خدمات الأونروا على المحك مع اقتراب ساعة الصفر
كثف العاملون في وكالة غوث تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) من خطواتهم التصعيدية مع اقتراب ساعة الصفر التي حددتها الأونروا للتوقف عن تقديم برنامج التعليم بـ 15/8/2015 في حال استمرار العجز المالي في موازنتها".
سبب الأزمة
وكانت " الأونروا" اعلنت في بيان صحفي سابق انها "لن تستطيع فتح المدارس ومراكز التدريب المهني في مهلة اقصاها منتصف الشهر الحالي، في حال لم تقم الدول المانحة بسد العجز المالي في الميزانية العادية والبالغ 101 مليون دولار خلال الايام القليلة القادمة ".
وبينت الوكالة ان العجز المالي ناجم عن " عدم زيادة المبالغ المخصصة للاونروا في ظل ازدياد عدد اللاجئين و جود برامج طوارئ عاجلة في سورية وغزة استنزفت الميزانية العادية".
الضغط على الدول المانحة
وقال اتحاد العاملين بالأونروا في بيان صحفي ان التصعيد يأتي "للضغط على الدول المانحة وللحيلولة دون اقدام ادارة الوكالة على اتخاذ قرار بتأجيل بدء العام الدراسي الجديد، الامر الذي سيسبب حالة من الإرباك والفوضى في صفوف الطلبة وذويهم والمعلمين وكافة الموظفين والعمال من أذنة وغيرهم وجمهور اللاجئين".
يطالب رئيس اتحاد العاملين في الوكالة رياض زيغان " على الأمم المتحدة تخصيص مبالغ مالية ثابته للوكالة وعدم الاعتماد على المساعدات فقط"، مؤكدا ان " الدول المضيفة للاجئين غير قادرة على تقديم الخدمات في حال توقف العمل في الوكالة".
و تعتمد الوكالة على بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة مما جعل موازنتها متذبذبة.
الأونروا: الجهود ما زالت تبذل
ويقول الناطق باسم الاونروا سامي مشعشع ان " جهود تبذل الان من قبل مكتب الامين العام للامم المتحدة على المستوى السياسي في العواصم الرئيسة و اتصالات عاجلة بزعماء العالم لحثهم على توفير التمويل اللازم وبأسرع وقت ممكن".
مؤكدا" ان الهدف من هذه الجهود لا يتمثل في المحافظة على كافة الخدمات الرئيسة لهذا العام فقط ولكن ، وبنفس الأهمية، الإبقاء على استمرارية عمل الاونروا وخدماتها للسنوات اللاحقة وبحيث نتجنب هذه الأزمات السنوية ونعالج الوضع الهيكلي الماليللوكالة بطريقة أكثر استدامة".
من جهتها قالت الناطق باسم الوكالة في الاردن أنوار أبو سكينة، إن إدارة الأونروا تجري حاليا اجتماعات مكثفة مع الدول المانحة لسد هذا العجز، مشيرة إلى تلقي وعود من دولة واحدة هي السويد بتقديم 1.6 مليون دولار للمساهمة في ذلك.
وأضافت أبو سكينة بأن أحد أسباب تركم عجز الوكالة، يتمثل بالبيئة السياسية المتوترة التي تعمل فيها، مما زاد من اعتماد اللاجئين على خدماتها، إضافة إلى تزايد أعداد اللاجئين.
نصف مليون طالب مهددين بإيقاف التعليم
و تهدد الأزمة المالية بإيقاف برنامج التعليم الذي يخدم نصف مليون طالب في مناطق عملها الخمسة، كما يهدد القرار 30 ألف موظف يعملون في مرافقها.
تظهر الأرقام الأونروا المنشورة على موقعها الرسمي ان عدد الطلبة المتحقين في مدارس الأونروا يقارب النصف مليون طالب منهم 225,000 طالب وطالبة في قطاع غزة موزعين على 245 مدرسة، و 115,000 طالب وطالبة في الاردن موزعين على 172 مدرسة، بينما تدير الوكالة 99 منشأة تعليمية في الضفة الغربية تصل خدماتها لأكثر من 50,000 طالب، وفي لبنان يبلغ عدد طلاب مدارس الأونروا 31,753 طالب في 69 مدرسة، اما في سوريا تقدم الأونروا تعليما أساسيا ابتدائيا وإعداديا لما مجموعه 65,479 طفل من أطفال لاجئي فلسطين وذلك عبر 118 مدرسة تعمل جميعها وفق نظام الفترتين.
وقامت الوكالة خلال السنوات الأخيرة بتقليص نوعية الخدمة المقدمة في التعليم، حيث عملت على استيعاب اكثر من 40 طالبا في الصف الواحد والتوقف عن طباعة مناهج جديدة و تدوير الكتب القديمة عبر الصفوف.
