حول مذبحة خان شيخون

حول مذبحة خان شيخون
الرابط المختصر

تتوالى المواقف الإقليمية والدولية، تجاه المجزرة التي شهدتها بلدة خان شيخون بريف ادلب السورية، وتبادل أطراف النزاع للاتهامات باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد الأبرياء في المدينة، الأمر الذي انعكس قراءات متباينة في أعمدة الرأي للصحف اليومية.

 

الكاتب صالح القلاب، يرى أن التبرير، الذي قدمه الروس لجريمة استخدام الغازات السامة (الكيماوية) التي ارتكبها نظام قاتل ومجرم، لا يستحق النظر إليه، فهو كذبة واضحة وضوح الشمس.

 

ويضيف القلاب "لا يوجد إرهاب أكثر من هذا الإرهاب والمفترض أن تأخذ هذه الجريمة الإنسانية مرتكبها إلى زنازين محكمة الجنايات الدولية وذلك وحتى وإن إستخدم الروس وكالعادة حق النقض الـ «فيتو»".

 

فـ"لم يعد هناك عذرٌ، بعد ذبح الأطفال السوريين في خان شيخون بغاز السارين المحرم دولياًّ ، لمن إعتادوا الإختباء وراء أصابع أيديهم حتى لا يروا حقيقة بشعة كهذه الحقيقة".

 

والمطلوب، بحسب القلاب، "ألا يقتصر الرد على إصدار بيانات التنديد التي سمعنا منها الكثير خلال السنوات الست الماضية، إن المطلوب هو وضع بشار الأسد في قفص الإتهام وهو إخراج الروس والإيرانيين من سوريا وهو الجدية في مساعدة المعارضة السورية لإقامة حكم ديموقراطي وتعددي في بلد واحد وموحد ولكل أبنائه وإنهاء هذه المرحلة البغيضة الطويلة".

 

أما الكاتب حازم عياد، فيلفت إلى أن توقيت الهجوم على بلدة خان شيخون، حمل العديد من الدلالات ووجه الكثير من الرسائل لكافة الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية المنخرطة في الأزمة السورية.

 

ويوضح عياد بأن "توقيت الهجوم كان مثاليا لاختبار كافة النوايا وصدقها تجاه الأسد، ولنقل المعركة إلى مستويات أعلى وأكبر من مجرد تحالفات ميدانية على الأرض السورية الى محافل دولية كبرى كمجلس الأمن والناتو والاتحاد الأوروبي".

 

ويشير الكاتب إلى أن ردود الفعل الأولية على الهجوم بغاز السارين على خان شيخون كانت باهتة وضغيفة؛ إذ وجه الرئيس الأمريكي ترمب اللوم إلى أوباما بالمسؤولية عن تردي الأوضاع في سوريا.. في حين طالب وزير الخارجية الأمريكي من إيران وروسيا الضغط على الأسد لمنع تكرار الهجمات.

 

من جانبه، يستبعد الكاتب ياسر زعاترة الحديث عمن وصفهم بـ"القتلة" الذين أدمنوا ذلك من بشار إلى بوتين وخامنئي وصولا إلى ترامب، موجها سؤاله لمن "يزعمون أنهم سادة القيم والأخلاق": هل شاهد هؤلاء جثث عشرات الأطفال المسجاة أمام الكاميرات في خان شيخون أول أمس بعد قصفهم بغاز السارين؟

 

ويضيف زعاترة "سيقولون إنها أخطاء غير مقصودة، ولكن ماذا حين تؤدي الأخطاء غير المقصودة إلى قتل عشرات الآلاف من الأطفال؟! وسيقولون إنها الحرب. فهل كان الطفل حمزة الخطيب الذي قتل بأبشع صورة تحت التعذيب محاربا حين فعلوا به كل ذلك، ولم تكن هناك رصاصة واحدة من الشعب يومها؟!".

