باللعب، والرسم، والدمى، مبادرة تكشف تعرض أطفال إلى إساءة جنسية
حالة من الهلع أصابت أم أحمد عند مشاهدة طفلها ذي الـ 3 أعوام، أثناء تعرضه لتحرش جنسي من قبل أحد أقربائه الذي يكبره بعام واحد فقط، لتقوم دون وعي، بسحبه وهو يبكي خوفا، بعد أن اختلى به قريبه في إحدى غرف منزله، ملتزمة الصمت.
أم أحمد واحدة من بين العديد من الأمهات اللواتي قد يتعرض أحد أطفالهن لإساءة جنسية، دون أن تكشف عن تفاصيل الحادثة خشية "الفضيحة"، وعدم تفتيح عيون الأطفال على مسائل تعتبر من المحرمات الاجتماعية، متجاهلين بذلك الحالة النفسية التي قد تصيب المعتدى عليه.
أما نور سكجها، فقد دفعها الاعتداء على طفلها ذي الـ 5 أعوام، من قبل أحد زملائه داخل أسوار المدرسة، إلى تأسيس مبادرة لحماية الأطفال من مثل تلك الاعتداءات، خاصة بعد تجاهل إدارة المدرسة التعامل مع الحادثة، بحجة عدم السماح للحديث مع الأطفال بالمواضيع الجنسية.
وتعمل سكجها ضمن مبادرة "فتحولي عيوني" منذ عام، على تنظيم جلسات توعوية للأطفال والأمهات والمعلمات، بطرق غير تقليدية لتجنب تعرض الأطفال للتحرش الجنسي، في ظل افتقار الجهات الرسمية الى احصاءات دقيقة تشير الى حجم تلك القضية نتيجة عدم التبليغ عنها.
باستخدام اللعب، ودمى اليد، وقراءة القصص، والرسم، تكشف سكجها عن حالات تعرض فيها أطفال من عمر مبكر الى الاساءة الجنسية، اضافة الى تعليمهم كيفية التبليغ عن أي اساءة قد يتعرضون لها للأشخاص يثقون بهم.
وتنصح سكجها الأهالي، بضرورة الاجابة على أسئلة أطفالهم حول المفاهيم الجنسية، كي لا يذهب الى مصادر اخرى وبالتالي يحصل على معلومات خاطئة قد تؤذيه.
فلا تزال تواجه سكجها العديد من المعيقات التي تقف أمام تفعيل المبادرة، وذلك بعدم تعاون المدارس واهالي الطلبة ممن يرفضون الحديث عن الإساءات الجنسية لحساسيتها.
تشير الدراسات الاجتماعية التي قامت بها منظمة اليونيسكو عام 2007 الى أن التربية الجنسية تؤدي إلى تأخير ظهور السلوك الجنسي عند الأطفال واتسامه بمزيد من المسؤولية.
اخصائية الطفولة المبكرة ناريمان عريقات تؤكد على أهمية توعية الأطفال بظروف التحرش الجنسي، خاصة وان الاطفال من عمر 3 سنوات تزيد لديهم الرغبة باكتشاف أجسادهم.
وذلك بتعليمهم بان لديهم أماكن خاصة في اجسادهم، ولا يسمح بالكشف عنها خارج المنزل او امام اشخاص غير موثوق بهم، باستثناء والديه، بالإضافة إلى عدم لمسها أي شخص حتى لو كان من المقربين.
ولتشجيع الأطفال على تبليغ اهاليهم في حال تعرضهم الى الاساءة الجنسية، ضرورة العمل على بناء الثقة والأمان بين الأبناء وذويهم، وعدم استخدام الضرب كوسيلة للتربية الأطفال، كي لا تأتي بنتيجة عكسية بحسب عريقات.
ومن بين الأمور الهامة التي يجب على الأهالي معرفتها في حال تعرض أحد ابنائهم الى اساءة جنسية، توضح عريقات، اصابته بالعزلة، أو الرفض، وعدم تقبل الاخرين، والخوف، وربما بعض الالام في منطقته الخاصة، او قيامه بسلوك جنسي غير مقبول.
هذا وتسعى العديد من المبادرات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وجهات متخصصة من خلال عقد ورشات تدريبية لتوعية الاطفال وذويهم، لتجنب الاساءة الجنسية والتبليغ عنها إن وقعت، وسط دعوات بضرورة تكثيف وزارة التربية والتعليم جهودها بعمل برامج للوقاية من التحرش الجنسي.
وتنص المادة 34 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 على حماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال والانتهاكات الجنسية، من حيث أخذ التدابير المناسبة.