المسحراتي.. مهنة موسمية من ايقاظ الناس لإلتقاط الصور
" يا صايم وحد الدايم رمضان كريم يا عباد الله وحدوا الله قد افلح من قال لا اله الا الله يا ابو محمد وحد ربك كل الناس بتحبك " تشق كلمات المسحراتي ابو صدام ليل الصائمين في مدينة إربد معلنا بدء موعد السحور في طقس يمارسه منذ 15 عشر عاما.
يجوب ابو صدام كل يوم شوارع مدينة التي يخدمها 65 مسحراتي يتقاسمون أحيائها، يقرعون الطبول بنغمات " تدخل السرور لقلب الصائمين" ، يحاول أبو صدام المحافظة على " إرث اجتماعي و طقس من طقوس شهر رمضان يواجه تحد كبير بالبقاء بعد انتشار الوسائل الحديثة كالهواتف الذكية و تغير نمط حياة الناس الذي يبقون مستيقضون حتى فترة السحور بسبب مشاهدة الفضائيات" كما يقول.
وعلى خلاف كل موسم نقل ابو صدام اسرار مهنته الموسمية الى ابنه ابراهيم، بعد ان بات يتثاقل من السير في شوارع مدينة اربد بسبب المرض و كبر السن، يقول المسحراتي الذي يحمل ترخيصا من السلطات الأردنية " ان العديد من العائلات تنتظر بفارغ الصبر المسحراتي من أجل التقاط الصور معه ونشرها على شبكات التواصل الإجتماعي، بعد ان اصبحت هذه المهنة من التراث اكثر من كونها وسيلة لمساعدة الناس على الإستيقاظ في موعد السحور".
يشعر الطفل إبراهيم بالفخر عندما يقرع الطبل ويلتف حوله الأطفال لإلتقاط الصور، والبعض منهم يحمل الطبل و يقوم بمهمة المسحراتي لبعض الوقت، يتعهد ابراهيم " بإكمال مسيرة والدهالمسحراتي مهما كانت وظيفته في المستقبل " معتبرا اياها " رسالة يجب ان تحمى من الإندثار لتبقى من طقوس الشهر الفضيل".
ولا تعتبر مهن المسحراتي في الأردن من المهن المنظمة ولا ترتبط باي وظيفة رسمية حيث يقومالمسحراتي بالحصول على ترخيص فقط من الحاكم الإداري خلال شهر رمضان وبعض لا يحمل تصريحا، الأمر الذي ادى " الى وجود خلاء على المهنة" كما يقول ابو صدام الذي لا ينكر ان " بعض الناس اصبحت تنزعج من صوت القرع" خصوصا اذا كان المسحراتي " عديم الخبرة" او " حديث على المهنة".
ابو محمد 53 عاما الذي اعتاد على قرع طبل ابي صدام كل موسم يرى في المسحراتي " طقسا مهما يعيد له ذكريات في السبعينات عندما كانت مهنة المسحراتي في أوجها" يستذكر ابو محمد ان العائلات كانت تكافئ للمسحراتي بأطباق من الطعام و حلويات العيد كنظير لجهده في مساعدتهم بالإستيقاظ على موعد السحور".
وزارة الأوقاف اعلنت مع بداية شهر رمضان ان مهنة المسحراتي " لا ترتبط بالوزارة ولا يوجد أي تعليمات خاصة لتنظيمها، وانما هي اجتهاد فردي من قبل بعض الأشخاص لكسب مبلغ من المال خلال الشهر الفضيل".
يؤكد ابو صدام انه " لا يجبر المواطنين على دفع مبالغ مالية مقابل خدمة ايقاظهم، انما يترك الأمر للتبرعات" فبعد نهاية شهر رمضان يقوم بطرق ابواب المواطنين الذين " يقدمون ما جادت به انفسهم" و يقدر المسحراتي قيمة المبلغ الذي يحصل عليه في كل موسم بـ 400 دنيار أردني ، يرى انها "لا تكفي لكن الحفاظ على هذه المهنة من الإندثار اهم من هذا المبلغ بكثير" حسب رأيه.
ولا تقتصر مهنة المسحراتي على مدينة اربد فقط، اذ لكل مدينة اردنية "مُسحريها" الخاصين خصوصا في الامكان الشعبية، حيث تقوم امانة عمان في العاصمة بمنح عشرات التراخيص في كل موسم "للمسحراتيه" للمحافظة على طقوس شهر رمضان.
ويعود تاريخ مهنة المسحراتي الى الدولة الفاطمية عندما أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي أمرا لجنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا على الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور، ومع مرور الأيام عين أولو الأمر رجل للقيام بمهمة المسحراتي كان ينادي: "يا أهل الله قوموا تسحروا"، ويدق على أبواب البيوت بعصاً كان يحملها في يده تطورت مع الأيام إلى طبلة يدق عليها دقات منتظمة.
بينما كان المسلمون يستيقظون على وقت السحور في عهد الرسول عليه الصلاة بأذان الصحابي "بلال بن رباح"، بينما يمتنعون عن الطعام بأذان الصحابي "عبد الله ابن أم مكتوم"