جريمة في "سفح النزهة"
شيع أهالي مخيم الحسين والنزهة في العاصمة عمان مساء الأحد، جثمان الطفل السوري أحمد، الذي قتل بعد أن اعتدي عليه الجمعة الماضية في منطقة "سفح النزهة"، بهتافات مستنكرة لهذه الجريمة التي وجدت صداها بين أعمدة كتاب المقالات والرأي.
الكاتب جهاد المنسي، يقول إن "الجريمة التي وقعت بحق طفل هاجر أهله من وطنهم في سورية الجريحة بحثا عن الأمن والأمان لم يتصوروا للحظة، كما الأردنيون جميعا، أن ابنهم ستزهق روحه بتلك الطريقة البشعة التي لا تقدم عليها سوى تنظيمات إرهابية اعتمدت القتل والنحر والاغتصاب وسيلة لبث الذعر في النفوس".
ويضيف المنسي أن موقف الأردنيين الرافض لما جرى من جرم خارج عن قيمنا الأخلاقية والإنسانية والبشرية.. لم يكن مفاجئا؛ فتلك شيم الأردنيين الرافضين لأي فعل خارج عن القيم الإنسانية والأخلاقية.
ويصف الكاتب الجريمة بـ"غير الإنسانية" بكل المقاييس والمفاهيم ولا يوجد أي مبرر لها، ولا يمكن أو يجوز الاتكاء أو حتى التلميح بأن الفاعل من أصحاب السوابق مثلا، لتبرير جريمة بهذه البشاعة والقسوة.
ويجد المنسي الجريمة "مناسبة للتفكير بضرورة تعزيز مفاهيم الأخلاق في المدارس والجامعات والجمعيات والملتقيات وغيرها، على أن تكون تلك المفاهيم أساسها حب الآخر وعدم رفضه واحترام إنسانيته وتقبل رأيه ووجهات نظره، ونبذ خطاب الكراهية".
أما الكاتب ماجد توبة، فيعقد مقاربة بوقوع جريمة "سفح النزهة" بالتزامن مع ما نشر من تقارير حول تسجيل نحو 500 حالة طلاق لزوجات قاصرات (أقل من 18 عاما) في الأردن العام 2015.
ويتساءل توبة إن كان هنالك فارق بين "جريمة الاعتداء على الطفل وانتهاك براءته ومن ثم قتله بصورة بشعة من قبل وحش فقد كل معاني الإنسانية والقيم، وبين جريمة تزويج القاصر والطفلة وانتزاعها من براءتها وطفولتها وأحلام مراهقتها".
"قد يكون الفرق الوحيد هو أن المجتمع، أو جزء منه، بجهله وتخلفه وتشوه ثقافته يضفي الشرعية والمباركة على اختطاف الطفلة والقاصر باسم الزواج وقبول ولي الأمر، فيما اغتصاب الطفل وانتهاك حقوقه وحياته يتم قفزاً وخرقاً للشرعية القانونية والمجتمعية"، يضيف الكاتب.
ويخلص توبة إلى القول إن "الهبّة المجتمعية المستنكرة والمصدومة من هول وبشاعة جريمة "سفح النزهة" أمر طبيعي ومطلوب ليدافع المجتمع عن إنسانيته وقيمه في وجه مثل هذه الجرائم، لكنها هبّة مطلوبة أيضا وضرورية للتصدي لجرائم وكوارث إنسانية أخرى تحصل بين ظهرانينا وبتوسع، وعلى رأسها حالات زواج القاصرات والطفلات".
فيما يتوجه الكاتب كامل النصيرات إلى الطفل أحمد بالقول "أيها الطفلُ الورديُّ ..يا شهيق الأرض و زفير السماء ..أيها السوريُّ اللاجئُ إلينا ..الهاربُ من بارود بلادك..أيها الممعنُ في الطفولة حدّ الوقوف بشوارعنا ليلاً كي يأتيك منّا من يقودك إلى مجزرةٍ لا تقلّ عن مجازر قاتل أقربائك في سورية ..قدناك في عتمة القهر و عريناك و أخذنا منك العفّة و العمر معا".
فـ"نحنُ لم نؤمّن لك الشوارع ..لم نوصِ بعضنا : استوصوا بالغرباء خيراً و طوبى للغرباء ..نحن تركنا زعراننا يسرحون ويمرحون ولم (نلمّهم) كي لا ينفلت عقالهم عليك و على كلّ أطفالنا".
ويضيف النصيرات "اغتصبناك ثم قتلناك ثم تركناك ..استدرجناك بـ(دينارين) ثم حملنا خطيئتك طوال العمر ..من سيغسلنا من لعنتك بعد اليوم إلا أن نقوم على القاتل ومن سيفعلها مستقبلاً بكلّ أطفالنا و نضع له حدّاً من الآن؟... أيها الفتى النازفُ ..نحن ننزف معك أيضا".