الجنوب السوري.. خاصرة الأردن الرخوة
يترقب الأردن بحذر وتيرة الأحداث في الجنوب السوري المتاخم للحدود الشمالية للمملكة، عقب إلقاء النظام السوري منشورات على مدينة درعا تطلب فيها من ما أسمتهم "المسلحين" الاستسلام أو الموت، قبل أن يأتي الرد أمريكيا الاحد الماضي، بتهديد واضح بعدم الاقتراب والمساس بمناطق خفض التوتر.
تهديد وجد صدى سريعا لدى النظام السوري، الذي أعلن على لسان القائم بأعمال السفارة السورية لدى الأردن أيمن علوش الأثنين، أن دمشق "ليست بحاجة لعملية عسكرية بالمناطق الجنوبية ضد المسلحين، مشيرا إلى أن "هناك إمكانية للخروج من الموقف عن طريق الحوار".
وقال علوش إن "من مصلحة الأردن استقرار الوضع في جنوب سوريا، مضيفا أنه وحسب الاتفاق الموقع بين روسيا والأردن إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه يسمح ببقاء جماعات مسلحة في مناطق خفض التوتر".
عمان التي هندست اتفاق خفض التوتر في الجنوب السوري، ضمن اتفاق ثلاثي (أمريكي، روسي، أردني) عام 2017، تضع الحفاظ على هذا الإتفاق على سلم أولوياتها في الملف السوري، تجنبا لحدود شمالية ملتهبة، وتجنبا للمزيد من اللجوء السوري.
وأعلنت المملكة صراحة على لسان وزير خارجيتها أيمن الصفدي نيسان الماضي، أن "الأردن معنية بالحفاظ على منطقة خفض التصعيد في الجنوب السوري كاولوية لحماية الشعب السوري ولحماية مصالحنا و حماية أمننا واستقرارنا".
ميدانيا، تأخذ فصائل المعارضة في الجنوب تهديدات النظام على محمل الجد، لكنها تستبعد شنه لحرب بالتعاون مع المليشيات الايرانية، بسبب القوى الدولية التي فرضت أمرا واقعا ومنطقة "ممنوع الاقتراب منها".
الناطق العسكري باسم "جيش الثورة" أبو بكر الحسن،يؤكد لـ"عربي21" أن "الوضع في الجنوب يتجه للاستقرار، لجملة من الأسباب الداخلية، فقد خبرت مليشيات الأسد وحلفائها ثبات مقاتلي الجيش الحر في الجنوب، كما حدث العام المنصرم خلال معركة الموت ولا المذلة، فهم مدركون تماما ان معركة حوران لن تكون نزهة ولن نفرط بشبر أرض واحد".
"إضافة لذلك العوامل الإقليمية والدولية تصب أيضا في نفس السياق فمصلحة كل من الأردن، واسرائيل ودول اقليمية أخرى في الحد من توسع مشروع طهران التوسعي ولديهم خطوطهم الحمراء الحقيقية وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية هي طرف ضامن الإتفاق وأظهر بيان الخارجية الأخير جديتها في هذا الإلتزام". على حد قوله
ويتفق معه قيادي عسكري في الجبهة الجنوبية، بأن "التهديدات الأمريكية الأخيرة، قلبت الموازين، والطاولة على النظام ودفعت روسيا والمليشيات الايرانية ماليا للتفكير جديا قبل الدخول الى الجنوب ومراجعة نفسها، بعد التصريحات التي تضمنت رسالة واضحة".
وهددت الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات "صارمة"بحق دمشق في حال انتهك نظام الرئيس بشار الأسد اتفاقاً لوقف إطلاق النار، وعبرت وزارة الخارجية الأميركية عن "قلقها" جراء التقارير عن عملية وشيكة للنظام في درعا، مشيرة إلى أن المنطقة المعنية تقع ضمن حدود منطقة خفض التوتر التي اتفقت عليها مع روسيا والأردن العام الماضي".
وتحسبا لأي عمل عسكري، أعلنت فصائل توحدها تحت مسمى "جيش الإنقاذ" في درعا والقنيطرة، تزامنا مع تهديدات النظام، وحول أهداف التوحد، يبين أبو الحسن أنه يأتي " باتجاه وحدة الصف، هو مطلب ثوري، وجماهيري؛ للتخلص من الفصائلية مما يعني زيادة صلابة الجبهة الداخلية، في حوران اليوم عدد أقل من الفصائل، وهذا العدد آخذ بالتناقص وهو مؤشر صحي باتجاه الوصول لقيادة واحدة".
المحلل العسكري والاستراتيجي العميد المنشق أحمد رحال، يقول لـ"عربي21" إن "قرار فتح معركة في الجنوب السوري، ليس قرارا بيد النظام بقدر ما هو بيد قاسم سليماني، والجانب الروسي، فإذا قرر الروس تحدي أمريكا وخوض معركة في الجنوب سيتم ذلك، إلا أن ما قد يجري هو تفاهمات حول ادارة المعبر مع الأردن بعيدا عن أي معارك".
ولم يستبعد المحلل وجود تفاهمات مستقبلية بين الأطراف الدولية في الجنوب السوري، تقضي بادارة المعابر من جميع الاطراف مع ضمان إقصاء المليشيات الايرانية، الا أنه يتساءل "هل يملك النظام القدرة على إبعاد هذه المليشيات؟".
وعبرت الأردن، وإسرائيل من قبلها عن تخوفاتهما من تمدد فصائل الحشد الشعبي، وفصائل ايرانية، داخل الجنوب السوري، وتخشى الأردن من اجتياح مليشيات مذهبية لمناطق خفض التصعيد وان تجد نفسها أمام حدود طويلة ترفرف عليها أعلام مذهبية.
ويصف الرئيس السابق للهيئة السورية للإعلام ابراهيم الجيباوي، منطقة الجنوب السوري بالمنطقة "المحظورة" والتي لن يسمح للنظام بدخولها أو بدخول المليشيات الشيعية.
ويقول الجيباوي، لـ"عربي21" إن "أمريكا التي رعت اتفاقية خفض التصعيد في الجنوب لن تسمح للنظام السوري بضرب هذه الاتفاقية بعرض الحائط، كما لا يمكن لروسيا أن تفعل ما يزعج أمريكا في هذه المنطقة، وفي حال تهور النظام وقرر خوض معركة سيذهب دون غطاء جوي روسي".
هذا وتتضمن اتفاقية خفض التصعيد وتضمنت الاتفاقية تأسيس مركز مراقبة في عمان واحتفاظ المعارضة بسلاحها الثقيل والخفيف، وتحديد خطوط القتال، وبدء تبادل تجاري مع مناطق النظام، وتشكيل مجلس محلي معارض، واحتمال عودة اللاجئين من الأردن أو نازحين قرب الحدود.
كما يشمل وقف إطلاق النار، ووقف تحليق الطيران العسكري، إلى جانب السماح بمرور المساعدات الإنسانية.