الشمس تضيء مخيّم الزعتري ليلاً ونهاراً!
أصبح الآن في إمكان السيّدة السوريّة أمّ خليل (45 عاماً) التي لجأت في عام 2012 إلى مخيّم الزعتري (85 كلم شمال شرق العاصمة الأردنيّة عمّان) التمتّع بالكهرباء طيلة 14 ساعة في كرفانها، بعدما تحوّل المخيّم إلى إنتاج الكهرباء من خلال الطاقة الشمسيّة، اعتباراً من 13 تشرين الثاني/نوفمبر الحاليّ. في السابق، عانت أمّ خليل إلى جانب 80 ألف لاجئ في الزعتري، من انقطاع الكهرباء التي كانت تصل إلى المخيّم عبر شبكة الكهرباء الأردنيّة لمدّة 6 ساعات فقط، الأمر الذي صعّب الحياة داخل المخيّم الصحراويّ. تقول أمّ خليل لـ"المونيتور": "كنّا نعاني، لا نستطيع حفظ الطعام في البرّادات، ولا تشغيل مراوح التبريد في الظهيرة، على الرغم من درجة الحرارة التي تصل إلى 40 درجة مئويّة في المخيّم، الحياة صعبة في ظلّ نقص التزويد بالكهرباء". أعلنت المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين خلال جولة للصحافيّين في مخيّم الزعتري في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، وشارك فيها "المونيتور"، عن بدء توليد الكهرباء داخل المخيّم من خلال محطّة للطاقة الشمسيّة تعدّ الأكبر على مستوى العالم داخل مخيّمات اللاجئين. تأتي المحطّة بتمويل من الحكومة الألمانيّة، من خلال بنك التنمية الألمانيّ KFW، حيث ستقوم محطّة الطاقة الشمسيّة والتي تبلغ قيمتها 15 مليون يورو، بتوفير الطاقة المتجدّدة والنظيفة إلى 80 ألف لاجئ سوريّ داخل المخيّم، وأيضاً إلى المناطق الحضريّة حول المخيّم. يقول المتحدّث الرسميّ باسم المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين في الأردن محمّد الحواري لـ"المونيتور": "ستسمح محطّة الطاقة الشمسيّة بقدرتها القصوى 12,9 ميغاواط للمفوّضيّة بزيادة ساعات توفير الكهرباء لمآوي اللاجئين حتّى 14 ساعة، ومن شأن هذه الساعات الإضافيّة أن تخفّف من الظروف المعيشيّة الصعبة للأسر في المخيّم وتحسّن مستوى سلامتهم وأمنهم، إضافة إلى إمكان تخزين الأغذية والسماح للأطفال بالقيام بواجباتهم المنزليّة". واستغرق العمل في المحطّة ما يقارب الـ6 أشهر، وبدأت أولى الأعمال الإنشائيّة في نيسان/أبريل الماضي، وانتهت في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، وساهم عمّال أردنيّون وسوريّون بتشييدها مقابل مردود ماليّ شهريّ، وقاموا بتركيب 40 ألف لوح شمسيّ. وحسب الحواري، "ستساعد محطّة الطاقة الشمسيّة المفوّضيّة على توفير ما يقارب الـ5 ملايين يورو سنويّاً من خلال فواتير الكهرباء التي تدفعها إلى شركة الكهرباء، وهو المبلغ الذي يمكن إعادة توجيهه لتوسيع الخدمات الحيويّة الأخرى لسكّان مخيّم الزعتري، ومن المتوقّع أن تستفيد المرافق الأخرى من الكهرباء المولّدة من المحطّة في المستقبل القريب مثل المستشفيات والمراكز المجتمعيّة ومكاتب المنظّمات الإنسانيّة العاملة في المخيّم". ويقول أبو سلام الهارب من الحرب في مدينة درعا السوريّة: "على الرغم من قساوة الحياة في المخيّم، إلّا أنّ توافر الكهرباء لساعات أطول سيخفّف من معاناة اللاجئين، ويحدّ من استغلال تجّار المولّدات الذين يتحكّمون بأسعارها والتي تتجاوز الـ300 دولار أحياناً، ممّا دفع لاجئين في أكثر من كرفان إلى الاشتراك في مولّد واحد لمحاولة توفير مادّة الديزل المرتفعة الثمن التي يعمل عليها المولّد". قالت السفيرة الألمانيّة لدى الأردن بيرجيتا سيفكر إبرل في مؤتمر صحافيّ إنّ "الطاقة المتجدّدة وكفاءة مخرجات الطاقة توفّر إمكانات كبيرة لتعزيز التعاون الثنائيّ بين الأردن وألمانيا". وأضافت أنّ الأردن وضع استراتيجيّة وطنيّة طموحة لتنويع مجالات قطاع الطاقة، وألمانيا حريصة على دعم خطط الأردن لتغطية 20% من حاجاتها من مصادر الطاقة المتجدّدة في حلول عام 2025". وحسب المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين، سوف تقلّل محطّة الطاقة الشمسيّة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 13 ألف طنّ سنويّاً. وبالاتّصال بالشبكة الوطنيّة، سوف تتماشى المحطّة مع استراتيجيّة الطاقة الوطنيّة في الأردن. يقول وزير الطاقة والثروة المعدنيّة الأردنيّة صالح الخرابشة لـ"المونيتور" إنّ "مشروع محطّة الطاقة الشمسيّة يتماشى مع استراتيجيّة الطاقة الأردنيّة التي تتّجه نحو الطاقة النظيفة، وتساهم هذه المحطّة في تخفيض فاتورة الكهرباء المرتفعة التي تقدّمها الحكومة الأردنيّة إلى اللاجئين، كما ستساعد على تحسين ظروف اللاجئين المعيشيّة إلى جانب تزويد القرى الأردنيّة المحيطة بالمخيّم بالكهرباء". وسبق مخيم مريجب الفهود للاجئين السوريين في منطقة الأزرق، الزعتري في استخدام الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، إذ افتتحت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في منتصف أبريل\نيسان الماضي، محطة للطاقة الشمسية في المخيم، بتمويل من المؤسسة السويدية " ايكيا "بقدرة طاقة 2 ميغاواط، تغطي احتياجات ـ 20,000 لاجئ سوري يعيشون في حوالي 5,000 مأوى، وتسمح محطة توليد الطاقة الشمسية للمفوضية بتوفير الكهرباء لسكان مخيم الأزرق من دون أي كلفة.ويوجد في الأردن 5 مخيّمات للسوريّين هي الزعتري في المفرق، الإماراتيّ-الأردنيّ مريجب الفهود، الأزرق، الحديقة، وسايبر سيتي في إربد. وافتتح مخيّم الزعتري أبوابه في 29 تمّوز/يوليو 2012 على مساحة 8500 دونم، لاستيعاب تدفّق اللاجئين الهاربين من الحرب في سوريا التي انطلقت شرارتها في عام 2011، واستضاف المخيّم في ذروته أكثر من 120 ألف لاجئ، انخفض عددهم إلى 80 ألفاً بعد عودة لاجئين إلى سوريا أو الهجرة إلى دول غريبّة، وتوزيع قسم منهم على مخيّمات أخرى في الأردن. *المونتيور