 

فيما يؤكد الكاتب عريب الرنتاوي، أن ما جرى في خان شيخون جريمة موصوفة والتي راح ضحيتها عشرات الأبرياء، وأن المجرم الذي قارف الجريمة بدم بارد، يجب أن يلقى عقابه الصارم كمجرم حرب، أياً كان موقعه وخندقه، أما محاولات التغطية والتعمية، أو الاستثمار والتكسب السياسيين، على حساب الضحايا، فتلكم جرائم لا تقل فداحة، من حيث انحطاطها الأخلاقي.

 

ويوضح الرنتاوي "من الناحية المنطقية، يحتاج النظام لرقم قياسي من الحماقة، للقيام بفعلة نكراء من هذا النوع، فالجريمة تأتي غداة استدارة كبرى في مواقف واشنطن وبعض العواصم الغربية من نظام الرئيس بشار الأسد، الأمر الذي عَدّه مراقبون، بمثابة “اختراق” سياسي يُحسب لصالح النظام وحلفائه من دون تردد.

 

ويضيف الكاتب "لا ندري إن كانت هذه هي الأسباب التي استندت إليها موسكو في نفيها مسؤولية النظام عن مجزرة خان شيخون، أم أن لديها معلومات صلبة تسند بها روايتها القائلة بوجود مستودع للسلاح الكيماوي في الأمكنة التي استهدفها سلاح الجو السوري بضرباته في إدلب"

 

"في المقابل، ليست الجماعات الجهادية بريئة من الاتهامات بحيازة السلاح الكيماوي واستخدامه في سوريا والعراق، تلكم باتت من حقائق ومسلمات الأزمتين العاصفتين في البلدين الجارين"، بحسب الرنتاوي.

 

ويلفت الكاتب إلى أن "الجريمة النكراء في خان شيخون، سقطت على كثير من الأطراف العربية والإقليمية والدولية، كهدية من السماء، فهي تصلح للتوظيف والاستثمار السياسيين من قبل خصوم دمشق وموسكو وطهران، وبهدف إعادة ترتيب أولويات إدارة الرئيس ترامب.

 

وينتهي الرنتاوي إلى القول "إن كان النظام هو المسؤول عن هذه الجريمة، فهو يستحق أشد العقاب، ومرتين بدلاً من مرة واحدة، الأولى بسبب فداحة الجرم، والثانية بتهمة الغباء والحماقة، وإن كانت المعارضة أو الفصائل الجهادية هي المسؤولية، بتخزينها سلاحاً تدميرياً شاملاً في أحياء سكنية، فهي تستحق العقوبة مرتين كذلك، الأولى لامتلاكها سلاحاً محرماً دولياً والثانية لتخزينه وسط “دروع بشرية” وقودها الأطفال والشيوخ والنساء، والقول الفصل في المسألة برمتها، إنما يعود للجنة تحقيق دولية مهنية، موضوعية ومحايدة".

 

أما الكاتب عمر كلاب، فيتساءل إن كان النظام السوري قد فقد عقله وأقدم على إطلاق النار على قدميه باستخدام الأسلحة الكيماوية؟ مشيرا إلى أن التريث في الإجابة مطلوب، كما الاستعجال في الإدانة مرفوض.

 

"فسبق للصورة المصنوعة في مختبرات جنرالات الإعلام، أن ورطتنا كثيرا في بكائيات كاذبة، وسبق أيضا إدانة النظام العراقي في عهد الشهيد صدام حسين باستخدامه الكيماوي ضد الأشقاء الأكراد في حلبجة وثبت لاحقا أن الذي استخدم الكيماوي هو الطرف الإيراني وليس الطرف العراقي"، يقول كلاب.

 

ويختتم الكاتب بالقول "معادلة الرابح والخاسر تشير إلى استبعاد وقوع الدولة السورية في هذا الحدث المزري والمؤذي لكل نفس بشرية وتؤكد أن حجم العبث الدولي في الأزمة السورية أعلى بكثير من السائد عن نظام يقتل شعبه كما هي الجملة الدارجة، وعلى الوعي أن يتقدم اللحظة ويقرأ الحدث بعين الربح والخسارة، فهذا هو الميزان الوحيد في السياسة" .