رغم "العقد الموحد": 12 ألف حالة انهاء خدمات معلمين في مدارس خاصة
رغم صدور "العقد الموحد" كحل ضابط للانتهاكات التي تقع بحق المعلمين في القطاع الخاص، إلا أن الواقع يظهر استمرار هذه الانتهاكات.
ويعد "العقد الموحد" الذي أقر قبل عام، وثيقة رسمية مشتركة بين وزارة العمل ونقابة المعلمين، تبرم بين المعلم والمدرسة وباطلاع الجهتين على بنوده.
اتفاقية تخرق العقد
المعلمة سنابل من محافظة الزرقاء، واحدة من بين 30 الف معلم ومعلمة يعملون في 2800 مدرسة خاصة، استفادت من العقد الموحد براتب قيمته 190 دينارا "وهو الحد الأدنى للأجور قانونيا"، إلا أن مدرستها وقعت معها لاحقا عقدا آخر يسمى "اتفاقية تشغيل"، بأجر لا يتجاوز الـ100 دينار شهريا.
"طلبوا مني التكتم على العقد الآخر، إن أردت الحفاظ على لقمة عيشي والاستمرار في العمل معهم".
الانتهاك الآخر بحق سنابل كان بتوقيعها على شرط جزائي قيمته 1500 دينار، يستحق في حالة تركها للعمل، بهذا تكون تلك المعلمة قد حصلت على راتب دون الحد الأدنى للأجور، إضافة إلى حرمانها من التمتع بالضمان الاجتماعي، والتحكم بإنهاء خدماتها في أي وقت.
لتبدو الصورة وكأن المدرسة التي تعمل بها تلك المعلمة ملتزمة ظاهريا بحقوقها، ومنتهكة لها حقيقة.
سنابل واحدة من بين 15 معلمة، يعملن في ذات المدرسة تعرضن لنفس الظروف، متحفظة في لقائها معنا على ذكر اسم المدرسة وذلك خوفا من فقدان عملها.
نقابة المعلمين تقدمت بشكوى ضد مدرستها، بعدما تلقت العديد من الشكاوى خلال العام الحالي.
في كانون ثاني/يناير الماضي، قمنا بإعداد تقرير بعنوان " سلط الضوء على الانتهاكات الواقعة ضد المعلمين، استعرض معاناة المعلمات الإناث في المدارس الخاصة، فيما كانت الدولة والأطراف ذات العلاقة تشير إلى "العقد الموحد" بوصفه حلا لوقف الإنتهاكات بحق المعلمات.
شكاوى بالجملة
لجنة التعليم الخاص في نقابة المعلمين، استقبلت أكثر من 100 شكوى تتعلق في انتهاكات مختلفة للمعلمين في مدارس القطاع الخاص؛ خلال العام الحالي، كان أبرزها "توقيع عقد عمل إلى جانب العقد الموحد"، براتب يقل عن الحد الأدنى للأجور، وإنهاء خدمات معلمين عقب انتهاء الفصل الدراسي الثاني.
وتتركز الانتهاكات في مناطق المحافظات بنسب كبيرة، فيما تنخفض النسبة في العاصمة عمان بشكل ملحوظ، حيث ترتفع نسبة الانتهاكات في محافظات اربد والزرقاء و المفرق.
رئيسة اللجنة عبير الأخرس، تُعدد أشكال الانتهاكات التي تعاملت معها اللجنة، والتي تبدأ برواتب تقل عن الحد الأدنى للأجور في المملكة، ولا تنتهي بالاستغناء عن خدمات المعلمين عند نهاية السنة الدراسية.
نقابة المعلمين تتابع هذه الشكاوى مع وزارة العمل ووزارة التربية، "ويتم تصويب أوضاع المعلمين وتنبيه أو مخالفة المدارس من قبل وزارة العمل"، وفق الأخرس.
12 ألف حالة إنهاء خدمات
تسلمت مؤسسة الضمان الاجتماعي نحو 12 ألف كتاب "إنهاء خدمات معلمات ومعلمين خلال إجازة العطلة الصيفية الماضية، ما يحرم المعلمين من بعض المنافع التأمينية الواردة في قانون الضمان، ولا سيّما حرمان المعلمات من بدل إجازة الأمومة في حال استحقاقها أثناء فترة الإجازة، كما يقول الناطق باسم المؤسسة موسى الصبيحي.
نظام المؤسسات التعليمية الخاصة، الذي أقر مؤخرا، ربما يكون حلا لضبط بعض الانتهاكات والحفاظ على حقوق المعلمين في قطاع التعليم الخاص، على ما يرى الصبيحي، لافتا إلى أن العقد الموحد كان خطوة إلى الأمام، إلا أنه سيبقى "مجمدا" ما لم يتم إصدار هذا النظام.
