حرائق ملفات الفساد

حرائق ملفات الفساد

تتوالى التصريحات الرسمية وعلى مختلف المستويات، خلال الفترة الماضية، حول ضرورة محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، والتي برزت بعد حادثتي حرق مديرية وزارة العمل في الرصيفة والمفرق.

 

الكاتب محمد أبو رمان، يرى أن تصريحات رئيس الوزراء هاني الملقي خلال لقائه مع رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، لم تكن ارتجالية أو منفصلة عن تصّور أعمق وُضع إطاره العام من قبل مجلس السياسات الوطنية.

 

كما خصص الملك خلال لقائه مع كتّاب وإعلاميين جزءاً مهماً من حواره عن الشأن الداخلي لموضوع الفساد، وتحدّث عن الخطوات المقبلة لمواجهة الفاسدين والمرتشين والمحسوبية، مؤكّداً أنّ العام 2017 لن يكون كالأعوام السابقة في مكافحة الفساد، يقول أبو رمان.

 

ويضيف "أمر مؤسف أن نرى موظفاً عاماً في السجن لتلقيه الرشوة أو استغلال المنصب العام. لكنّ الواقع أنّ الصمت على هذه الظاهرة أدى إلى انتشارها واستشرائها خلال الفترة الماضية، في العديد من الدوائر".

 

"وإذا كان هناك -في مراحل سابقة- انطباع بوجود فساد سياسي من قبل مسؤولين على مستويات عليا، فإنّ ذلك –أيضاً- ليس مبرراً لتقبل الفساد الإداري على مستويات أقل، فكلاهما ضار ومتصل، لكن الفساد الإداري أشدّ خطورة، لأنّه لا يمس الثروات الوطنية فقط، بل يسمّم العلاقة اليومية بين الدولة والمواطنين".

 

ويخلص الكاتب إلى أن من المطلوب أن تكون "عملية التنظيف" عادلة وشاملة، من دون محاباة أو ممالأة.

 

أما الكاتب عمر عياصرة، فيقول "جديد علينا وخطير أن يقوم موظف عمومي بحرق مكتب العمل في المفرق والرصيفة لإخفاء أدلة تتعلق بملفات فساد يتورط فيها موظفون ووسطاء لهم علاقة مباشرة بمنح التصاريح للعمالة الوافدة".

 

"فلم يدر في أذهاننا أن نصل لمرحلة "وقاحة الفساد" واستخدامه لكل أدوت الدفاع عن نفسه"، بحسب عياصرة.

ويؤكد الكاتب أن النجاح بمكافحة الفساد يتطلب "ألا ننتقي الملفات، ويجب ألا نترك الكبير لنضرب الصغير تحت الحزام"، معربا عن أمله بأن تتجه الدولة بأمانة نحو ضرب الفساد المعشعش في مفاصل الدولة وفي القطاع الخاص.

 

ويلفت الكاتب باسم الطويسي، إلى أن حرائق مديريات العمل الذي شهدتها الرصيفة والمفرق ليست الأولى؛ إذ لجأ فاسدون إلى حرق مؤسسات حكومية وأهلية لإخفاء جرائم فساد من خلال إتلاف الوثائق، على مدى سنوات طويلة.

 

وتعد حوادث الأسبوع الماضي، بحسب الطويسي، إمعانا في الاستقواء على القانون والدولة، وقبلهما استقواء على المجتمع؛ صاحب المصلحة الأولى في النزاهة ووقف الفساد.

 

فـ"لسنوات طويلة، كانت تقارير ديوان المحاسبة تذهب نسيا منسيا، ولا تتم بشأنها متابعة جادة بالمعنى المهني. وحتى الأخبار عنها كانت تصاغ وتقدم بطريقة بروتوكولية".

 

ويشير الكاتب إلى أن الحكومة حولت هذه المرة إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أكثر من 30 قضية للتحقق من وجود شبهات فساد فيها، منها قضايا تتعلق بالتلاعب والتزوير بتصاريح العمل لدى عدد من مديريات العمل، وعلى إثر بدء عمليات التحقق، تم إشعال النيران في مكاتب العمل في الرصيفة والمفرق. وهو الأمر الذي قد يذهب إلى وجود عصابات تتاجر بتصاريح العمل وبالعمالة الوافدة.

 

وينتهي الطويسي إلى القول بأن "معركة الفساد وتبييض الصفحات لا يمكن أن تخاض بالتجزئة، ولا يمكن أن تأتي بنتائج سياسية واجتماعية إذا بقيت تقوم على الانتقائية".

 

ويقول الكاتب رمزي الغزوي "مع طفو قضايا فساد جديدة على سطح مشهدنا النازف الراعف وهي ذات القضايا التي كنا ننضبع لها حتى فترة قريبة، ونتعامى عن قص أثرها وملاحقتها، أو نخشى فتح ملفاتها ونبش نتانتها، يبدو أننا وضعنا أصابعنا على طرف الخيط وأول النهاية".

 

وكل ما نحتاجه كي تكتمل الصورة ويتضح المعنى، بحسب الغزوي، أن نشمر عن همتنا لملاحقة الفاسدين بغض النظر عن عرض وقوة الظهر الذي يسندهم أو ساندهم، وبصرف النظر عن لونهم أو منبتهم الأول".

 

 

أضف تعليقك