المسموح والممنوع في تعميم القوات المسلحة على الإعلام

المسموح والممنوع في تعميم القوات المسلحة على الإعلام
الرابط المختصر

يثير حظر هيئة الإعلام على الصحف اليومية والأسبوعية إذاعة أو نشر أو تداول أي من الأخبار أو المعلومات المتعلقة بشؤون القوات المسحلة ومنتسبيها، إلا بطلب مباشر وصريح من المسؤولين في القيادة العامة، العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التعميم وخصوصا في الوقت الراهن، ومدى قدرة هذا القرار على حجب أخبار القوات المسلحة عن الساحة الداخلية، وفيما إذا كان القرار يشمل المتابعة والتعليق الصحفي وغيرها.

 

هل يؤسس هذا التعميم لمرحلة قادمة تتعلق بالمشاركة الاردنية في التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الاسلامية"؟، وهل يأتي في محاولة لرد اعتبار القوات المسلحة بعد حادثة "ذهب عجلون" وتضارب التصريحات الرسمية التي أدت في النهاية الى صدور كم هائل من الاخبار المختلفة مس بعضها الجيش؟.

 

مدير تحرير الأخبار المحلية في صحيفة الرأي ركان السعايدة، يرى من جانبه، أن التطورات الإقليمية تلقي بظلالها على الوضع الداخلي، حيث لا يرغب مركز صنع القرار السياسي بتناول الإعلام لقضية المشاركة الاردنية في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصاً مع الحديث عن توسيع المشاركة أو تغيير نوعها لوجستياً، مؤكدا في الوقت ذاته على حق الجيش قانونياً بأن يكون في صورة أي شيء ينشر عنه كونه مؤسسة أمنية عسكرية لها طابع خاص.

 

ويعتبر السعايدة أن الحل في إنهاء تخوفات المؤسسة العسكرية من التهويل أو المبالغة في نقل الأخبار عبر الوسائل الإعلامية لا يكون بفرض قيود أكبر على الإعلام، وإنما بإصدار بيانات دورية وواضحة وإيجازات صحفية بشكل مستمر من قبل القوات المسلحة كما تفعل جيوش الدول الأخرى المشاركة بالتحالف.

 

ولا يستبعد السعايدة أن يكون هناك ملاحقة قانونية سريعة لجهات صحفية كنوع من توجيه "ضربة استباقية" من باب "ردع" المؤسسات الأخرى، على حد تعبيره.

 

 

التعميم يمتد ليمنع قبول إذاعة أو نشر أي من المقالات أو التعليقات "إلا في نطاق المعلومات والأخبار المنشورة بصورة مشروعة ودون المساس أو التعرض لهيبة وسمعة القوات المسلحة ومنتسبيها بأي صورة كانت.
أحكام المادة (3) من قانون حماية أسرار ووثائق الدولة هي إحدى المواد التي يستند إليها تعميم القوات المسلحة بتصنيف العمليات الحربية أو اجراءاتها على أنها سرية للغاية.

 

 

المحامي المختص في قضايا المطبوعات والنشر محمد قطيشات يرى أن التعميم "لم يأت بجديد، حيث أن قانون حماية  أسرار وثائق الدولة وضع حدودا لتصنيف الوثائق والمعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة وغيرها من أجهزة الدولة بدرجة سري وسري للغاية ومحدود، وبين ما يجوز وما لا يجوز نشره من الوثائق".

 

وتعزز المادة 19 من قانون القوات المسلحة السند القانوني لهذا التعميم، وهي التي تحظر نشر وتداول المعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة مثل تنظيم وحداتها وأعداد أفرادها وأسلحتها وغيرها إلا بموافقة رئيس هيئة الأركان.

كما اعتبرت هيئة الإعلام أن نشر الأخبار المتعلقة بالقوات المسلحة دون طلب مباشر وصريح من المصادر المسؤولة لدى القيادة العامة، مخالفا لأحكام المادة 5 من قانون المطبوعات التي تفرض على المطبوعة تحري الحقيقة والالتزام بالدقة والحيدة والموضوعية والامتناع عن نشر ما يتعارض مع مبادىء الحرية والمسؤولية الوطنية.

 

ويوضح قطيشات أن كل دول العالم تمنع نشر أي أسرار عسكرية تتعلق بتحركات الجيش والأسلحة والذخائر وكل ما يتعلق بخطط الجيش وتحركاته على الحدود، وتعتبرها معلومات سريّة.

 

بينما ينتقد قطيشات أن تحدد هيئة الإعلام ما فيه مساس لهيبة القوات المسلحة أو لا، مؤكداً أن ذلك من شأن القضاء وهو من يحق له أن يحدد ما فيه هيبة الدولة أم لا، كما يشير إلى المادة 191 من قانون العقوبات التي تعاقب على الذم إذا كان موجهاً للجيش.

 

تكتفي القوات المسلحة بنشر أخبارها عبر وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا"، وعبر موقعها الالكتروني، كما يستطيع الصحفيون التواصل مع مديرية التوجيه المعنوي للحصول على المعلومات المطلوبة، ولا يمنع التعميم على المؤسسات الصحفية إجراء متابعة  أو تعليق على الأخبار التي تنشرها القوات المسلحة، بحسب مصادر مطلعة لـ"عمان نت".

 

إلا أن رئيس هيئة الأركان المشتركة خرج عن هذه القاعدة في أول ظهور إعلامي للقيادة العسكرية خلال مؤتمر صحفي، تناول خلاله ملابسات تفكيك أجهزة التجسس الإسرائيلية أو ما عرف بـ"ذهب عجلون".

 

ولا يعتقد المحامي قطيشات أن التعميم الأخير قد يستطيع أن يضع الأخبار المتعلقة بالقوات المسلحة في دائرة العتمة، خصوصاً أن الأخبار تنتشر سريعا في عصر الثورة المعلوماتية والعولمة عبر الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة.

 

فيما يطالب المدير التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور بمراعاة الحق الأجدر بالرعاية وهو حق المعرفة للناس، مؤكداً أن لا أحد لديه نية في الأردن بالمس بالقوات المسلحة "فهي السياج الذي يحمي البلد".

 

ويشير منصور إلى أن التعميم لا يحصر الملاحقة بقانون المطبوعات والنشر أو قانون الإعلام المرئي والمسموع وهي القوانين الناظمة للعمل الإعلامي، وبالتالي "فقد عادت مجموعة القيود في عدد من القوانين التي تفرض قيداً إضافيا على حرية الإعلام".

 

ويتساءل إن كان يجب في كل خبر أخذ ترخيص حتى لو كانت أخبارا عادية، مشيرا إلى أن المعلومات التي تنشر عن القوات المسلحة ليست جميعها سرية، وليس كل المعلومات التي تنشر تهدف للنيل من القوات المسلحة.

 

وبغض النظر عن التغيرات التي قد تطرأ في الفترة القادمة في ظل الأوضاع الأمنية، إلا أن الباب يبقى مواربا أمام الحدود المسموح بها لنشر أخبار القوات المسلحة أو التعليق عليها، وصولا إلى كتابة هذا التقرير الذي لا علم لكاتبه إن كان يندرج في إطار المسموح من عدمه.

 

أضف تعليقك