رسالة مفتوحة لرئيس للرزاز

رسالة مفتوحة لرئيس للرزاز
الرابط المختصر

بعد التهنئة للحصول على الثقة الملكية لا بد من طرح عدد من المواضيع التي تهم المواطنين والمتابعين للوضع في الأردن كافة. لقد قلت في تغريدة بعد تكليفكم في تشكيل الحكومة: "سأكون إن شاء الله جنديا مخلصا لهذا الوطن وخدمة أبنائه، لكي نصل معا إلى ما فيه خير أردننا وذلك عبر الحوار بين الجميع، والله يقدرنا على الحمل".

 

ولا شك أن خاتمة تغريدتك صحيحة فالحمل ثقيل على كل المستويات ونأمل أن تستطيع تحمل ذلك العبء الكبير بل كلنا أمل أن تتغلب على التحدي والذي يوفر أيضا فرصة للإصلاح والتغير الجذري في إدارة الدولة.

 

يتطلع الشعب في الأردن والإقليم لنجاحكم ونجاح نهجكم الليبرالي المتفتح والديمقراطي

وفي مجال قيادة الحكومة، لا شك أنه سيكون عليك العمل على عدة مستويات في نفس الوقت. ورغم أنك ستهتم بالصورة الكبيرة وتقضي الوقت في التفكير بالقرارات الكبيرة والحاسمة إلا أنه قد يكون مهم الاهتمام بمسار العمل. فقدرتكم على مأسسة كيفية اتخاذ القرارات سيوفر لكم إرثا يدوم لسنوات وعقود. لن يكون ذلك المطلب صعبا عليكم حيث قمتم عند تسلمكم وزارة التربية والتعليم برفض اتخاذ أي قرار حتى الاستماع إلى كافة وجهات النظر المتعلقة بالموضوع.

 

 

هذا التوجه الديمقراطي المعتمد على الاستماع لكافة الآراء هو ما دفع الملك للطلب منكم بإطلاق حوار جاد وشفاف حول قانون ضريبة الدخل المقدم من الحكومة للبرلمان. وإذا ما تم تطبيق هذه التوجهات الملكية من حوار مع الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني فهذا يعني قطع أكثر من نصف الطريق نحو الإصلاح الجاد في الأردن. فالتواصل والحوار مع مؤسسات المجتمع المدني سيشرعن هذا القطاع والذي طالما تم شيطنته من قبل أسلافكم الذين رفضوا حتى الجلوس مع ممثلي المجتمع المدني وأنتم أصلا من قادة المجتمع المدني قبل انتقالكم للعمل العام.

 

طبعا، إن انتقالكم من وزارة كبيرة ومليئة بالعاملين والمسؤولين لرئاسة الوزراء لا يعمل بها سوى المستشارين قد تشكل مفاجئة لكم. والمعروف أن لكل رئيس الحق باختيار مستشاريه ونأمل أن يتم ذلك بناء على الكفاءة فقط. فكلنا أمل أن لا تقعوا في مصيدة الاستفادة من وظائف المستشارين لحل مشاكل الترضية. فتعيين "مستشار لا يستشار" هو هدر لأموال دافع الضريبة والأهم أن الرئيس يحرم من استشارة ضرورية قد تفيده وتغنيه لاتخاذ بالقرار السليم.

   

أهم أمر في موقعكم الجديد سيكون في كيفية توجيه الحكومة. موقفكم الإعلامي والعام سيكون له أثر كبير لأن الشعب يحتاج معرفة أين أنت من كافة الأمور. عليك الاستفادة من اهتمام الإعلام وتوجيه المسؤولين والشعب بالاتجاه الصحيح. والمعروف أن للأردن التزامات واسعة في موضوع الحق في الوصول إلى المعلومات ومبادرة الحكومات الشفافة مما يعني أنه بتوجيهكم يجب أن تزيد بصورة واضحة تدفق المعلومات والعقود والوثائق ذات المصلحة العامة لكي تضع الشعب، وخاصة أن الشعب الأردني مثقف وواعي، في صلب الأمور المالية والسياسية التي ستساعدهم لتفهم أسباب قرارتكم التي قد تكون صعبة.

   

وفي مجال الإعلام فلا بد من التذكير بالتقصير الرهيب الذي بدى لدى الإعلام الرسمي خلال الأيام الماضية حيث تم تجنب ذكر أو متابعة كافة الاعتصامات والاضرابات والاحتجاجات في الأردن. وفي هذا المجال آمل ألا تقع في مطب تغيير الأشخاص فقط. فنحن بحاجة إلى تغيير جذري في أسس إدارة المؤسسات الإعلامية الرسمية والتي يجب أن تعود لدافع الرسوم الشهرية، أي المواطن، وأن تمثل المواطن الأردني بكافة فئاته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية والجندرية. فالدول المتحضرة تخلق مجلسا تمثيليا يوجه الإعلام الرسمي لكي يكون إعلام دولة وليس إعلام حكومة كما هو الوضع الحالي.

   

كما لا بد من الإشارة إلى غياب التشريعات والإجراءات الإدارية التي تسمح بتأسيس إعلام مملوك من المجتمع المحلي. وهذا الغياب، أمر في غاية الخطورة إذ ينحصر الإعلام غير الرسمي في الإعلام التجاري الترفيهي الذي لا يقدم أي خدمة حقيقية للمجتمع.

   

لا بد من التذكير بالتقصير الرهيب الذي بدى لدى الإعلام الرسمي خلال الأيام الماضية

ومن أجل زيادة التواصل مع الناس نأمل في إعادة العمل بالمؤتمر الصحافي الأسبوعي كي يكون التواصل دائما وتكون حكومتكم صادقة وشفافة مع الشعب. وفيما يتعلق بدور المجتمع المدني نأمل منكم أن توفروا الغطاء الشرعي لعمل مؤسسات المجتمع المدني واللقاء الدوري مع ممثلي مؤسساتهم لأن الحكومات السابقة قامت بشيطنة المجتمع المدني ووضعت شروطا تعجيزية لعمله أحيانا. وهو الأمر الذي أفقد الدولة الأردنية عنصرا مهما يساهم في إغناء النقاش العام ويوفر تعددية تعكس التعددية الموجودة في الأردن.

 

 

لقد تم اختياركم للمنصب الهام في إدارة الحكومة الأردنية بسبب إخلاصكم وقدرتكم على سماع صوت الناس وخاصة الشباب كما جاء في كتاب التكليف.

يتطلع الشعب في الأردن والإقليم لنجاحكم ونجاح نهجكم الليبرالي المتفتح والديمقراطي.

 

لا شك أنكم ستكونون أمام مسؤولية اتخاذ قرارات بحاجة إلى توازن بين أصوات وفئات مختلفة ولكن مؤيدوكم من المجتمع المدني الأردني يأملون أن توفروا للفكر التقدمي والآليات الديمقراطية الحقيقية دورا هاما في صنع القرار.

 

آملين لكم النجاح في قيادة أردن تقدمي تحت قيادة حكيمة ومشاركة حقيقية للمواطن في صنع مستقبله.

*الحرة

أضف تعليقك