زيارة الملك لواشنطن.. والدبلوماسية الاستباقية

زيارة الملك لواشنطن.. والدبلوماسية الاستباقية

اختتم الملك عبد الله الثاني، زيارته للولايات المتحدة الأمريكية بعد لقاء كبار القيادات بالإدارة الجديدة وآخرها اجتماعه غير الرسمي بالرئيس المنتخب رولاند ترامب.

 

وتكتسب هذه الزيارة، بحسب الكاتب عمر كلاب، أهمية قصوى استنادا إلى تراتبية اللقاء كونه الأول مع زعيم من الشرق الأوسط ، وتحديدا اسبقيته على لقاء "رئيس وزراء الكيان الصهيوني مع الرئيس الأميركي الجديد".

 

ويوضح كلاب بأن الزيارة في توقيتها الراهن وأجندتها المعلنة نجاح للديبلوماسية الأردنية دون شك، فإنها وبرنامجها الكثيف وما قبلها من زيارة إلى موسكو ولندن قريبة الأهمية في الدلالة  ويجب قراءتها بأبعادها الثلاثية، فقد كانت ضمن جولة ملكية إلى عواصم القرار والنفوذ العالمي.

 

وبحسب الكاتب، فقد أسهمت الرؤية الملكية في توسيع دائرة الحلول للأزمة السورية وتنويع الخيارات المطروحة وهذا ما كانت تفتقده الإدارة الأمريكية أو ترفض الاستماع إليه في زمن الرئيس أوباما، أما الدلالة التي تحتاج إلى وقفة تفاؤل في الجولة الملكية وضلعها الأمريكي فتتمثل بالمسألة الفلسطينية.

 

ويخلص كلاب إلى أن "نتائج زيارة الملك  إلى واشنطن والتي تعتبر اختراقا للأسوار التي أقامها ترامب حول سياسته حيال المنطقة بتصريحاته المتعلقة بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، ستكون واضحة بعد زيارة رئيس حكومة الكيان الصهيوني ومدى الضغط الأمريكي على الحكومة اليمينية لوقف الاستيطان والشروع في تحريك المسارات السياسية".

 

أما الكاتب نضال منصور، فيرى أن الأردن لم يكن سعيداً بمواقف الإدارة الأميركية الجديدة وإنْ تجنب إظهار معارضة علنية واسعة لها، باستثناء الموقف من نقل السفارة الأميركية إلى القدس الذي أعلن بأنه يضرّ عملية السلام وحل الدولتين.

 

"فقد اختار الأردن سياسة الاشتباك الإيجابي المبكر مع الرئيس ترامب وإدارته الجديدة لعله يفلح في الحد من اندفاعه المعاكس للرؤية الأردنية والعربية، وقبيل تنصيب ترامب التقى الملك بأهم الأسماء الوازنة في الإدارة الجديدة"، يضيف منصور.

ويعتبر اجتماع الملك كأول زعيم في المنطقة مع الرئيس ترامب بحد ذاته انجازا للدبلوماسية الأردنية، وهو ضربة استباقية لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي سيلتقي ترامب منتصف هذا الشهر.

 

إلا أنه يؤكد في الوقت نفسه، أن ترامب لن ينقلب على نفسه بعد لقاء الملك، ولا يجوز أن نرفع سقف التوقعات فيما نأمل منه، لكنها خطوة مهمة لإسماعه مواقف مختلفة، فالأردن لديه مصالح سياسية واقتصادية مع الولايات المتحدة، فهو لا يقبل بالمساس بالمقدسات في فلسطين وهو صاحب الولاية عليها، ونقل السفارة الأميركية للقدس مساس بها وبالحل النهائي.

 

فـ"زيارة الملك لواشنطن ليست قفزة في الهواء، ولكنها مبادرة ستتبعها خطوات في الزيارة الرسمية القادمة لواشنطن قد تسهم في أن يفهم ويسمع ويرى الرئيس ترامب ما أغلق أذنيه وعينيه عن سماعه ورؤيته".

 

فيما يذهب الكاتب سميح المعايطة، إلى أن حرص الملك على زيارة واشنطن واللقاء مع ترامب وأركان إدارته، لم تكن الغاية منه أن يقال إن الملك أول من التقى ترامب، فهذا الأمر وإن كان مهما وله دلالات سياسية، بل كان أولا على إنجاز عمل سياسي استباقي بما يخص المصالح الأردنية وبخاصة فيما يتعلق بالملفات الاقليمية.

 

فـ"ما كان محل جدل في مواقف ترامب مواقفه من القضية الفلسطينية وتحديدا القدس التي تعتبر في بعض جوانبها ملفا أردنيا وهاشميا وبخاصة ما يتعلق بنقل السفارة الأمريكية، ولو تحقق هذا الأمر فهذا يعني أن المنطقة ستدخل في حالة توتر وقلق وربما ماهو أكبر".

 

ويضيف المعايطة بأن إدارة ترامب كانت تحتاج لخطاب عاقل متزن له مصداقية لدى الغرب وأمريكا ليقول لهم ما الذي يجب أن يكون أولوية من السياسات، وما الذي يجب أن تفعله لمنع تزايد التطرف والإرهاب.

 

فـ"هو هجوم استباقي لهذا قالت صحيفة معاريف الصهيونية إن الملك ذهب إلى واشنطن لإحباط قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهي مهمة كبيرة تحقق مصلحة للأمة وقضاياها ،وأيضا تخدم مصالح الأردن المباشرة"، كما ان زيارة الملك هجوم استباقي في مجال محاربة الإرهاب.

 

 

ويؤكد الكاتب فايز الفايز، على ضرورة البناء على ما بدأه الملك في واشنطن من "فتح عظيم للقلعة الجديدة"، وتأييده من قبل الأشقاء العرب.

 

"فتثبيط روح الاندفاع لدى الرئيس ترامب وأركان إدارته تجاه الخدمات المجانية للحكومة الإسرائيلية لم تكن مهمة سهلة أبدا، ومع هذا كان فوزا عظيما يسجل للملك حيث تراجعت قوة الحماس لدى البيت الأبيض لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشرقية"، يضيف الفايز.

 

أما سوريا،  فقد حملها الملك إلى واشنطن مباشرة بعد موسكو، وشدد على أهمية التوصل إلى مشروع لحماية الشعب السوري الذي يحتضن الأردن مليوني لاجىء منهم ،وأقرب المشاريع هي المناطق الآمنة.

 

ويختتم الفايز مقاله بالقول "المهمة المستحيلة أنجزت، رغم ضغوط اللوبي الإسرائيلي لإفشالها، وحقق الملك إنجازه باستمرار المساعدات الأمريكية للأردن، وهو يستعد للقمة العربية التي يجب أن تكون منعطفا لطريق عربي جديد يدفن تحته إرث الحروب والنزاعات، ويبدأ في تعزيز قدرات الأردن الإقتصادية والدفاعية".

أضف تعليقك