ثلاثة ملفات ملتهبة في تواجه الأردن

ثلاثة ملفات ملتهبة في تواجه الأردن
الرابط المختصر

تحتفل المملكة الأردنية، بالذكرى 72 لاستقلالها -الذي يصادف 25\أيار-وسط تحديات داخلية وخارجية هي الأبرز منذ تأسيس المملكة، أبرزها محيط ملتهب، ومحاولات أمريكية- إسرائيلية، لتصفية القضية الفلسطينية على حساب القدس، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين تستضيف الأردن العدد الأكبر منهم منذ عام 1948.

 

حصل الأردن عام 1946 على استقلاله بعد موافقة الأمم المتحدة بعد نهاية الانتداب البريطاني الاعتراف بها كمملكة مستقلة ذات سيادة.

وتعود ذكرى الاستقلال، وسط ملف اقتصادي ثقيل أرهق المواطن الأردني، بعد أن وصلت مديونية البلاد لأرقام قياسية وصلت إلى 97% من الناتج المحلي، بمجموع 28 مليار دولار، متأثرة برياح الربيع العربي، وانقطاع الغاز المصري، بسبب التفجيرات في سيناء منذ 2011، وإغلاق المعابر البرية مع الدول المجاورة التي شهدت حروبا، مما انعكس رفعا للأسعار وفرضا للضرائب على الشعب.

وتسبب الربيع العربي بموجات لجوء جديدة للأردن، ليرفع عدد سكان المملكة إلى ما يقارب 10 ملايين منهم 7 ملايين أردني حسب آخر تعداد للسكان. وتشير إحصائية صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حتى آذار العام الحالي، أن المملكة تستضيف حوالي 800 ألف لاجئ مسجلين بشكل رسمي منهم 660.9 ألف سوري، و66.5 ألف عراقي، و10.8 ألف يمني و4 آلاف سوداني، و811 صوماليا و1590 ألفا من جنسيات أخرى، بينما يقيم في الأردن ما يقارب مليون عامل مصري.

 

وتعاني موازنة الدولة الأردنية من عجز مالي بلغ نهاية العام الماضي، 700 مليون دينار، فيما تقدر الحكومة أن ينخفض إلى 450 مليون دينار مع نهاية العام الحالي.

التحدي الأبرز داخليا

 

المحلل الاقتصادي، سلامة الدرعاوي، يعتقد أن التحدي الاقتصادي هو الأبرز داخليا الذي يواجه الأردن هذه الأيام، في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز 2.30%، وارتفاع المديونية بالنسبة للناتج المحلي لتصل الى 97% وهذه نسب مقلقة وغير آمنة، وتستنزف عوائد الخزينة من الأموال، وتحد من قدرة الحكومة على توفير الأموال للتنمية، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة بنسبة وصلت الى .18% وهي الأعلى منذ سنوات؛ بسبب عدم قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل".

 

 

 

وحول التطلعات المستقبلية لحل الأزمة الاقتصادية بعد تعهدات حكومية بالخروج من عنق الزجاجة في منتصف 2019، يقول الدرعاوي: " لا أستطيع الجزم أن الأفق واضح مستقبلا للخروج من هذه الأزمات، لكن الحكومة الأردنية لديها خطة لتحفيز الاقتصاد، وبدأت تسير فيها، لكن هذه الخطة تواجه تحديات كبيرة تتطلب إجراءات تشريعية وإدارية مختلفة، ومعالجة التشوهات وجذب الاستثمار، ويجب أن تتخذ هذه الاجراءات مداها للحكم على المستقبل ونجاح هذه الخطة".

وكانت الحكومة الأردنية، قدمت في آذار الماضي تسهيلات للمستثمرين الأجانب ورؤس الأموال، عبر منح جنسيتها وفق شروط محددة؛ للبحث عن مخرج للأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد عموما، والمالية العامة على وجه الخصوص.

تحديات من الشمال

 

أمنيا وسياسيا، تعتبر الأردن الحفاظ على استقرار الحدود الشمالية المتاخمة للجنوب السوري أولوية، مما دفعها، لاستضافة مفاوضات ثلاثية (روسية أمريكية أردنية) في العام الماضي، أسفرت عن مناطق خفض للتصعيد في الجنوب السوري.

 

ويرى المحلل السياسي، بسام بدارين، في حديث، لـ"عربي21"، أن "في مناسبة الاستقلال تعود وسط تحديات كبيرة إجبارية مفتوحة على احتمالات عديدة، من بينها تحدي الملف الاقتصادي في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ المنطقة".

