الموقف الرسمي من العدوان على غزة .. ليس بحجم الحدث

الموقف الرسمي من العدوان على غزة .. ليس بحجم الحدث
الرابط المختصر

يواجه الموقف الرسمي الأردني موجة نقد واسعة من قبل الناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي وخلال المسيرات التي تخرج للتضامن مع غزة.

المسيرات التي تخرج منددة بالعدوان الاسرائيلي الذي أسقط أكثر من 370 شهيد فلسطيني غالبيتهم من الأطفال، وحرجى فاق عددهم الـ2600، تتعالى فيها هتافات "ليش بتحمي اسرائيل؟" في سؤال موجه للنظام الأردني بالاضافة الى هتافات تتهمه بـ "الخيانة والعمالة".

الأردن وعلى لسان وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني أكد بأنه "ملتزم بالمبادرة المصرية، التي وصفت فاقدة للمعايير الوطنية التي يريدها الفلسطينييون، وتساوي بين الجلاد والضحية".

المومني اعتبر أن الموقف الرسمي تجاه العدوان الاسرائيلي على غزة "واضح ومشرف وقومي لا يقبل التشكيك ولا المزاودات لا من الداخل ولا من الخارج"، إلا أن الصحفي في صحيفة الغد جهاد المنسي "لا يلمس وجود أي موقف للجانب الرسمي الاردني".

ويرى المنسي أن الجهات الرسمية الاردنية "غائبة عن الحدث الغزّي ولم تحرك ساكناً الى الآن مكتفية بإصدار البيانات والتصريحات، دون الضغط على الجانب الاسرائيلي لوقف العدوان".

ويستشهد المنسي بأحداث سابقة كالعدوان على غزة عام 2008 أو 2012، لإيضاح عدم الجدية الاردنية للتعامل مع قضية غزة والشأن الفلسطيني.

"لا يوجد موقف حقيقي والموقف الرسمي مازال لا يعبر عن ارادة الشعب الاردني بكل مكوناته الذي طالب منذ البداية بطرد السفير الاسرائيلي وقطع العلاقات مع اسرائيل".

الفتور السياسي الذي تعيشه  الدبلوماسية الأردنية لا يقارن بموقف المملكة من عدوان  2008،  و يعلل محللون هذا الفتور لانحياز الأردن لما يسمى حلف "دول الاعتدال"  المعادي لحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين، وتنخرط المملكة بهذا الحلف لجانب (مصر والإمارات والمملكة العربية السعودية)، التي صنفت جماعة الإخوان المسلمين فيها كحركة "إرهابية"، وسط أنباء تناقلتها صحف عبرية بتنسيق مشترك مع دول كمصر والإمارات فيما يتعلق بالعدوان على غزة.

المحلل السياسي لبيب قمحاوي أبدى استياءه من الموقف الرسمي الاردني الذي وصفه بـ"المؤسف".

ويرفع قمحاوي من ضرورة القرب من القضية الفلسطينية كون ما يجري في فلسطين يؤثر على الاردن مباشرة وبشكل اكبر من أي دولة عربية اخرى.

وينتقد قمحاوي "محاولة التملص من اتخاذ موقف" ويصفها بـ"الأمر المعيب والمخجل خصوصاً أننا لا نتكلم عن قضية بعيدة عن الواقع العربي انما صلب القضية العربية".

ولا يجد قمحاوي أي عذر أو سبب واضح للعدوان على غزة، مبدياً عن خيبة أمل كبيرة من الدول العربية كاملة والاردن تحديدا كونها لم تتخذ مواقف حاسمة في هذا الاتجاه.

ورجّح قمحاوي من أن يكون القرار فيما يتعلق بالعدوان على غزة ليس بيد الأردن، مشيراً الى أن "القضايا الاساسية غالباً ما يختفي فيها التشدق بالسيادة لصالح الصمت والسكوت وهو ما يعني ضمنياً الموافقة على العدوان".

"لا ربط بين انشغال الاردن بالشؤون في الحدود الشمالية والشرقية والاوضاع في غزة وفلسطين، وهذا الحديث يمنح العدوان الاسرائيلي صك غفران بان هنالك جهات اكثر تطرفاً منهم" يقول قمحاوي.

الامين العام لحزب الوحدة الشعبية د. سعيد ذياب ينظر للموقف الرسمي الاردني بانه لم يكن على مستوى الجريمة والحرب التي تشن على الشعب الفلسطيني، وأن "جميع المواقف السياسية اقرب ما تكون الى رفع العتب".

ووفق ذياب فإن الاردن بمقدوره ان يكون اكثر فعالية كونه يمثل المجموعة العربية في مجلس الامن، ويجب ان يكون له دور قوي وواضح مع الشعب الفلسطيني والسعي من اجل توفير حماية دولية له.

ويشيد ذياب بالدور الطبي الذي تقدمه الاردن سواء بالمستشفى الميداني الاردني في غزة أو استقبال عدد ضئيل من الجرحى، إلا أنه لا يعتبره كافياً في وجه ماكينة القتل الاسرائيلية.

كما طالب ذياب الحركة الشعبية بالتحرك بشكل أكبر للعب دور بالضغط على الحكومات من اجل اخذ موقف ينسجم مع توجهاتها، مؤكداً أن الحراك الذي جرى في الاردن لا ينسجم حتى الآن وطبيعة التحدي الذي يواجهه الشعب الفلسطيني.

"يجب دعم صمود الشعب الفلسطيني لكسر المخطط الصهيوني والعدوان الذي يسعى الى خلخلة المقاومة" يقول ذياب.

الموقف الرسمي الأردني يلمح عبر تصريحاته أن دعم مصر ومبدارتها أولوية بدلاً من أن يكون وقف العدوان أو تحسين ظروف مدينة غزة المحاصرة منذ سنوات، كما يعتبر أن دعم مصر وقيادتها الجديدة يخدم الأمن القومي ويعيدها الى دورها الريادي في القضايا العربية، ولو كان هذا الدور على حساب إضعاف المقاومة.

كما يستمر الاردن بالعزف على نغمة السلام التي مازال الرئيس الفلسطيني محمود عباس متمسكاً بها، حيث اعتبر ان الضمانة لعدم تكرار العدوان هو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة عبر مفاوضات السلام، رغم محاولات الجانب الاسرائيلي كسر المصالحة الفلسطينية من خلال هذا العدوان، واستمرار شلال الدم الفلسطيني بالتدفق في غزة جراء القصف.