المسحراتي ... "يا نايم وحد الدايم"
يشق صوت المسحراتي أبو صدام "40 عاما" سكون مدينة إربد شمالي الأردن فجراً في كل يوم خلال شهر رمضان، يلهج بصوت مرتفع برفقة إيقاع الطبل " يا نايم وحد الدايم ..يا عباد الله و حدوا الله ..أفلح من قال لا آله إلا الله... يا نايم وحد ربك خلي العالم تحبك .. يـا غافي وحّـد الله وحّد مولاك الي خلقك وما بنساك.. قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم.. اصحوا يابيت ابو.. ".
يقول أبو صدام إنه يمارس هذه المهنة منذ 20 عاماً، اذ يحمل ترخيصا رسميا من البلدية يجيز له ممارسة هذه المهنة التي يحبها .
ينتظر ابو صدام -الذي يعمل في الأعمال الحرة- شهر رمضان بفارغ الصبر كل عام ليدخل السرور والبهجة على قلوب الأهالي والأطفال الذي يتسمرون أمام النوافذ لرؤيته كل ليلة في الثانية والنصف صباحاً".
وعن الأجر الذي يتقاضاه المسحراتي يقول منهم من لا يتقاضى اجراً مادياً، وآخرون يتقاضون مبلغاً مالياً بسيطاً في أوّل أيام عيد الفطر السعيد من باب التبرع .
ويؤكد أبو صدام أن المسحراتي ضروري في رمضان كونه من طقوس الشهر الفضيل و"يعطي نكهة خاصة" رافضاً مقولة أن المسحراتي "انقرض", ومؤكداً وجود عشرات "المسحراتيه" في إربد وحدها .
وعن الادوات التي يستخدمها يقول انها تقتصر على طبل كبير من الجلد وعصا غليظة .
تاريخياً تطورت مهنة المسحراتي حتى وصلت الى شكلها الحالي بعد أن مرت بمراحل عديدة ففي عهد الرسول محمد كان المسلمون يعرفون وقت السحور بأذان الصحابي "بلال بن رباح"، ويعرفون الامتناع عن الطعام بأذان الصحابي "عبد الله ابن أم مكتوم".
ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية تعددت أساليب تنبيه الصائمين، حيث ابتكر المسلمون وسائل جديدة في الولايات الإسلامية من أجل التسحير.
وفي عصر الدولة الفاطمية أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي أمرا لجنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا على الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور، ومع مرور الأيام عين أولو الأمر رجل للقيام بمهمة المسحراتي كان ينادي: "يا أهل الله قوموا تسحروا"، ويدق على أبواب البيوت بعصاً كان يحملها في يده تطورت مع الأيام إلى طبلة يدق عليها دقات منتظمة.