حادثة العقبة تكشف الضعف في تطبيق إجراءات السلامة وتدابير الوقاية في بيئة العمل

حالة من الهلع عاشها أهالي منطقة العقبة، جراء تسرب غاز الكلورين السام، بعد انفجار الصهريج في أحد موانىء العقبة، خوفا من تسرب هذه المادة الصفراء إلى المدينة، في وقت يؤكد فيه خبراء أن هذه الحادثة تدل على ضعف في إجراءات السلامة وتدابير الوقاية في بيئة العمل.

وتسببت الحادثة بوفاة 13 شخصا وإصابة العشرات، من بينهم حالتين حرجتين نقلتا إلى عمان، وفق وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول.

يبلغ عدد العاملين في الميناء  ألفين وثلاثمئة وسبعة وخمسين، منهم ألفين ومئة وثلاثة وثمانين أردني، ومئة واثني عشر مصري، و 2 باكستان و 60 غزاوي، وفق تقديرات المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات.

 

عودة الحياة إلى مدينة العقبة

الوسائل الاعلامية المختلفة، نشرت مشاهدات، لأشخاص وهم يهربون لحظة وقوع الانفجار باتجاهات مختلفة، وانتشار المادة الصفراء في موقع الحادث.

وبعد هذه الحادثة المؤلمة، تجمهر سكان المنطقة وأهالي العمال المصابين في الميناء في محيط الحادث، بهدف الاطمئنان على أوضاعهم الصحية، حيث أن نسبة كبيرة من العمال ممن يعملون في الميناء من سكان العقبة الأصليين.

وبعد ساعات من وقوع الحادث طمأنت الحكومة في بيان لها، أن العقبة أصبحت خالية تماما من الغاز المتسرب، واعادة  حركة الملاحة والعمل في الموانئ باستثناء رصيف رقم (4) الذي وقع فيه الحادثة.

وتضيف مراسلة "عمان نت" من محافظة العقبة سمية الشمايلة، أن الحياة صباح الثلاثاء عادت إلى طبيعتها في العقبة، وحركة المارة طبيعية، بالإضافة الى عودة العمل بالمحلات التجارية بشكل كامل.

وتوضح الشمايلة بأن حجوزات الفنادق والرحلات السياحية الداخلية لمدينة العقبة قد تأثرت، بعد الغاء المواطنين حجوزاتهم بشكل كامل، وذلك تحسبا لوقوع لأي عارض، وللتأكد من سلامة الموقع.

لحسن الحظ فإن حركة الرياح المعاكسة أثناء وقوع الحادث، قد ساعدت بعدم انتشار مادة الغاز وانتقاله إلى المدينة، كما قام سكان العقبة، بأخذ احتياطاتهم، من خلال إغلاق النوافذ والأبواب، وعدم تشغيل المكيفات لتجنب تسرب الغاز داخل منازلهم، بحسب الشمايلة.

وتحدث خبراء عند وقوع الحادثة بأنه "لا يوجد خطر لانتقال الغاز إلى المناطق السكنية"، التي تبعد نحو 16 كيلو مترا شمال الميناء، كما أخلت الجهات المعنية الشاطيء الجنوبي للعقبة كإجراء احترازي، الذي يبعد نحو 7 كيلومترات عن موقع الحادثة.

بيئة العمل تفتقد لتدابير الوقاية في الميناء

 خبراء في الشأن العمالي يرجعون أسباب هذه الحادثة إلى ضعف إجراءات السلامة، في بيئة العمل في الميناء، رغم أنها بيئة حساسة وخطرة إلى حد كبير، نظرا لطبيعة التعامل مع الغازات والكيماويات وغيرها من المواد السامة.

خبير التأمينات والحماية الاجتماعي موسى الصبيحي يؤكد أن حادثة انفجار الصهريج في الميناء تدلل على وجود ضعف واضح في إجراءات السلامة وتدابير الوقاية في بيئة العمل.

ويشير الصبيحي إلى أن بيئة العمل في الموانئ صنفت وفق قانون الضمان الاجتماعي، من ضمن المهن الخطرة، لذلك تستدعي الحاجة إلى توفر إجراءات محكمة أكثر من غيرها من المنشآت الأخرى.

ويشدد على أهمية  توفير البرامج  التوعوية  لدى إدارة أي منشأ تتعامل في بيئة عمل خطرة أو غيرها، بالاضافة الى توفير المتابعة الحثيثة من قبل المشرفين للسلامة والصحة المهنية وفق قانون العمل.

من جانبه يؤكد الناطق الإعلامي باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي شامان المجالي، أن أي شخص مشمول أو غير مشمول بالضمان وأصيب بحادثة انفجار صهريج الغاز بالعقبة، سيتم رعايته حتى استكمال العلاج بشكل كامل في المرحلة الأولى ليتم استكمال الإجراءات الأخرى لاحقا.

وبحسب قانون الضمان الاجتماعي فان الاشخاص المتوفين المشمولين بالضمان سواء كانوا أردنيين أو أجانب في هذا الحادث، سيتم صرف راتب وفاة لورثتهم بما يعادل 75 % من أجر شهر حزيران الحالي، إضافة إلى صرف نفقات جنازة.

ومن يتعطل عن العمل نتيجة إصابته سيتم صرف بدلات مالية تعادل أيضا 75% من أجرهم الشهري لتأمين مصاريفهم وأسرهم، وإذا نتج عن أي إصابة حالات عجز بنسبة أقل من 30% سيكون هناك تعويضات، وإذا كانت حالة العجز تشكل ما نسبته 30% فأكثر سيكون هناك راتب اعتلال.

 

كيف تسبب غاز الكلورين بوفاة 13  شخصا

كشف خبراء في مجال الصحة والبيئة بأن أن الغاز المتسرب من انفجار الصهريج في الميناء ، يسمى غاز الكلورين، الذي يستخدم في الصناعة ومنتجات التنظيف المنزلية.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الكلورين غاز أصفر مخضر له رائحة مميزة تشبه رائحة المادة المبيِضة، وهو أثقل من الهواء بثلاثة أضعاف تقريبا، وبالتالي فهو يتجمع في المناطق المنخفضة، وهو غير قابل للانفجار، إلا أنه قد يعزز الانفجار للمواد الأخرى.

يوضح خبير الصحة والسلامة المهنية والبيئة الدكتور محمود الدويري اسباب وفاة 13 شخصا من غاز الكلورين بسبب تفاعل هذه المادة مع الماء، ما ينتج  أحماض الهيدروليك، واستنشاقها يدمر الرئة وخلايا في الجسم.

ويشير الدويري إلى أن استنشاق كميات كبيرة من الكلورين بدرجات مختلفة، يسبب صعوبة في التنفس والقيء وآلام في الصدر، ويمكن أن يؤدي إلى  فقدان الوعي والوفاة، نتيجة تراكم السوائل في الرئتين.

ومن الناحية البيئية يؤثر هذا الغاز من خلال تشكل الطبقة الصفراء على سطح البحر واذابتها مباشرة بالماء، الأمر الذي  يؤدي الى تلوث المياه، مما يتطلب إجراء فحوصات دورية لمعرفة درجة وحجم هذا التلوث لمعالجتها، بحسب الدويري.

هذا وتعد مدينة العقبة هي الميناء البحري الوحيد في المملكة، وتمر عبره معظم واردات الأردن وصادراته ويعد أحد الموانئ الرئيسية في منطقة البحر الأحمر ومن المواقع السياحية المهمة في البلاد.

 

أضف تعليقك