العمل الحزبي في الجامعات... "قمع ناعم"

العمل الحزبي في الجامعات... "قمع ناعم"
الرابط المختصر

 

"تلقيت تهديداً من هاتف عمادة الجامعة يحذرني به شخص مجهول، بأن أحافظ على مكرمتي الخاصة بأبناء العاملين لأنني كنت أمارس نشاطي بالتعريف عن الحزب الذي أنتمي له لطلاب الجامعة"، يقول عبد الرحمن (٢٠عاما) من الحزب الشيوعي أن ذلك حصل معه في نهاية العام الماضي أثناء توليه مهمة تشكيل مجموعات طلابية منتمية لحزبه والتعريف عنه في إطار جامعته.

 

أخبر عبد الرحمن إدارة الحزب الشيوعي بتلك المضايقة، فقدم الحزب شكواه على إدارة الجامعة لوزير التنمية السياسية، لتقدم بعد ذلك جامعة اليرموك اعتذاراً عما حصل مبررة موقفها بحدوث "اختراق" لهاتف عمادتها.

 

الشاب رشيد تم اعتقاله على عاتق الشرطة بعد أن وجدته يلصق منشورات ترفض رفع الأسعار باسم حزبه، واعتقل بتهمة عدم جواز الصاق المنشورات باسم أحزاب في الشوارع، وتم إخلاء سبيله بعد ساعتين على يد محاميه لعدم وجود نص يجرم ما قام به في القانون الأردني.

 

ديما خرابشة عضو مؤسس لشبكة الشباب الأردنين المدافعين عن حقوق الإنسان (دفاع)، توضح من خلال تقرير أنتجته الشبكة عام ٢٠١٣، أن التوجيهات الملكية لا تنفي واقع التضييق على الشباب السياسي والشباب الجامعي على وجهة الخصوص.

 

وقد جاءت التوجيهات الملكية أثناء خطاب الملك عبدلله الثاني من منبر الجامعة الأردنية عام ٢٠١٢، قال فيها "المواطن الأردني يجب أن يشارك مشاركة فعلية في العمل السياسي والحزبي، للوصول لمرحلة تشكيل الحكومات البرلمانية".

 

التقرير الذي أطلعتنا عليه الخرابشة والذي أجري على كل الجامعات الحكومية وبعض الجامعات الخاصة يوضح أن أكثر الجامعات التي يتواجد فيها الشباب السياسي برغم عمليات القمع هي "الجامعة الأردنية ثم الهاشمية فمؤتة، ويكثر فيها الاتجاهان السياسيان، الإسلامي واليساري".

 

وينتقد منسق حملة "ذبحتونا" وعضو حزب الوحدة فاخر دعاس الجامعات الأردنية بممارساتها المتناقضة فيما يتعلق بالخطاب الرسمي لها وتصادمه مع الواقع السلبي في تعاملها مع الانتماءات الحزبية للشباب الجامعي، متسائلا: "كيف تعقد الجامعة الأردنية ملتقيات تتحدث عن ضرورة المشاركة الشبابية في العمل الحزبي في حين أنها تمنع العمل الحزبي داخل حرمها".

 

يعتقد دعاس أنه بمنع الجامعات العمل الحزبي للطلاب "تشريعيا"، لن تستطيع الأحزاب العمل داخل الجامعات ولن تستطيع استقطاب الشباب لساحاتها.

 

دليل الطالب...يجرم العمل الحزبي

 

"دليل الطالب" في بعض الجامعات الأردنية يمنع ويجرم الانتماء الحزبي عبر مواد صريحة كالجامعة الهاشمية، "الإساءة إلى الوحدة الوطنية قولا وفعلا، أو المساس بمعتقدات البلد، أو الدعوة إلى التنظيم والعمل الحزبي داخل حرم الجامعة، أو إلى أفكار سياسة أو إقليمية أو الترويج لها". (المادة ٣_ ن \ بند تأديب الطلبة).

 

وتكتفي الجامعات الأخرى بتجريم "المشاركة في أي تنظيم داخل الجامعة وتوزيع النشرات أو إصدار الجرائد أو جمع التواقيع من غير إذن مسبق والحصول على موافقة الجهات المعنية في الجامعة"، فتترك بذلك الخيار لها لقبول التنظيمات والممارسات المتعلقة بالشأن السياسي من عدمه.

 

يرى وزير التنمية السياسية خالد الكلالدة بأن أفضل طريقة لإدخال الممارسات الحزبية في الجامعات أن يطالب الطلاب بتغيير القوانين والأنظمة الداخلية للجامعة بطريقة شرعية عبر اتحادات الطلبة التي يتم انتخابها من الطلاب أنفسهم.

