"توجيهي" الخارج.. آراء ومواقف

"توجيهي" الخارج.. آراء ومواقف
الرابط المختصر

أثارت قضية توقيف طلبة أردنيين في السودان على خلفية تسريب أسئلة امتحان الثانوية العامة، جدلا في الشارع الأردني، حول مفارقات هذه الحادثة، وتداعياتها.

 

 

الكاتب حسين الرواشدة، وقبل الحديث عن "السماسرة" الذين تاجروا بطموحات الطلبة، أو إلقاء اللوم على ذويهم، أو تحميلهم المسؤولية، يتساءل عن سبب "هروب" الطلبة من الامتحان في الأردن إلى امتحانات أخرى خارج البلاد.

 

 

فـ"هل المشكلة فيهم أم في الامتحان الذي فرضناه عليهم، في رغبتهم بالحصول على علامات عالية بالمال وبأقل جهد ممكن يسمح لهم بالتنافس على المقاعد الجامعية أم في رغبتنا “بتعقيد” الإجراءات ، سواء تعلقت بالتوجيهي أو بالقبول بالجامعات".

 

 

ويضيف الرواشدة أن قصة الطلبة الذين اعتقلتهم السلطات السودانية، تبدو اعمق من ذلك ، فخلال العامين المنصرفين هرب آلاف من أبنائنا الصغار إلى الخارج، بعضهم للهند واوكرانيا وتركيا وبعضهم لدول الخليج ومصر والسودان ..الخ، للحصول على شهادة التوجيهي.

 

 

"ولم نسمع من أي مسؤول تعليقا ولا تحذيرا مما جرى ، الى ان فاجأتنا قصة الطالبة الاردنية التي توفيت قبل شهور في سلطنة عمان ، وتبين انها سافرت مع والدها لدراسة التوجيهي ، ثم جاءت قصة الطلبة في السودان ، بعدها افاقت وزارة التربية على ما يبدو من نومها لتؤكد انها لن تقبل الاعتراف بالشهادات السودانية"، يقول الرواشدة.

 

 

ويرى الكاتب أن هروب أبنائنا للحصول على شهادة التوجيهي من الخارج، "تزامن مع الانقلاب الذي أحدثته الوزارة على الامتحان، وقد كان صادما بالفعل، لا على صعيد ضبط ظاهرة الغش التي لا يمكن لأحد أن يعارضها، وإنما على صعيد تغيير بنية الأسئلة ومعاييرها ثم محاكمة الطلبة في آخر سنة يتقرر فيها مصيرهم على أخطاء لم يكن لهم يد فيها".

 

 

"فعلى امتداد 11 عاما يخضع الطلبة - خاصة في المدارس الحكومية- لمناهج وأساليب تدريسية تقوم على الحفظ والتلقين ، كما أنهم يعانون من “فقر “ مدارسهم لأبسط مقومات التعليم الحديث ، ثم قفزت الوزارة - هكذا وبلا مقدمات لإصلاح التعليم من أساسه -لتفاجئهم بامتحان لا يتناسب مع إمكانياتهم وظروفهم المتاحة".

 

 

أما الكاتب محمد أبو رمان، الذي كتب مقالا سابقا بعنوان "فضيحتنا في الخرطوم"، حول تلك الحادثة، فيؤكد وجود ذات السيناريو في تركيا، مشيرا إلى تلقيه اتصالات من مواطنين يؤكدون مخاطبتهم لسفارة المملكة في أنقرة، للتحذير من وجود مدارس ليبية في تركيا تقوم بتدريس "التوجيهي الليبي" للطلبة العرب، ومن بينهم ما يزيد حالياً على 300 طالب أردني، للحصول على علامات مرتفعة.

 

 

وينقل أبو رمان عن مصادر دبلوماسية أردنية، تأكيدهم لوجود هذه الظاهرة، وأنّ السفارة لاحظت ذلك مبكّراً، وخاطبت بصورة ملحة وزارة التربية والتعليم وعددا من المسؤولين قبل أن تتدحرج الكارثة وتكبر، بخاصة أنّ الظروف التي يعيش فيها هؤلاء الطلاب غير صحيّة، في منازل أقرب إلى العشوائيات.

 

 

"وأضافت هذه المصادر أنّ هناك عدداً آخر من المدارس الليبية لتدريس "التوجيهي الليبي" في تركيا، للطلاب الأردنيين والعراقيين والسوريين، وهي شهادات مشكوك فيها تماما".

كما ينقل الكاتب عن أحد المطّلعين على هذا الملف، "الذي أصبح أشبه بشبكة مافيات؛ بأنّ هناك سماسرة يعلمون الطرق الالتفافية جيداً، ويقومون بالتكسب والربح من خلال إرسال الطلاب إلى دول أخرى، حتى إنّ بعضهم ذهب خصيصاً إلى ماليزيا، وحصل على الشهادة من هناك، وهو يدرس اليوم في جامعةٍ أردنية".

 

 

وكان أبو رمان قد لفت في مقاله السابق "فضيحتنا في الخرطوم"، إلى أن ثمة حلقات مفقودة حدث فيها تقصير مسؤولين أو تهاونهم أو عدم اتخاذهم القرار الصحيح، وإذا كان الأمر غير ذلك؛ فإن الرأي العام الأردني يطالب المسؤولين بتوضيح الخطوات التي اتخذت من قبلهم باستثناء البيان المشار إليه الذي جاء عاماً فضفاضاً!

 

 

فـ"القصة مهمة، لأنّها تذكرنا بكوارث البورصات، والبيع الآجل في وادي موسى، إذ بقي المسؤولون صامتين حتى وقعت الكارثة، ودفع المواطنون المغرر بهم ثمنها، فمن المفترض أن تتم محاسبة المسؤول الصامت غير المبالي أو السلبي، وأن تكون هذه ثقافة وفلسفة في الدولة، أو في الحدّ الأدنى معرفة أين وقع الخطأ في الإجراءات الحكومية، لا أن تمرّ هذه القصة من دون محاسبة أو مراجعة"، يختتم أبو رمان.