اما التحدي الثاني بالنسبة للأردن، بحسب بدارين فمتعلق بـ"أمن الشمال الأردني وما سيحدث لاحقا في جنوب سوريا، في ظل الوضع المعقد هناك"، التحدي الثالث يراه، "في موقع الأردن بالإقليم خصوصا مع حالة التقسيم الجغرافي والنفوذ في المنطقة، وهذه مرحلة لم تحسم بعد، لذا نحن بحاجة للانتظار كي نفهم ما هو دورنا ومتى سنتأثر وكيف سنؤثر بمسارات الأحداث". حسب المحلل السياسي.

ويشدد بدراين أن التحدي الأخطر، والأهم، بالنسبة للأردن، هو القدس والقضية الفلسطينية، وما يسمى باستحقاقات وتداعيات صفقة القرن،  إذ سيكون الشهر المقبل مفصليا، وسيتضمن حركة سريعة بإيقاع متنام نحو معالجة قضايا عالقة".

حديث بدارين يأتي في وقت أشارت وكالة "أسوشيتد برس" نقلا عن خمسة مسؤولين أمريكيين بارزين لم تسمهم، أن الرئيس دونالد ترامب سيعلِن عن تفاصيل هذه الصفقة بعد شهر رمضان الحالي.

وقال المسؤولون الأمريكيون ومساعد في الكونغرس إن الكشف عن الصفقة سيجري في منتصف أو أواخر شهر حزيران/يونيو بعد نهاية شهر رمضان، إلا أنهم ألمحوا إلى أن ذلك قد يتأخر في حال حدوث تطورات في المنطقة، كما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن الوكالة.

وتخشى الأردن أن تدفن الإدارة الأمريكية حل الدولتين الذي دعمته المملكة في المحافل العربية والدولية، في ظل تغريد أصوات خارج السرب العربي، تنادي بالقبول بـ"أبو ديس" عاصمة للدولة الفلسطينية، مع إلغاء حق العودة، مما دفع المملكة للبحث عن تقارب جديد مع محاور مهمة في المنطقة لتشكيل جبهة إسلامية -عربية لمواجهة التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية، والوصاية الهاشمية على القدس.

خارطة تحالفات

 

لكن هل ستتغير تحالفات الأردن نتيجة هذه التحديات؟ يعتقد بدارين أن "بوصلة الدبلوماسية الأردنية مستمرة في الطريقة الكلاسيكية نفسها، التي تعتقد أن الطريق الوحيد للبقاء على طاولة الأحداث، بأن تبقى على اتصال بجميع الأطراف في الوقت نفسه، وهذه الاستراتيجية بالتعامل مع الدول والمحاور في المنطقة، قد لا تفيد في مرحلة التقسيم التي تشهدها المنطقة".

يقول بدارين إن "3 كتل إقليمية مؤثرة حاليا هي: تركيا، وإيران، وإسرائيل، إذ أصبحت علاقة الأردن مع إسرائيل معقدة جدا، إذ إن الأخيرة بصدد الانقلاب بشكل جذري وعميق على المصالح الأردنية، أما علاقة الأردن مع إيران يشوبها الارتياب الشديد والشك، وإن كانت حصلت مصافحة اسطنبول بين الملك والرئيس الإيراني".

بينما "لم يعد سرا ان الأردن تتقدم بحذر نحو تركيا، كما ولم يعد سرا كذلك، أن دور الأردن في النادي السعودي لم يعد منتجا سياسيا أو اقتصاديا أمنيا؛ كون أولويات هذا النادي ومن يدور في فلكه اختلفت، وقد لا يكون من بين أولوياتهم الاهتمام بالأردن، ومساعدته، واحترام مصالحه، لذا  الأردن تحتاج لعبقرية بالعمل الدبلوماسي ورشاقة في التعامل مع العناصر التي تعيد تشكيل المنطقة، خصوصا أن الشهر القادم سيحدد شكل المنطقة لـ100 عام مقبل".

تعود الذكرى الثانية والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، وسط تخوفات من ملفات قد تنفجر في حضن النظام الأردني من الغرب والشمال، والداخل، ملفات غير مستقرة سياسيا وأمنيا، أهمها الملف الفلسطيني، التحديات الأمنية في سوريا، إلى جانب شعب أثقله مسلسل طويل من رفع الأسعار وفرض الضرائب.