"البنية التحتية" في موازنة "الأمانة" مرفوضة من داخل السّور
في الوقت الذي تحتفي فيه أمانة عمان باستحداثها قاعدة مقابلة الإيرادات بتنفيذ المشروعات في موازنة عام 2015، وتأكيد أمين عمان عقل بلتاجي أن العام الجاري سيشهد وفرا ماليا غير مسبوق فيما يتعلق بمشروعات الأمانة، إلا أن أصوات معارضين من داخل السور انتقدت تدني مخصصات عدد من بنود الموازنة خاصة المتعلقة بالبنية التحية، رغم ارتفاع قيمتها مقارنة بالأعوام الماضية.
وتقدر مخصصات "أعمال البنية التحتية" الواردة ضمن النفقات الرأسمالية في الموازنة، بنحو 53 مليون و100 ألف دينار أردني، والمتمثلة بالفرشيات، الإسفلت، الأرصفة ، العبارات الصندوقية وغيرها.
وبالرغم من مطالبة نحو 17 عضوا، أي ما نسبته 42% من عدد الأعضاء، أمين العاصمة رفع حصة البنية التحتية إلى 70 مليون دينار، إضافة إلى مطالبات خلال جلسة مناقشة الموازنة بإيلاء أعمال البنية التحتية الأهمية العظمى، إلا أنه تم إقرارها بالأغلبية.
وتشكل المخصصات للبنية التحتية ما نسبته 12% من موازنة الأمانة المقدرة بـ 436 مليون و630 ألف دينار أردني.
واعتبر الأعضاء أن المخصصات الحالية للبنية التحتية لن تلبي احتياجات المواطن التي تعتبر الحاجة الأهم للمدينة، موضحين أن الموازنة لن تكون مجدية في حال لم تعطى الأولوية للخدمات التي تصب في تطوير كل ما هو متعلق بالبنية التحتية.
العضو المنتخب عن منطقة العبدلي المهندس مازن عطية أشار إلى أن المبلغ المرصود في الموازنة قليل جداً و لن يفي باحتياجات العاصمة، مؤكدا على ضرورة صرف المبالغ المخصصة للبنية التحتية بشكل كامل وتوزيعها بعدالة على كافة المناطق .
العضو المعين يوسف أبو غليون يوضح أن هذه المخصصات لا توازي المبالغ التي تستوفيها الأمانة من المواطنين، والمتمثلة بالضرائب والرسوم والمخالفات، والمقدرة بقيمة 288 مليون دينار، وهي إجمالي اللإيرادات الذاتية.
المحلل الاقتصادي مازن مرجي يبين لـ"عمان نت" أن هناك حاجة ماسة لتطوير البنى التحتية في العاصمة، مشيراً إلى أن تعبير بعض الأعضاء عن عدم رضاهم عن هذه المخصصات يمكن إرجاعه إلى حاجات خاصة بمناطقهم، مؤكداً أن موافقة غالبية أعضاء المجلس على الموازنة يشير إلى رضاهم عنها، وعن مخصصاتها المتعلقة بالبنية التحتية في ظل اطلاعهم على مخططات المدينة، وقدرتهم على تقدير احتياجاتها، حسب رأيه.
مؤلف كتاب "تخطيط مدينة عمان واقعه وشكله وآفاق تطويره" المهندس أنور مناصرة، يؤكد أن تطوير البنية التحتية في عمان يحتاج إلى التركيز على دور التخطيط الشامل للمدينة، والذي غُيّب مؤخراً، ما أسهم في ظهور خلل واضح على أرض الواقع، تمثل بعشوائية البناء، إضافة إلى وجود أكثر من جهة في الدولة تقوم بتقديم الخدمات المختلفة، مما أدى إلى ظهور عقبات ومشاكل في البنى التحتية، منوها إلى أن أمين عمان قد أشار لبعضها مؤخرا، ومنها عمليات الحفر والطمر التي تقوم بها عدة جهات مثل وزراة الأشغال وشركة الكهرباء، وشركة مياهنا.
كما يشكك مناصرة بكفاية مخصصات البنية التحتية المرصودة لهذا العام لدى مقابلتها بصورة منطقية بأسعار المتر المربع للإسفلت المقدر بـ 10 دنانير، و20 دينارا للمتر المربع للأرصفة، و1000 دينار للعبارات الصندوقية.
وتبلغ مساحة المدينة نحو 800 كم مربع، منها 40 مليون متر مربع من الإسفلت، ويتواجد فيها حوالي 5 مليون مواطن ووافد وزائر في ساعات الذروة، وحوالي مليون و600 ألف مركبة ووسيلة نقل.
نائب مدير المدينة للشؤون المالية سامر ياسين ينوه إلى أن البنية التحتية رصد لها أكبر مبلغ في مشروع الموازنة للعام الحالي، مقارنة بالأعوام السابقة.
