حملة الجوازات المؤقتة.. بين المواطنة والعمالة الوافدة

حملة الجوازات المؤقتة.. بين المواطنة والعمالة الوافدة

شغل قرار الحكومة باستيفاء رسوم على تصاريح عمل حملة جوازات السفر المؤقتة، مساحة واسعة بين وسائل الإعلام وآراء الكتاب، ليأتي تراجع الحكومة عن هذا القرار مع بقاء التساؤل حول إلزامية استصدار هذه التصاريح لشريحة من المقيمين على أراضي المملكة لأجيال.

 

الكاتب عريب الرنتاوي، يرى أن الحكومة قد أخطأت حين طلبت إلى حملة الجوازات المؤقتة، استحصال تصاريح عمل بدءاً من مطلع العام الحالي، مشيرا إلى أن بيان وزارة العمل السابق، سعى في تصوير القرار كـ "خدمة" أو "منحة" لهذه الشريحة العريضة من السكان.

 

ويوضح أن بيان الوزارة اتخذ تعبير إسقاط “الديون المعدومة” عن السنوات الماضية، التي لم يكن خلالها، عمل هؤلاء يتطلب الحصول على مثل هذه التصاريح أصلاً، وشرّع لعهد جديد من “الجباية” التي تستهدف أبناء هذه الفئة الفقيرة في معظمها.

 

ويضيف "نحن نتحدث عن فئة لا نعرف حجمها على وجه الدقة، جزء منها فقط، ينتمي قطاع غزة، وبقيتها أو غالبيتها، من المشمولين بقرار فك الارتباط وتعليماته الشفهية وتطبيقاته الجزافية والمزاجية المتقلبة، الرقم “السائد”، يقول إن حجم هذه الفئة يُقدر بمليون شخص، فيما سبق لرئيس الحكومة أن تحدث في واحد من تصريحاته، عن مليون ونصف المليون فلسطيني، بلا أرقام وطنية، يقيمون على الأرض الأردنية".

 

ويعرب الرنتاوي عن استغرابه من تعهد الحكومة بـ"رزمة مزايا" لصالح أبناء الأردنية، وفي إطار الحقوق المدنية، وليس السياسية، في حين تُقْدم على انتزاع ما تبقى من هذه “المزايا” من أيدي فئة أوسع من السكان، من دون أن تتقدم بأية تفسير أو توضيح، أو أن ترفق قرارها الجزافي بما يستحق من “الأسباب الموجبة".

 

أما الكاتب فهد الخيطان، فيؤكد أن الحكومة حاولت التخفيف من الآثار السلبية المترتبة على قرارها فرض استصدار تصاريح عمل على حملة الجوازات الأردنية المؤقتة وأبناء غزة تحديدا، بإعلانها إعفاء المتقدمين من الرسوم، إلا أن هذه الخطوة لن تضع حدا للجدل حول صواب التوجه من أساسه.

 

ويلفت الخيطان إلى إشكالية القرار من النواحي القانونية والأخلاقية، إضافة إلى مخاطر فقدان نسبة كبيرة أعمالهم إذا كانت مصنفة ضمن المهن المغلقة.

 

ويؤكد الكاتب أن حملة الجوازات المؤقتة ليسوا عمالا وافدين، قدموا إلى البلاد للعمل ويحملون جنسيات بلدانهم، وإنما هم فلسطينيون شردوا من وطنهم، ولا تتوفر لهم فرصة العودة أو حمل جنسية وطنهم المسلوب.

 

"ومجرد أن الدولة الأردنية وافقت على منحهم جوازات سفر مؤقتة من دون التمتع بحقوق المواطنة، فقد صارت لهم حقوق مدنية بالحد الأدنى، أعلى مرتبة من الحقوق التي يحوز عليها العامل الوافد"، يقول الخيطان.

 

وحول قضية الانتساب للضمان الاجتماعي وحفظ حقوق المنتسبين إليها، التي أوردتها وزارة العمل ضمن قرارها السابق، فيقول الخيطان إنها يجب ألا تخضع للمساومة؛ فلا يعقل أن يحرم عامل من حقوقه لمجرد أنه لم يحصل على تصريح قانوني بالعمل.

 

ويخلص الكاتب إلى أن قرارا كهذا يمكن أن يخلق انقساما داخليا وسجالا سلبيا، نحن في غنى عنهما في مثل هذه الظروف التي تستدعي تحصين الجبهة الداخلية بأسباب الصمود والوحدة في وجه تحديات خارجية جسيمة، ودول من حولنا تتصارع شعوبها مذهبيا وطائفيا، وخصوم لنا يسعون إلى فتح ثغرة في جدار الوحدة الوطنية والتأسيس لصراع هويات في الأردن.

 

فيما يستحضر الكاتب عمر كلاب مفهوم "التابعية" الذي حافظت الدولة الأردنية عليه منذ نشأتها ويقع تحت مظلته حملة الجوازات المؤقتة سواء السنتين كأبناء قطاع غزة أو السنوات الخمس كأبناء الضفة الغربية ممن انطبقت عليهم تعليمات فك الارتباط.

 

ويؤكد كلاب أن هذا التعريف يحمي الهوية الوطنية الأردنية من كل تداعيات الإقليم ويقف كجدار صلب في وجه الكيان الصهيوني واطماعه بالوطن البديل والترانسفير، على حد تعبيره.

 

ويشير إلى أن تثبيت مفهوم التابعية يخلق الفرصة لترتيب البيت الأردني، وتجاوز إشكاليات ومشاكل الهويات الفرعية التي عطلُت الإصلاح السياسي لسنوات ليست قصيرة، وتنهي الاشتباك الحاصل بين بعض الموتورين الذين يصطادون في الماء العكر من أصحاب العقول المعقوصة والحقوق المنقوصة.

 

وينتهي كلاب للقول إن "الدولة وعندما منحت أبناء غزة وأبناء الضفة ممن انطبقت عليهم تعليمات فك الارتباط حقوق التابعية الأردنية كانت تدرك ذلك وتدرك الفوارق أيضا عن المواطنين , ولكنها سعت ونجحت إلى تحويلهم إلى مواطنين بالمعنى النفسي والانتمائي ونجحت أكثر في فرض احترامها على العالم القريب والبعيد ولا يجوز العبث بهذا الثابت الوطني والقومي".

 

أضف تعليقك