تصريحات الأسد والأردن.. وتساؤل السيادة
في مقابلة صحفية مطولة، وردا على أحد أسئلة وكالة روسية للأنباء، وجه الرئيس السوري بشار الأسد اتهامات للأردن، تضمنت إشارات للتبعية للولايات المتحدة، وتحضيرات لعمل عسكرية انطلاقا من أراضي المملكة، وهو ما وجد ردا رسميا على لسان .
الكاتب فهد الخيطان، يرى أن الأسد كان عليه التأني قليلا قبل أن يطلق هذه التصريحات، واستفسر من الجانب الروسي لعرف على وجه الدقة ما الذي يحدث على حدوده مع الأردن.
وتعقيبا على حديث الأسد القائل: "إننا لا نناقش الأردن كدولة، إنها مجرد أرض". وأضاف أن الولايات المتحدة هى التي تحدد الخطط واللاعبين، وكل ما يرديه الأميركيون سيحدث، يقول الخيطان "يصعب على المرء تقبل هذه التصريحات من رئيس دولة تتواجد على أراضيها جيوش من عشر دول أجنبية على الأقل، وتقيم جماعات إرهابية خلافاتها في إحدى مدنها، وينشط أكثر من 80 جهاز مخابرات داخل أراضيه.."
و"في المقابل الدولة التي يدّعي بأنها مجرد أرض تستضيف أكثر من مليون سوري على حساب مواردها الشحيحة وهى تستحق الشكر لا التشكيك على ذلك".
فـ"لو كان الأردن مجرد أرض كما قال "صاحب السيادة" لكانت مدنه اليوم في قبضة الإرهابيين وحدوده مع سورية مشاعا للإرهابيين كما هو حال حدود دول اخرى مجاورة، ومسرحا لفوضى لن ينجو منها أحد في الشرق الأوسط".
وحول اتهامات الأسد المتعلقة بالتحركات العسكرية شمال المملكة، يؤكد الخيطان أن "الأردن يدافع عن مصالحه العليا وأمنه تماما مثل جيوش دول أخرى كثيرة تتواجد داخل سورية دفاعا عن مصالح دولها وليس من أجل عيون الأسد"... فـ"الأردن دولة سيادة الرئيس، وليس في نيته التعدي على سيادة الدول المجاورة".
وتعتبر الكاتبة جمانة غنيمات، أن الرد الأردني الرسمي على تصريحات الأسد، كان ردا واقعيا واضحا وحاسما، بعيدا عما وصفته بـ" الردح السياسي"، وحمل بين ثناياه ثقة بالبلد وأحواله ومستقبله.
وتضيف غنيمات أن "سيادة الرئيس الأفخم" لم يجد مانعا من مزاولة هوايته المفضلة في استقصاء المزاودات السياسية التي لا ترتكز إلى أي حقيقة، وهي السياسة التي انتهجها منذ تفجرت الأزمة في بلده، وصب هو ونظامه فوقها الزيت والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية.
و"ما لا يلاحظه النظام السوري، هو أن الموقف الأردني من أزمة بلده ثابت وواضح منذ اندلاع ربيع سورية، وهو الموقف الذي يتأسس على حفظ وحدة التراب السوري، ودعم الحل السياسي، ومحاربة التنظيمات الإرهابية".
وردا على مقولة الأسد بأن الأردن "بلد غير مستقل وتابع لأميركا"، تقول الكاتبة إن الأسد وكأنه يجهل أن عشرات الطائرات تقلع يوميا في أجواء بلده من دون مشورة. أو كأنه ينكر، أيضا، أن علاقته مع روسيا، وقبلها إيران وغيرهما ممن يتبع لهم، لم تعد ينطبق عليها مصطلح "تحالف"، بل هي شكل مذل من التبعية.
