الكباريتي.. والمقاربة الاقتصادية السياسية
أثارت تصريحات رئيس مجلس إدارة البنك الأردني الكويتي، ورئيس الوزراء الأسبق عبد الكريم الكباريتي، موجة من التحليلات بين أعمدة الرأي والمقالات في الصحف اليومية، حول تقييم الوضع الاقتصادي المحلي، وعلاقات الأردن الإقليمية سياسيا.
رئيسة تحرير صحيفة الغد جمانة غنيمات، ترى في اجتماع الهيئة العامة للبنك الأردني الكويتي، تحولا إلى مناسبة سياسية، ينتظر المتابعون ما سيخرج عنها من تصريحات سياسية للكباريتي، حيث يبدو منبرا يكشف فيه عن تقييمه ورؤيته للوضع العام محليا، وارتباطه بالإقليم.
فقد "رجّح الكباريتي، وهو المقرب من مراكز قرار في منطقة الخليج العربي، أن "لا يكون الأردن على أولويات دول مجلس التعاون الخليجي"، وذلك بسبب الظروف التي تمر فيها البلدان الخليجية، ولاسيما "هبوط أسعار النفط وانشغال تلك الدول بأولوياتها المحلية".
وتشير غنيمات إلى أن تقديرات الكباريتي بعدم تجديد المنحة الخليجية للمملكة، خلافا للتصريحات الرسمية المحلية، تدفع إلى ضرورة الوقوف أمام واقعنا المالي الصعب، للتفكير في حلول بديلة.
"بالمحصلة؛ الاقتصادي السياسي عبدالكريم الكباريتي، يرى أن الظرف الاقتصادي المحلي استثنائي، ويحتاج بالتالي إلى رؤية استثنائية، تأخذ بعين الاعتبار أن كل ما يحيط بالأردن لا يساعده أبدا، في ظل المعطيات والسياسات الحالية، على الخروج من عنق الزجاجة"، تقول غنيمات.
ولا يستطيع أي سياسي أو محلل سياسي أو مالي أو اقتصادي، بحسب الكاتب جمال العلوي، أن يتجاهل ما يقوله الكباريتي والذي عادة ما يتناول قضايا مفصلية رغم أن اجتماع الهيئة العامة لـ"الأردني الكويتي" بحد ذاته هو اجتماع دوري وله أجندة محددة مسبقاً.
ويضيف العلوي أن كلام الكباريتي يكتسب بهذا التوقيت دلالات مهمة خاصة أنه يأتي في مرحلة تمر بها البلاد بحالة استعصاء سياسي وأزمة لها تداعيات قادمة.
فـ"حين يعلق الكباريتي جرس الانذار، حول احتمالات عدم تجديد المنحة الخليجية، لا بد أن نأخذ ما يقول على محمل الجد ونسعى لفهم الدلالات التي طرحها عن كون الأردن لم يعد في دائرة الاهتمام أو الأولويات الخليجية.
ويتساءل العلوي إنْ كانت استخلاصات الكباريتي عنوانا ًللمرحلة المقبلة وتحدد السقوف التي علينا أن نعي التعامل معها، فيما "يبقى السؤال المطروح بقوة هل يكون الكباريتي عنوانا للمرحلة المقبلة؟! وفق تصورات تعي ما يجري وتفهم قدرة الرجل على العمل وفق المتغيرات القادمة في المنطقة".
أما الكاتب باسم سكجها، فيقول إن الكباريتي قد شحن كلمته في اجتماع الهيئة بالتوقعات الجريئة، "التي تُثبت الأيام دقّتها"، مستذكرا قوله عن الأزمة الاقتصادية العالمية: إنّها تُغيّم في الغرب، ولكنّ المطر سيكون على منطقتناعلى شكل فقر وعنف وإرهاب، وقد كان ما كان.
ويضيف سكجها "كان أبو عون يدقّ ناقوس إنذار اقتصادي سياسي جديد، يتعلّق بعلاقات الأردن العربية، والخليجية على وجه الخصوص، فيتوقّع عدم تجديد المنحة التي سبق وأن حصلنا عليها، وقيمتها خمسة مليارات دينار، ويدعو إلى التعامل مع الواقع الجديد المتمثّل بوجود إيران على حدودنا الشمالية والشرقية، من خلال نفوذها في سورية والعراق".
كما يستعيد الكباريتي، وفقا لسكجها، الحقيقة التاريخية التي تُفيد بأنّ الأردن ظلّ محاطاً على الدوام بحزام ناري، ولكنّه يُقدّم بارقة أمل بأن تهدأ الأمور في سورية والعراق، ليأخذ الأردن حصّته من إعادة الإعمار، ومن الواضح أنّ الرجل يدعو الحكومات الأردنية ضمناً إلى تهيئة الأرضية اللازمة لهذا الأمر.
وينتهي الكاتب إلى القول إن "الكباريتي أستاذ في الاقتصاد السياسي، وتسمح له علاقاته الخليجية بالحصول على معلومات لا تتهيأ للكثيرين، ولهذا فأخذ كلامه على محمل الجدّ ضروريّ، وخصوصاً في مسألة التعامل مع التمدّد الإيراني الذي أصبح أمراً واقعاً لا يمكن زحزحته في المدى المنظور".