وردّت وزارة التربية والتعليم على بيانات "الضمان" بالتأكيد على أهمية ان يتقدم المعلمون المفصولون بشكاوى إلى الوزارة، لتتمكن من متابعة القضية واتخاذ الإجراءات اللازمة.
إبلاغ
سنابل، ومن معها من زميلات، اتصلن بنقابة المعلمين، وقامت بتزويدها بجميع البيانات المتعلقة بشكل الخروقات للعقد الموحد، وحاليا تتابع النقابة القضية كما أبلغتها، فيما تأمل سنابل وزميلاتها بتصويب أوضاعهن على أمل عدم خسارة وظيفتهن.
الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم وليد الجلاد، يؤكد أنه في حال أقدمت المدارس الخاصة على فصل أي معلم أو معلمة بشكل تعسفي، يجب اللجوء إلى الجهات الرقابية سواء وزارة التربية أو العمل أو نقابة المعلمين، لصون حقوق العاملين.
حصلنا على نسخة من مشروع نظام المؤسسات التعليمية الخاصة من قبل ديوان التشريع والرأي، وبعد مراجعة مسودة المشروع، تظهر لنا المادة العاشرة منه، أن "وزارة التربية والتعليم، ترعى بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة تنظم العقد الموحد بين المعلم والمؤسسة التعليمة الخاصة".
كما نصت الفقرة "ب" من ذات المادة العاشرة، على "ضرورة توقيع العقد الموحد، بفترة تجريبية لا تتجاوز شهرا واحدا مدفوع الأجر"، كما أكد النظام، على أنه "لا يجوز للمؤسسة التعليمية الخاصة إنهاء العقد الموحد المبرم مع المعلم إلا بعد ثبوت عدم كفاءته أو جود سبب قانوني، وبعد الحصول على موافقة وزارة التربية والتعليم.
ونص النظام على "ضرورة أن تتسلم نقابة المعلمين نسخة من العقد الموحد، ونسخة منه لإدارة التعليم الخاص في وزارة التربية"، كما نص على أن "مدة العقد الموحد اثنا عشر شهرا، ولا يجوز أن يتم إنهاؤه مع انتهاء الفصل الدراسي الثاني.
حملة تفتيش
من جانبها، نفذت وزارة العمل 225 زيارة لمدارس خاصة ضمن حملات تفتيشية للتأكد من التزام المدارس بتنفيذ "العقد الموحد"، فيما رصدت خلالها العديد من المخالفات الواقعة على المعلمين.
وتوزع حصاد الحملة التي نفذت خلال الاسبوع الاول من الشهر الحالي على إنذار 41 مدرسة وتحرير 74 مخالفة، كما وقدمت 209 "نصح وإرشاد" لمدارس أخرى.
ومن بين 41 إنذار موجه للمدارس، كان نحو نصف هذه الإنذارات يتعلق بعقد العمل وعدم التزام المدارس بشروطه.
كما قدمت الوزارة نحو 5 إنذارات تتعلق بعدم وجود نظام داخلي و نظام للإجازات وأوقات الدوام، إضافة إلى عدم وجود موظف مؤهل لرعاية الأطفال، في المؤسسات التي يزيد عدد الموظفين المتزوجين فيها عن 20 شخصا.
حملة مدنية
مجموعة معلمات ومعلمين من القطاع الخاص أطلقوا في أيلول الماضي حملة "قم مع المعلم"، بدعم من اللجنة الأردنية للإنصاف بالأجور، ترأسها وزارة العمل واللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، تهدف إلى حماية حقوق المعلمين والمعلمات، والتثقيف بالعقد الموحد، ورفع الحد الأدنى للأجور، وذلك بالتعاون مع نقابة المعلمين ومؤسسة الضمان الاجتماعي.
دراسة نُفذت ضمن الحملة في أيار الماضي، كشفت أن 27 % من المعلمات في القطاع الخاص، يحصلن على راتب أقل من الحد الأدنى للأجور، و37 % منهن يحصلن على 190 دينارا، أي أن حوالي 64 % من المعلمات يتقاضين راتبا يساوي الحد الأدنى للأجور أو أقل منه.
حماية بعهدة دولية
تحث المادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي صادق عليه الأردن، الدول على توفير فرص عمل متساوية بين مواطنيها وضمن ظروف عمل تكفل السلامة والصحة والتحديد المعقول لساعات العمل، والإجازات الدورية مدفوعة الأجر، والمكافأة عن أيام العطل الرسمية.
*بدعم من منظمة "صحفيون من أجل حقوق الإنسان الكندية JHR
إستمع الآن