"ما أغفله الرئيس المقاوم أن الأردن لم يقل يوما إنه متفرج، فقط، وذلك ليس من النباهة في شيء لأن ما يقوم به الأردن بكل مؤسساته لا يهدف إلا إلى أمر واحد، هو الحفاظ على أمن واستقرار المملكة وأهلها حتى لا يلحق بهم مصير الأشقاء السوريين من تشريد وقتل وتعذيب"، تقول غنيمات.
أما الكاتب صالح القلاب، الذي يصف تصريحات الأسد بـ"تطاوُل"، فيؤكد على أهمية أن يكون الرد الأردني عليها بما يفهمه... وما يفهمه هو أن «الرطل» يجب أن يقابله رطل ونصف وهو يجب تحويل ما يدعيه و»يتهمنا» به إلى حقائق.
ويضيف القلاب "إنه لا ضرورة للرد على بشار الأسد لا بالتي هي أحسن ولا بالتي هي الأسوأ فقرار سوريا قد خرج من يده وأصبح في أيدي الروس والإيرانيين منذ خمسة أعوام وأكثر ولذلك يجب إفهام المعنيين في طهران وموسكو أن تطاول هذا «الأرعن» الذي أوصل بلده إلى كل هذه الأوضاع المأساوية التي وصلت إليها هما المسؤولان عنه".
ويلفت الكاتب إلى أن الأسد قد هدد ومنذ البدايات أنَّ ما يجري في سوريا سوف ينتقل إلى الأردن وبالطبع فإننا قد سمعنا هذه التهديدات من حسن نصر الله... ولذلك فإنه كان لا بد من أن نبادر إلى إغلاق هذه النوافذ التي تهب منها على بلدنا كل هذه الرياح العاتية.
الكاتب عمر عياصرة، يذهب إلى أن الرئيس السوري يعيش مرحلة قلق وانفعال مختلفتين عن كل الأوقات العصيبة التي مرت عليه منذ بدء الازمة السورية، وفقدانه السيطرة على حكم بلده.
و"اتهامات الدولة والأرض والتبعية لأميركا، لو قالها شخص غير الأسد كنا ناقشناها تحت عناوين من السيادة التي لم تعد مطلقة في كل دول العالم بلا استثناء.. لكنها حين تأتي من رئيس دولة لا يسيطر على ربع أراضي بلده، شرد الملايين من السوريين، وترك الجغرافيا للمتطرفين، واحتمى «بروسيا وايران»، وملكهم قرار نفسه، فلا يحق له ان يتحدث عن السيادة والأرض والدولة".
أما رد الحكومة على تصريحات الأسد فكان، بحسب عياصرة، خجولًا، وله ما يبرره، حيث الأردن معني بضبط انفعالاته، وعدم إنشاء حالة من التناسل لعداواته.
فيما يعقد الكاتب جمال الشواهين، مقاربة بين نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بمناسبة مرور مائتي يوم على تشكيل الحكومة، وتصريحات نسبت الأسد.
ويوضح الشواهين أن الربط بين سؤال مركز الدراسات وتصريحات الأسد، ورد الناطق الرسمي ليس سهلا رغم التشابك في موضوع واحد، فسؤال المركز فيه استطلاع وتصريحات الأسد تتحدث عن معلومات، ورد المومني تحكمه الاعتبارات السياسية، وليس التطورات المحتملة.
فـ"لم يعد خافيا أن ما يجري في سورية بات محكوما بالاعتبارات الأمريكية الجديدة، وعليه لا بد أن يكون هناك انتقالات ليست كتلك التي حكمت إدارة اوباما، وهنا تماما لا يعود غريبا التدخل العسكري الأمريكي المباشر، وإلى جانبه الدول الحليفة، وربما هنا يكمن سر التقارب السعودي الأمريكي الذي فاق حد الغزل".
وينتهي الكاتب إلى القول "ليست سورية وحدها المهمة، فهناك اليمن والعراق، وفوقهم ملف كوريا الشمالية، وكلها مع غيرها ستبقي الاحتمالات مفتوحة".