيث يمكن خلالها السيطرة على المرض والشفاء منه.
على العكس من اكتشافه بالمرحلة المتأخرة والتي تكون فيها نسب الشفاء اقل كما تقول قتيبة،اذ يصل فيها حجم الورم الى4 سم وينتشر حينها الى مناطق أخرى بالجسم مما يعني استخدام انواع متعددة من العلاج وكلفة مالية اعلى ووقت اطول وتاثير سلبي اكبر على نفسية السيدة والعائلة.
تصل نسبة الشفاء في حال اكتشاف المرض بمرحلة الصفر إلى 100%،أما اكتشافه بالمرحلة الأولى فتتراوح بين 84% الى90%،وفي حال اكتشافه بالمرحلة الرابعة وهي أكثر مرحلة متقدمة فتصل نسبة الشفاء فيها إلى14%”،تقول قتيبة.
وبحسب الإحصائيات يوفر اكتشاف المرض بالمرحلة الأولى وبعد مضي خمس سنوات من المتابعة النجاة ل84 سيدة، اما اكتشافه بالمرحلة الرابعة فيوفر النجاة فقط 14 سيدة مقابل فقدان 80 سيدة بسبب تأخرهن باكتشاف المرض وعدم لجوءهن للكشف المبكر.
معتقدات خاطئة لا تشجع على إجراء الفحص المبكر”.
تقول ميساء أن النساء في قريتها "المقبلة" بمحافظة جرش يرفضن فكرة إجراء كشف مبكر عن سرطان الثدي خوفا من المرض،وان أفكارهن تميل نحو ان يمتن به خيرا من أن يكتشفنه وتبدأ معاناتهن مع العلاج.
تضرب ميساء مثالا على أن عدم الوعي قد يصل لسيدات متعلمات،”كمديرة المدرسة التي اعمل بها حاولت ان تثنيني عن إجراء الفحص بحديثها توكلي على الله،وما فيه داعي للفحص”.
ربى (27 عاما) هي الأخرى انهالت عليها النصائح من صديقاتها بعدم إجراء الفحص المبكر خوفا من تعرضها للعدوى،وان مجرد ذهابها للفحص وهي سليمة ستعود مصابة فعليا بالمرض،وأخريات يؤكدن لها أن” العين تلقط المرض فتصاب به .
تقول ربى حالة هلع إصابة صديقاتي وأقاربي عندما علموا أني سأقوم بإجراء كشف مبكر مشددين بسؤالهم “ليش،شو صار،شو حاسة“.
تفسر الدكتورة يسار ضعف إقبال السيدات على الكشف المبكر بالخوف من مواجهة الحقيقة وان السيدات يبالغن بفكرة أن"المرض نهايته الموت"،هل الرغم أن هذه الفكرة غير صحيحة والمرض يمكن علاجه في حال اكتشافه مبكرا .
يضاف إلى ذلك بحسب الدكتورة يسار"النظرة المجتمعية اتجاه المرض التي تتسبب لدى السيدات بعدم الرغبة بالكشف من المرض خوفا على سمعة المراة وبناتها “ان المرض معدي او العزوف من الززاج من بنات الام المصابة ، او ان تتغير معها اسرتها او زوجها .
الإقبال على الكشف المبكر دون المستوى”.
تستقبل وحدة الكشف المبكر في مركز الحسين للسرطان النساء من عمان ومختلف المحافظات،لكنها ما زالت دون المستوى المطلوب بحسب الدكتور قتيبة.
شهريا يراجع الوحدة ما بين 580-600 سيدة ما بين فحص دوري وفحص مع شكوى، وبواقع 30 سيدة لدى الطبيبتين فيها.
وتؤكد قتيبة على أن مستوى الوعي لدى السيدات على وجه العموم زاد بنسب قليلة مقارنة مع السنوات الماضية لكن ليس بالمستوى الذي يطمح إليه المركز بحيث تصبح المراة "بدنا نوصل لمرحلة انو السيدة تيجي تفحص وما عندها شي“.
