ثقافة استقالة الوزير وتحمّل المسؤولية

ثقافة استقالة الوزير وتحمّل المسؤولية
الرابط المختصر

توالت تداعيات حادثة البحر الميت التي أودت بحياة 21 شخصا معظمهم من طلبة المدارس، إلى جانب تشكيل عدة لجان تحقيق، لتصل إلى تقديم وزيري التربية والتعليم والتعليم العالي عزمي محافظة، والسياحة والآثار لينا عناب، استقالتهما على خلفية الحادث.

 

وكان للاستقالتين، "أو الإقالتين"، صدى واسعا في الشارع الأردني، وسط تساؤلات حول مدى إمكانية ترسيخ مبدأ تنحي المسؤول أيا كان موقعه، في مثل هذه الحوادث.

 

استاذ العلوم السياسية الدكتور أنيس الخصاونة، يستذكر سابقات بتقديم وزارء استقالاتهم، كما وقع قبل سبع سنوات باستقالة رئيس الحكومة آنذاك، عوني الخصاونة، التي غلب عليها الطابع الاحتجاجي على خلفية طبيعة الموضوعات المحددة التي كانت ستبحث في الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، إضافة إلى بعض الاستقالات "الفردية"، لنفر قليل من الوزراء متل المحامي حسين مجلي ومحمد الحموري وحمد الفرحان وسليم الزعبي، والتي "لم تصل إلى أن تشكل ظاهرة أو تقليد سياسي".

 

ويضيف الخصاونة بأن "التقليد السياسي الأردني لا يتناول الاستقالات السياسية للوزراء ورؤساء الحكومات او حتى ما دونهم بقدر ما يتناول ظاهرة تعلق وتشبث المسؤولين بمواقعهم وبأي ثمن وحتى الرمق الأخير".

 

ويستبعد الكاتب أن تؤسس استقالة الوزيرين محافظة وعناب، لتقليد سياسي مستقبلي بحيث يسهم هذا التقليد في تعزيز روح المسؤولية الأدبية والسياسية للوزير عن أعمال وزارته، أو أن تمثل سوابق لاستقالات سياسية مستقبلية.

 

ويرجع الخصاونة ذلك إلى  أن تعيين الوزراء واستقالاتهم لا تخضع لآليات سياسية منبثقة من فعاليات حزبية مؤسسية أو من شرعيات جماهيرية تستند لإفرازات انتخابية، "فاختيار الوزير ما زال اختيارا شخصيا ويستند إلى ولاءات سياسة واعتبارات أمنية وعشائرية وجهوية".

 

"أما السبب الثاني المتعلق بصعوبة انتشار ظاهرة الاستقالات السياسية في الاردن فهي تتعلق بالشك الكبير الذي يحوم حول ما إذا كانت تلك الاستقالات، استقالات حقيقية أم إقالات".

 

فيما يرى الكاتب نضال منصور، أن استقالة الوزيرين، ضمن تطورات حادثة البحر الميت، تعد خطوة مهمة، وسواءً طُلب منهما أن يفعلا ذلك، أو قدماها إحساساً بالمسؤولية، فإن ذلك سيرسخ تقاليد في الموقع العام تفرض على المسؤولين في كل مكان تحمل النتائج.

 

ويوضح منصور بأن تصريح رئيس الوزراء عمر الرزاز بعدم تقديم الحكومة لـ"كبش فداء"، يدلل على أن ما ستكشفه لجان التحقيق بالحادثة، سيكون المعيار لمستقبل وزراء آخرين، وربما الحكومة ومصيرها، مع ترجيح توقف تداعيات هذه القضية وتطويقها.

 

كما يؤكد الكاتب كامل النصيرات، على ضرورة انتشار ثقافة استقالة "الكبير"، وعدم إفلاته بأي فعلة ضمن حدود مسؤوليته.

 

و"الحكاية كلّ الحكاية أن يعرف (الكبير) أيّاً كان أنه إذا لم يكن بحجم القيادة فعليه ألاّ يقود..وإذا لم يكن ممن يؤمنون بثقافة الاستقالة فعليه ألا يقبل من الأساس المنصب الكبير؛ فلن يكون أساه وحزنه على (الفطام) من المنصب أكثر من أُمّ لم يعد إليها طفلها أو أب لم يجتمع ثانيةً مع ابنه إلا عند وداعه الأخير عند القبر"، يقول النصيرات.

 

وينتهي الكاتب بالقول "جميل ما حدث ولو أنه الحد الأدنى، ولكنه يؤسس لمرحلة جديدة، مرحلة عنوانها : روّحْ قبل انتهاء التحقيق..فالناس تستحقُ ألاّ تراك ولو كنتَ بريئاً ولكنك مرتبط ضمنياً بما حدث".