خفوت الأصوات المنادية "ليست حربنا"
ما إن ظهر الفيديو الذي يوثق اغتيال الطيار الأردني معاذ الكساسبة على أيدي تنظيم "داعش الإرهابي"، حتى تبدّلت بعض الآراء في الشارع الأردني الذي شهد انقساماً حول الحرب على التنظيم تحت مظلّة التحالف الدولي.
وعلى الرغم من خفوت الأصوات التي كانت تنادي سابقاً بالانسحاب من التحالف ورفعت شعار "ليست حربنا"، وارتدادها للمناداة بالتوسع بالمشاركة العسكرية ضد تنظيم "داعش الإرهابي"، إلا أن التدخل البري لم يزل غير مقبول لدى أوساط سياسية.
ردود الفعل على اغتيال الكساسبة من قبل الأردن بدأت بالرد السريع الذي تمثّل بإعدام كل من المحكومين ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي، والضربات الجوية المكثفة على المناطق التي تسيطر عليها داعش، لكن تكهنات وتوقعات ترجّح أن تمتد لحد التدخل البرّي.
ويربط الكاتب الصحفي والمحلل السياسي ماهر أبو طير بين الإجراءات المرتقبة من داعش والخطوات القادمة للأردن، مستبعداً التدخل البري دون تشعّب الأخطار حول الأردن أو توسع ضربات التنظيم لتطال الداخل الأردني.
ووفقاً لأبو طير فإن الأردن وعلى مستوى مركز القرار لا ينظر إلى الحرب البرية على مستوى رد الفعل، كما لن يكون التدخل البري أردنيا فقط بل سيكون مغطى عربياً وإقليمياً، وهي خطوة ل يمكن أخذها ببساطة.
ويستبعد أبو طير أن يزج الأردن بجيشه في أتون المحرقة المشتعلة في العراق وسورية، انما قد يتم تكييفه عبر وسائل مختلفة كالمقاتلين السوريين المتواجدين في الداخل السوري وعبر الجيش العراقي والبيشمركة وليس عبر عناصر أردنية.
ويحسم مدير التحرير في صحيفة الرأي راكان السعايدة الجدل حول الحرب بأنها حربنا فقط عندما تكون على أرض الأردن و داخل حدوده، وطالما هي خارج حدود الأردن فهي ليست حربنا بالمعنى المطلق والاستراتيجي، داعياً الى القبول بهذا المستوى من الانخراط في الحرب كجزء من التحالف، كون اكثر من ذلك سيجر الأردن الى دائرة المخاطر.
ويحدد السعايدة المطلوب من الدولة رداً على اغتيال الكساسبة بـ"عملية انتقامية كالرد الذي كان على تفجيرات فنادق عمان والوصول إلى رأس أبو مصعب الزرقاوي بالتعاون مع القوات الأمريكية بدون خسارة أي جندي أو طائرة أو آلية عسكرية اردنية وليس حرب برية عسكرية تجر الجيش الأردني إلى خارج حدود الوطن".
ويرفض السعايدة أي توظيفات لحادثة الكساسبة لخدمة مشروع سياسي في المنطقة، مشدداً على ضرورة الانتقال من منطق القبيلة الى منطق الدولة في التعاطي مع القضية وترجيح صوت العقل على صوت العاطفة في ظل الهيمنة الكاملة على الإعلام التي جعلت الأصوات المنطقية تتحفظ على إبداء رأيها.
ويرجح المحلل السياسي بسام بدارين وجود تدخل عسكري مختلف، لكن ما لا يمكن توقعه حتى الآن وفقاً لبدارين هو "نوع هذا التدخل أو طبيعته".
النائب بسام المناصير الذي هاجم الدخول بالحرب تحت مظلة التحالف بعد سقوط الكساسبة أسيراً لدى داعش خشية أن ينزلق الأردن في مستنقع الحرب، تراجع عن رأيه ليؤيد الحرب بعد اغتيال الكساسبة بالطريقة الوحشية.
واعتبر المناصير أن استشهاد الكساسبة ما هو إلا بداية نهاية داعش التي تستحق الحرب، كونها لا تحترم القيم الإنسانية.
وعلى الرغم من الانزياح الجليّ في الرأي العام تجاه العداء ضد داعش، واعتبار شريحة واسعة بأن استشهاد الكساسبة بهذه الطريقة مبرر لخوض الحرب، إلا أن الأذى الكبير الذي لحق بالأردنيين وجدانياً وردّة الفعل في الشارع جراء استشهاد الكساسبة يُسقط إمكانية احتمال الشعب الأردني للخسائر البشرية المترتبة على الحرب البرية.