العدوان على غزة: كسر عزلة الإخوان أم زيادة التأزيم ؟

 العدوان على غزة: كسر عزلة الإخوان أم زيادة التأزيم ؟
الرابط المختصر

ما إن بدأت منازل غزة باستقبال صواريخ العدوان الاسرائيلي مكرهة، حتى تحرّكت الحراكات الشعبية والوطنية في مختلف أنحاء المملكة للتضامن معها، وتصدّرت الحركة الاسلامية الفعاليات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني.

تحرّكٌ لا يقرأ بعيداً عن محاولات جماعة الاخوان المسلمين كسر العزلة التي قبعت فيها بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي وإعلان حظر الجماعة في دول الخليج ومصر، والتضييق الذي مورس عليها من قبل الجهات الرسمية الحكومية.

وعلى الرغم من الخلافات التي هزّت العلاقات بين الحركة الاسلامية وبقية القوى الشعبية على قضايا خارجية، إلا أن القوى اليسارية خرجت بمسيرات تضامنية مع غزة، الأمر الذي اعتبره وزير العلام السابق عبد الله أبو رمان "تمييزاً ما بين أهالي غزة والقتل بالجملة والترويع والجرائم التي ترتكبها ماكينة العنف الصهيونية وحماس والمواقف التي تورطت بها عربياً".

ويشير أبو رمان إلى وجود اتهامات توجه لحركة حماس بأنها تقصدت التصعيد لإعتبارات مختلفة، منها إعادة الحركة الإسلامية الى الواجهة.

وينتقد أبو رمان تورط حماس وتدخلها بأزمات بعض الدول العربية كسوريا ولبنان ومصر، لارتباطها المباشر وغير المفصول عن مواقف تنظيم جماعة الاخوان المسلمين العالمي.

ويؤكد أبو رمان أن الاخوان المسلمين في الأردن كانوا على تماس بالتنسيق مع حماس خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، تدخلت حماس إما بالتصعيد أو التهدئة.

ودعا أبو رمان المجتمع الدولي للتحرك حول ما يجري من إعتداء في غزة على المدنيين، مؤكداً أن اسرائيل تتعمد قصف المدنيين لوضع حماس في موقف محرج.

وحول وضع الجانب الاسرائيلي فاعتبر أبو رمان أنه مأزوم أكثر من حماس خلال هذه الفترة، قائلا أن "الحرب تعبر عن الأزمة الكبرى التي يعيشها الكيان الصهيوني في ظل الترتيبات الإقليمية الأخيرة التي كان واضحاً أن الكيان الصهيوني كان خارجها".

"حماس يجب أن تعيد النظر بمواقفها تجاه التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، حيث لم يكن هناك مصلحة لحماس بأن تخسر مصر أو سوريا بسبب موقف التنظيم العالمي للإخوان، خصوصاً أن بعض أخطاء حماس دفع ثمنها الشعب الفلسطيني" يقول أبو رمان.

ووفقاً لأبو رمان فقد تعرضت الجماعة الى حالة من الجمود والإرتباك وشعرت أنها بلا حلفاء خصوصاً بعد إعلان الإخوان المسلمين حركة محظورة في الخليج ومصر.

ويبين أبو رمان أن المشاعر الملتهبة والجياشة والصادقة من المواطنين تعتبرها الحركة فرصة للإستثمار، إلا أنه يعتبر أن قضية غزة أكبر من مكاسب تنظيمية وتكتيكية ويجب فصلها عن الحسابات السياسية في الساحة الأردنية.

ويوافقه بالرأي المحلل السياسي فهد الخيطان بأن الحركة الاسلامية في الأردن ستحاول أن توظف الحدث في غزة لإعادة بناء شعبيتها وحركتها بالشارع عن طريق الإعتصامات والمظاهرات، لكن المردود لهذه التطورات مؤقت ولا يستمر كثيراً.

واستبعد الخيطان أن تكون الأحداث في غزة مقدمة لإعادة إحياء دور الحركة الإسلامية في الحياة السياسية المصرية "في ظل حالة القمع التي يمارسها التظام المصري"، مشيراً الى أن النظام المصري يحجم عن التدخل السياسي في الأزمة ويأمل أن تخرج حماس ضعيفة أكثر من العدوان الاسرائيلي.

وفي الشأن السوري لا يعتقد الخيطان أن يكون هناك تطورات بإعادة العلاقة بين حماس وسورية، لكن قد تفتح حماس الباب للتواصل مع الجانب اللبناني من جهة المقاومة.

"الحدث في غزة مناسب للتوظيف من جميع الأطراف لكن لن يدوم ذلك طويلاً" يقول الخيطان، مقللاً من إمكانية حدوق فروقات كبيرة بالمواقف حول الجماعة.

وحسب الخيطان فإنه من غير المتوقع أن يكون هناك احتجاجات كبيرة وعارمة في الشارع الأردني إلا اذا استمر العدوان الاسرائيلي على غزة، حينها تستطيع الجماعة أن تبني حركة احتجاجية طويلة المدى في الشارع تعيد لها الزخم الجماهيري.

من جانبه قال القيادي في جماعة الأخوان المسلمين سالم الفلاحات أنه لا يوجد شيء اسمه استهزاء بحياة الشعوب حتى تخوض حماس مثل هذه المعركة للتفريج عن الأخوان المسلمين في العالم.

وأكد الفلاحات أن ما حدث من عدوان هو "جراء التصعيد والتأزيم ضمن الأحداث التي جرت منذ مقتل المستوطنين الثلاثة وتتابعها باستشهاد ابو خضير ثم مقتل ستة غزيين بقصف صواريخ صهيونية".

وأضاف الفلاحات أن الذي يجري في غزة "أمر طبيعي لكنة حيّر بعض الأنظمة العربية وأجهزة استخباراتها، حيث صنعت غزة من ضعفها قوة واستطاعت بإمكاناتها البسيطة أن تدافع عن أعراضها".

وأوضح الفلاحات أنه من واجب كل حركة سياسية وشخصية وطنية أن تنهض ببلدها سواء في ظل وجود عدوان أو من دون عدوان، رداً على الحديث عن استغلال قضية غزة لإعادة إحياء الحراك.

وبيّن الفلاحات أن المستفيد من سرقة الربيع العربي هو "اسرائيل"، فلو أن الشعوب العربية حرة وصاحبة سيادة لن تسكت على العدوان الاسرائيلي، حد قوله.

وتسعى حماس خلال هذه الفترة الى فرض هدنة مع الجانب الاسرائيلي بشروط جديدة تعيد حركة المعابر إلى غزة وتسمح لها بالتواصل مع العالم بعد إقصاء وعزل دام سنوات، هدنة جديدة تلقي بظلالها على اتفاق المصالحة الفلسطينية بتحسين الشروط المفروضة على حماس.

كما بعثت حماس برسائل تشير الى محاولات التهدئة مع الجانب المصري منها إهداء قصف قامت به قبل أيام الى "شهداء الجيش المصري"، إلا أنه من المستبعد أن تقوم السلطات المصرية بالتحرك الفعلي تجاه حماس طالما بقيت مرتبطة ولصيقة بالتنظيم العالمي للإخوان، في ظل دعوات حثيثة للفصل المواقفي.

ويندرج الموقف المصري على جميع دول "الاعتدال العربي" الواضح من خلال ردود الفعل العربية الباردة المتراخية السلبية ويأتي كذريعة للموقف من حركه حماس بعد قرار بعض الدول العربية باعتبار الحركة وجماعة الإخوان المسلمين جماعات ارهابية.