 

إن الخوف من الاعتقالات الأمنية هو أحد أهم الأسباب للابتعاد عن الأحزاب باعتقاد ٧٣.٣٪ من الشباب الأردني، بحسب دراسة أطلقها مركز الشرق والغرب عام ٢٠١٢، عن واقع المشاركة السياسية للشباب في الأردن.

 

وحسب نفس الدراسة فإن ٧٨.٣٪ من الشباب أيضا يعتقدون أن الخوف من عدم إتاحة فرص عمل للشباب المشاركين في الشأن السياسي معيقا أمام تمرسهم حزبيا.

 

مراجعة المخابرات ومنع السفر

 

معتز عضو في القطاع الشبابي لحزب الجبهة الإسلامية، منع من السفر إلى تركيا لإجراء مقابلة عمل قبل ثلاثة أشهر وتم حجز جواز سفره في المطار، أثناء ذلك تساءل عن سبب منعه فقيل له إنه إجراء روتيني، وسئل عن انتمائه السياسي ثم طُلب منه مراجعة دائرة المخابرات التي تمحورت أسئلتها حول انتمائه السياسي والحزبي، وفي نهاية المطاف منعته السلطات من السفر دون إبداء أسباب واضحة، رغم عدم تعرضه قضايا أمنية تمنعه من ذلك، بحسب ما يؤكد.

 

ذلك لم يكن الموقف الوحيد الذي حصل مع معتز  بسبب انتماءاته السياسية وإنما طال الأمر أخيه الأصغر، والذي تقدم قبل سنتين بطلب للعمل في الأمن العام ثم بُعثت له "موافقة بشريطة مراجعة أخيه الأكبر معتز دائرة المخابرات العامة"، رغم اجتيازه كل الشروط والفحوصات، وعندما راجع معتز الدائرة سُئل عن نشاطاته السياسية الجامعية وعن دوره في الانتخابات وعن الفريق الذي كان يعمل معه في الجامعة، وأسئلة أخرى حول نفس الموضوع، ولم يتم قبول أخيه للعمل.

 

ما حصل مع زيد حالة أخرى، فقد طرد من عمله بعد أن حصل صاحب العمل على معلومات تفيد بأنه ينتمي للحزب الشيوعي من خلال ادعائه بأنه يعمل لدى دائرة المخابرات العامة، واستغل عمله في الحصول على معلومات زيد وهدده بطرده في ما بعد إن لم يترك الحزب، لكن زيد لم يصمت لطرده وإنما عرض قضيته للقضاء وتمت محاكمة صاحب العمل لفصله التعسفي واستغلاله لعمله في دائرة المخابرات واتهم بالاعتداء على المواطنين ذوي الانتماءات السياسية.

 

تقول ديما خرابشة عضو شبكة دفاع أن أكثر الممارسات التي تتخذ بحق الشاب الحزبي أو السياسي المستقل هي الحرمان من شهادة "حسن السيرة والسلوك" التي تخدم في الالتحاق بالوظائف الحكومية وبعض الخاصة، والتي يتم الحصول عليها من دائرة المخابرات الأردنية، نظرا للعلاقة التاريخية بين الحزبيين والمخابرات الأردنية.

 

الحكومة.. قانون الأحزاب يمنع الاعتداء على المواطن بسبب انتمائه الحزبي

 

ولا يتفق وزير التنمية السياسية خالد الكلالدة مع الخرابشة بأنه يتم منع الشباب الحزبي من الحصول على شهادات حسن السيرة والسلوك، مؤكدا بأنه غير مسموح لأحد الاعتداء على المواطن بسبب انتمائه الحزبي ويستطيع المواطن معاقبة الجهات المعتدية عبر القانون.

 

ويعتقد الكلالدة أن المملكة  تتخذ الحيطة والحذر من خلال بعض الممارسات "الوقائية"، فمنع السفر لدول تعتبرها الدولة متنفذا للتنظيمات الإرهابية هو أمر وقائي بنظره، ويدعو الشباب الذي يعتقد أنه متضرر بالإبلاغ عن ذلك، مبديا استعداده لتبني الحالات المتضررة من الشباب السياسي، بحسب تصريحه.

 

وتمنع المادة (19) من قانون الأحزاب الأردني التعرض لأي مواطن بسبب انتمائه الحزبي، "لا يجوز التعرض لأي مواطن أو مساءلته أو محاسبته أو المساس بحقوقه الدستورية أو القانونية بسبب انتمائه الحزبي، ويعاقب كل من يخالف ذلك".

أضف تعليقك