وبلغت قيمة المبالغ المرصودة لأعمال البنية التحتية في العام الماضي 34 مليون دينار،وفي عام 2013 ،33 مليون دينار، وفي العام 2012،31 مليونا، وفي عام 2011، 27 مليونا و48 مليونا لعام 2010، بحسب ياسين.
وقد خصصت الأمانة في موازنتها نحو 177 مليون دينار كإجمالي للنفقات الجارية، والتي يندرج تحتها الرواتب والعلاوات بقيمة 126 مليون دينار، ونفقات تشغيلية بقيمة 23 مليون دينار.
وتقسم النفقات الرأسمالية إلى عدة بنود منها ما يتعلق بشكل مباشر بالبنية التحتية ومنها ما يصب في تطوير البنية التحتية بشكل غير مباشر.
وتشتمل النفقات الرأسمالية على إجمالي المشاريع الإنمائية والقروض، وتعويضات الاستملاكات، والمشاريع الممولة والمنحة الخليجية، بحسب مدير دائرة الموازنة في الأمانة المهندس حاتم العبادي.
وبين العبادي أن بند المشاريع الإنمائية المقدرة بـ 129 مليونا و 460 ألفا يندرج تحتها عدة بنود، منها ما يختص بالبنية التحتية بشكل مباشر وهي "أعمال البنية التحتية" إضافة إلى اخرى تتعلق بخدمة البنية التحتية مثل بند تحسين المرور والإنارة، والمشاريع البيئية، إنشاء الحدائق، وشراء الآليات وغيرها.
كما أن المشاريع الممولة مثل دراسات النقل والمرور، ومشروع الباص السريع الممول من الوكالة الفرنسية للإنماء بقيمة 27 مليون دينار، إضافة إلى دراسات واستشارات النقل العام الممولة من البنك الأوروبي، والوكالة الفرنسية بقيمة 500 ألف دينار، جميعها أعمال من شأنها تحسين وتطوير البنية التحتية للمدينة، كما يوجد 15 مليون دينار من المنحة الخليجية التي سينفذ من خلالها 3 تقاطعات العام الجاري، وهي تقاطع ألبا هاوس، خريبة السوق ، ومرج الحمام، بحسب العبادي.
كما اعتبر ياسين أن موازنة العام الحالي تعد إنجازاً لأمانة عمان، ليس لأنها حققت عجزا ماليا بقيمة صفر، بتجاوزها العجز المالي المتراكم منذ سنوات والذي بلغ في نهاية العام 2013 نحو 41 مليون دينار، بل لأنها استحدثت لأول مرة قاعدة مقابلة الإيرادات بتنفيذ المشروعات، المشروط بتحقيق بند من بنود الإيرادات الواردة، والذي سيكون تحصيلها شرطا لتنفيذه، ما يجعل أرقام الموازنة أقرب إلى الواقع والتنفيذ.
وفي ظل اعتماد الأمانة بنسبة 66% من إجمالي موازنتها على الإيرادات الذاتية، بإجمالي يبلغ 288 مليون دينار، فإنها أخذت بعين الاعتبار تطبيق آليات جديدة لتحصيل الديون المترتبة على المواطنين كالإعفاء من الغرامات المترتبة على تأخر دفع ضريبة الأبنية والمسقفات، وذلك لتشجيعهم على دفع الضرائب، إضافة إلى تطبيق آلية الدفع الإلكتروني عن طريق البنك، وتطبيق نظام "الشباك الواحد" في إدراة الترخيص لدفع مخالفات السير.
من جهته أكد مدير المدينة فوزي مسعد أن الأمانة تولي البنية التحتية والخدمات أهمية كبيرة، مشيراً إلى أن اأمين عمان عقل بلتاجي، بين خلال جلسة مناقشة الموازنة أن المبالغ المتوقع للأمانة الحصول عليها من عوائد مشاريع استثمارية "واردة ضمن الايرادات الذاتية" متوقعة، سيتم إضافتها لتطوير البنية التحتية.
وأضاف مسعد أن البند المتعلق بالنفقات الرأسمالية هو البند الوحيد المرن الذي يتأثر بحجم الإيراد.
في ظل تصريح أمين عمان عقل بلتاجي أن البنية التحتية لم تؤسس لهذا الكم من الكثافة السكانية، وتحتاج لنحو مليار دينار لتطويرها بمدة تتراوح من سبع إلى عشر سنوات، يظل موقف الأمانة من تحسين البنية التحتية، محل رهان لدى البعض، ومحل تشكيك لدى البعض الآخر، وخصوصا أن المبالغ المرصودة للبنية التحتية وعلى مدى السنوات العشر القادمة لن تصل مجتمعة إلى المليار المطلوب، في حال حافظت على مقدارها الحالي.