وتشدد قتية على ان الية الفحص سهلة وغير معقدة وليست مرعبة تعتمد في اساسها على اخذ صورة شعاعية للثدي"ما موغرام"لاكتشاف أي نمو او كتلة في الثدي صغيرة او عميقة ومن الصعب الاحساس بها عن طريق الفحص العادي،ومن ثم في حال ظهور أي كتلة يوصى باخذ عينة من الكتلة "خزعة "وعندها يساهم المركز بحصول المراة على اعفاء من الديوان الملكي ليساعدها في التكاليف المالية.
تشمل اعراض المرض وجود كتلة في الثدي أو كتلة تحت الإبط، إفرازات غير طبيعية من حلمة الثدي، تغير في اتجاه الحلمة أو انبعاجها الى الداخل، سماكة جلد الثدي أو تورم الثدي.
الارقام الرسمية التي وردت في تقرير السجل الوطني للسرطان مؤخرا سجلت925 حالة سرطان ثدي بين النساء في الاردن، شكلت ما نسبته 37.8 % من بين مجموع الحالات المصابة بالسرطان.
ويبلغ معدل انتشار سرطان الثدي بين السيدات 34 اصابة لكل100 ألف سيدة.
هذا العام ... حملات التوعية تختلف”.
وتشير الارقام الى ان35% من مجموع الاصابات تم تشخيصها ضمن المرحلتين الثالثة والرابعة،الامر الذي دفع بالتفكير جديا بالية لزيادة الوعي المجتمعي على اهمية الكشف المبكر، من خلال اشراك قادة المجتمع المحلي ضمن حملة التوعية الذي ينفذه البرنامج الوطني لسرطان الثدي لهذا العام .
وتاتي الحملة وبحسب مديرة البرنامج نسرين قطامش مرادفة للحملات التوعوية السابقة، من اجل اشراك قادة الراي في المجتمع المحلي بتشجيع النساء على الكشف المبكر وليكون لهم تاثيرا اكبر على السيدات لحثهن على الفحص“.
السياسية والدين يلتقيان في ضرورة التوعية على سرطان الثدي”
الباحث في القضايا الاسلامية الشيخ حمدي مراد افتى شرعا بوجوب فحص الثدي المبكر ،وجواز الفتوى بحسبه ياتي من باب المحافظة على المجتمع،لافتا الى ان المراة هي المجتمع وباصابتها تصاب الاسرة والأهل والأصدقاء .
ويرى مراد ان ظاهرة انتشار مرض سرطان الثدي بين النساء تحتاج الى التوقف بمزيد من الوعي الشعبي وترجمة هذا الوعي باجراء فحص مبكر من قبل النساء بشكل منتظم ودوري.
ووصف حماد اهمال المرأة بنفسها وعدم اقبالها على الفحص“بالجريمة”،حاثا اياها ان“ لا تفرط بنفسها ولا باولادها وزوجها“.
النائب وفاء بن مصطفى هي الاخرى تشجع على الاقدام على الفحص لمرض سرطان الثدي الذي بحسبها “يمكن ان يصيب اي سيدة“.
وتوجه النساء على إعطاء الأولوية لانفسهن وان يفكرن جديا بمصير عائلاتهن واطفالهن،والتي من خلال الفحص تستطيع انقاذهم جميعا.
وابدت بن مصطفى استعدادها للمساهمة في اي نشاط يمكن من خلاله انقاذ نساء المجتمع من خطر المرض.
اما بطلتنا قصتنا فقد استطاعت سيرين ان تتعايش مع المرض وان تعود مجددا لتقف على قدميها، اما ميساء فقد عادت ادراجها الى قريتها بجرش بعد ان تعلمت الفحص الذاتي لسرطان الثدي بشكل جيد،جازمة بقراره نفسها ان تعلمه لطالبات ومعلمات المدرسة وجاراتها.