"مؤامرة على القضية الفلسطينية"
وترى قوى سياسية وحزبية ان الحديث عن عجز موازنة الأونروا و التلويح بإيقاف الخدمات يأتي في سياق " تصفية القضية الفلسطينية " خصوصا ان " الأونروا شاهد على تهجير الشعب الفلسطيني".
يقول عضو حزب الوحدة الشعبية عبد المجيد دنديس ان " ان الأزمة ذات بعد سياسي مرتبط بتصفية الأونروا باعتبارها الشاهد الاممي الحي على تهجير الشعب الفلسطيني".
ويرى ان "الحديث حول أزمة ليس بالجديد ولكنه يتزامن مع السنيورهات التي يتم الترتيب لها من قبل الادارة الامركية لالغاء حق العودة، ومنها تأييد وزير الخارجية الامريكي جون كيري لمشروع يهودية الدولة الذي تقدم به رئيس الوزراء الاسرائيلي، ومحاولات تحويل الخدمات التي تقوم بها الاونروا لشركات الدولية لانهاء دورها السياسي كمنظمة انشئت خصيصا للشعب الفلسطيني".
وتقدم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى او ما تعرف اختصارا بـ " الأونروا " المساعدة والحماية وكسب التأييد لحوالي خمسة ملايين لاجئ من فلسطين في الأردن ولبنان وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1950.
ويتفق أمين سر لجنة حق العودة (لجنة حزبية) طعت أبو حاشية مع الدنديس " بوجود مؤامرة لتصفية الاونروا كمقدمة لتصفية حق العودة" مطالبا بأن " تكون موازنة الأونروا ضمن موازنة الأمم المتحدة و غير خاضعة للتبرعات المالية فقط".
مطالبا المفوض العام للأونروا "بالتوجه فورا و مخاطبة الامين العام للأمم المتحدة لتغطية مبلغ العجز في موازنة الوكالة من خلال صندوق الطوارئ في هيئة الأمم المتحدة".
الا ان الناطق باسم الأونروا سامي مشعشع يؤكد ان "وكالة الغوث الدولية ليست للبيع وانها ستظل على رأس عملها وتقدم خدماتها لمجموع اللاجئين الفلسطينيين كما فعلت على مدي 65 عاما مضت وحتى يصار الى حل عادل ودائم لقضيتهم، الاونروا لن تقبل بأن يقوم البعض بالتشكيك في مشروعية ولاية الأونروا".
تخوف في الدول المضيفة
و تتخوف الدول المضيفة من تخلي الوكالة عن مسؤوليتها في برنامج التعليم والصحة منتصف الشهر الحالي، ورفض وزير الخارجية في لقاء مع لجنة فلسطين في البرلمان الأردني " اي تقليص في مستوى الخدمات التي تقدمها وكالة الاونروا" داعيا " ودعا الدول المانحة إلى ضرورة الوفاء بالتزاماتها لتمكين الوكاله من الاستمرار بتقديم خدماتها".
بينما أعلن وزير والتربية والتعليم محمد ذنيبات " رفض الحكومة الأردنية لإستقبال اي طالب من مدارس الوكالة "، مؤكدا في تصريحات صحفية ان " لا قدرة للمدارس الحكومية على قبول اي طالب من مدارس الاونروا".
مطالبا "المجتمع الدولي و وكالة الغوث " تحمل مسؤولياتهم تجاه تقديم الخدمات للاجئين والطلبة ، آملا بانتهاء هذه الأزمة دون الاضطرار إلى إغلاق المدارس".
الا ان الأونروا تؤكد على لسان الناطق باسمها انها " لا تستطيع تشغيل أكبر برامجها (التعليم) في وضع تكون فيه غير قادرة على أن تضمن للطلبة والأهالي وموظفي التعليم في كافة أقاليم العمليات بأننا تستطيع الإبقاء على المدارس مفتوحة حتى نهاية السنة الدراسية".
التوقف قد يطال القطاع الصحي
ولا يقتصر التلويح بتوقف خدمات الاونروا على قطاع التعليم حيث اكدت الوكالة انها تملك المال لإدامة البرنامج الصحي والذي يشتمل على تطعيم الأطفال والرعاية الصحية الأولية والإغاثة حتى نهاية عام 2015.
ويستفيد ما يقارب 4 ملايين لاجئ فلسطين من البرنامج الصحي الذي تقدم الوكالة من خلال 128 مركزا منتشرا في مناطق عمل الوكالة الخمسة، وتقول الوكالة عبر موقعها الألكتروني ان " التمويل المقدم من المانحين لتقديم الخدمات اللازمة تأثر سلبا نتيجة الأزمة المالية العالمية والصراع في سوريا، إذ أضر كلا الأمرين بقدرة برنامج الصحة على الحفاظ على المبادرات التي تم تبنيها مؤخراً".
وتقدم الوكالة برامج اخرى كالإغاثة والبنية التحتية والنظافة و تطوير المخيمات و غيرها من الخدمات.