"الثلجة".. بين حرب المراصد والتهافت غير المبرر

"الثلجة".. بين حرب المراصد والتهافت غير المبرر
الرابط المختصر

مع امتداد تأثير المنخفض القطبي على المملكة، يتواصل الجدل حول كل ما رافقه، ليس بداية من الاختلافات بالقراءات والتوقعات الجوية، وليس انتهاء بعدم اتخاذ الحكومة قرارا بتعطيل المؤسسات الرسمية، وما شهده من تهافت وصف بغير المسبوق على مختلف المواد الغذائية والمحروقات.

 

وترى الكاتبة جمانة غنيمات، أن الحكومة كانت الجهة الرسمية الوحيدة التي كانت قادرة على قراءة توقعات الطقس بدقة، وذلك بعدم إعلان يوم الاثنين عطلة رسمية، رغم أن المبالغة في تلك التوقعات أدخلت الناس في "مزاج العطلة".

 

وتضيف غنيمات أن قرار رئيس الوزراء عبد الله النسور "الصحيح"، كان متباينا مع عمل كل المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها دائرة الأرصاد الجوية التي لم تُظهر توقعاتها للحالة نسبة معقولة من الدقة، إضافة إلى أداء التلفزيون الرسمي الذي ظل يعمل على مدار الساعة لكأن الثلوج ستتراكم لمستويات مخيفة أو تراكمت فعلا.

 

وعلى المقلب الآخر، لم تكن تنبؤات المؤسسات الخاصة ذات العلاقة بتلك الدقة أيضاً؛ ما أدى إلى تعقيد الأمور، وإرباك المؤسسات والأفراد على حد سواء، حتى صار سؤال المليون عند الأردنيين: أين الثلج؟، تكتب غنيمات.

 

وتشير إلى أن المؤسسات المعنية دخلت في منافسة غير مهنية، ليغدو هدفها أقرب للسعي إلى تكسير بعضها بعضاً، وليس تقديم قراءة أقرب للواقع، مع تضمين عبارات لا علاقة لها بالطقس والمنخفض، فيما يمكن تسميته "حرب تصريحات".

 

ويعقد الكاتب عمر كلاب، مشابهة بين ما يدور على الخرائط الجوية وتنقله ألسنة المتنبئين الجويين، وحرب الخرائط السياسية وألسنة المحللين السياسيين الذين ينشطون في رسم الخرائط الجديدة للمنطقة، حيث يفضي كلاهما إلى ملامح "حرب أهلية" مستعرة حسب السلوك الشعبي الذي داهم بغزارة فاقت غزارة الأمطار كل محلات البيع والمخابز.

 

ويذهب كلاب إلى أن أحدا لم يقرأ السلوك الشعبي وهواجسه ومدى الرعب الساكن في أعماق الناس، بدليل خشيتهم من ثلجة أو أمطار غزيرة أو سقوط نيزك أو تشقق سطح منزل.

 

فـ"الحرب الدائرة بين مواقع الطقس على الخرائط الجوية، تشابه وتحاكي الحروب الدائرة على الأرض فكل جنرال ثلجي يتحفنا بخرائطه وقواطع الحروب وآلية هجوم المنخفضات.. وفي كل مرة نكتشف أن حربنا الوهمية انتهت إلى  نكسة أو نكبة اقتصادية على ميزانية العائلة".

 

ويؤكد الكاتب على الحاجة لراصد اجتماعي وقارئ خرائط شعبي، يقول بالضبط أسباب الهلع الشعبي وأسباب الخوف في بلد علاقته مع الثلوج والمنخفضات الجوية علاقة حميمة أقرب إلى علاقة العشق مع الكوانين.

 

ويستعرض الكاتب محمد سويدان، جانبا من ممارسات بعض المواطنين الخاطئة خلال المنخفض، كالتهافت غير المبرر على مختلف المواد الغذائية المتنوعة، وخروج عدد منهم بسياراتهم التي قد تتعطل في الطرق بسبب تراكم الثلوج، رغم كل التحذيرات  من ضرورة توخي الحيطة والحذر، وبضرورة عدم الارتباك، وعدم تخزين المواد الغذائية والخبز، وعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى.

 

ويتساءل سويدان عن أسباب تجاهل مواطنين للتحذيرات المختلفة، رغم أن هدفها حماية حياتهم وعدم تعريضها للمخاطر، ومنع حدوث إرباكات من أي نوع كان، مؤكدا أن استمرار تجاهل التحذيرات من قبل البعض يتطلب التعامل بطريقة مختلفة مع أولئك الذين يتعمدون عن سبق وإصرار ارتكاب المخالفات، وتجاهل القوانين والأنظمة، وممارسة ما يعرض الآخرين وحياتهم للخطر.

 

أما الكاتب رمزي الغزوي، فيستذكر "بوصلة الغريزة" التي كنا نتنبأ من خلالها حالة الطقس وطبيعة الغيوم في السماء، قبل أن نعرف نشرات الأرصاد الجوية التي أربكتنا وشتتت أهواءنا، مستعرضا مسميات الغيوم وصنوف الثلج حسب كثافته.

 

ويروي الغزوي "في حضرة الثلج وأجوائه، كانت تشتعل المعارك نصف البرئية في الحارات، فنقفز فوق سواتر الخجل، ونلعب مع البنات ونرشقهن من فوق أسطح البيوت، بقنابل ثلجية تعج بالأمنيات والقُبلات، ووحدها البنت التي لم تقو على خجلها الناعس، لاذت خلف الشباك النصف المفتوح، وراحت تتلمظ على كرة ثلجٍ صائبة من ولدٍ عشَّش في البال منذ شتاء فات".